«الدراما في حاجة إلى لاعبي وسط وهجوم، ودوماً كنت لاعب الوسط والقصبي الهجوم!».هكذا أفصح الفنان السعودي الكبير عبدالله السدحان عن معادلة النجاح الكبير، الذي حققه الثنائي المتميز الذي شكّله مع زميله الفنان ناصر القصبي، والذي حفر لنفسه على مدار مسيرة فاقت ثلاثين عاماً اسماً متميزاً في الساحة الخليجية.وفي حواره لـ «الراي»، لم يتوقف السدحان الذي زار الكويت اخيرا لإنهاء عدد من المشاريع، فقط عند وصفه النجاح، بل تطرق إلى سر انفصال الثنائي المتميز الذي أسعد الجمهور الخليجي والعربي طويلا، مشددا على أن خلافه مع رفيق دربه ناصر القصبي ليس شخصياً بل فني، ومؤكداً أن القصبي ما زال أخاً عزيزاً وغالياً.ولفت السدحان إلى أنه يحرص على زيارة الكويت بين الحين والآخر، مفصحاً عن جديده من الأعمال الفنية التي يحضّر لها ومنها «مستر كاش»، الذي وصفه بالمختلف عن «طاش ما طاش» ومن الظلم مقارنته به، بعدما وصف «طاش ما طاش» بالعمل الفريد من نوعه والذي يمكن تكراره في حال توافر شروط معينة، ومشيراً إلى أنه وزميله ناصر القصبي بدآه من الصفر حتى حققا من خلاله كل ذلك النجاح على مدى ثلاثين عاماً.السدحان أكد أن الدراما بحاجة دوماً إلى لاعبي وسط وهجوم لتحقيق النجاح، وهو ما كان متوافراً في «طاش ما طاش»، حيث جسّد القصبي دور لاعب الهجوم وهو لاعب الوسط الذي قدّم العديد من التنازلات التي تصبّ في مصلحة العمل، كما أشار إلى أن الكوميديا لا تعني الكلام فقط، فمن خلال إيماءة معينة قد يتمكن الفنان من إيصال المعنى المطلوب وهو ما يُعرف بلغة الجسد، كاشفاً خلال الحوار عن الصدمة التي انتابته عند تلقيه خبر توقّف «طاش ما طاش»، مسنداً الأسباب إلى استقرار القصبي في الفترة الأخيرة في دبي، وشراكته في بعض الأعمال مع «mbc»، وتحدث عن أمور اخرى عديدة، منها رأيه في دور القصبي في مسلسل «أبو الملايين»، وعدم رؤية نفسه كعضو في لجان تحكيم برامج المواهب الحالية وغيرها من القضايا، وفي ما يلي التفاصيل.• في البداية نود التعرف هل زيارتك للكويت كانت من أجل عمل معين؟- هناك عدد من المشاريع التي دفعتني لزيارة الكويت، إضافة لذلك فأنا حريص كثيراً على التواجد في الكويت بين الحين والآخر لحبّي لها، سواء كنت مرتبطاً بأعمال أم لا، وقد تكون تلك الزيارات أحيانا بشكل سرّي بحيث لا يعلم عنها أحد، وقد يتم كشفها من بعض الأصدقاء.• وما هو الجديد الفني الذي تحضّر له؟- على الرغم من أن القنوات الفضائية لم يعد عطاؤها مثل السابق، إلاّ أنني أحضِّر لأكثر من عمل، منها المسلسل الكوميدي الاجتماعي «مستر كاش» الذي كُتِب عن طريق ورشة نصّ، وسيضم نخبة من نجوم الساحة الخليجية، وكذلك هناك مسلسل تراثي تدور أحداثه في فترة الستينات والسبعينات عنوانه «السربيل»، وكان من المفترض تقديمه في الفترة الماضية لكن ظروف ما منعت ذلك، لكن انتهيت من تجهيز النصّ الذي فرض علينا أسماء لفنانين كبار على رأسهم الفنان سعد الفرج.• هل تتوقع أن يحقق «مستر كاش» نفس الصدى الذي حققه «طاش ما طاش»؟- «طاش ما طاش» مسلسل حقق أصداء ليست بسهلة كما فعل «درب الزلق»، حيث ستمر لأكثر من ثلاثين عاماً، طارحاً العديد من القضايا الجريئة جداً، وحاصداً جماهيرية واسعة على مستوى الخليج والوطن العربي، وأذكر أنه في الجزأين السابع والثامن حرص تلفزيون الكويت على شراء المسلسل، والمفارقة كانت أنه عندما تم عرضه على شاشته حذف منه بعض المشاهد رقابياً لجرأتها، في الوقت الذي كان يتم عرضها دون حذف على شاشة التلفزيون السعودي، لذلك من الصعب مقارنة عمل يتكون من جزء واحد بعمل مثل «طاش ما طاش».• إذاً أفهم من كلامك أن «طاش ما طاش» حالة نادرة، وأن من الصعب تكراره؟- نعم هو حالة نادرة مع هذا بالامكان أن يتكرر مثله. والمشكلة تكمن في القناة التي تتبنى مثل هذا العمل، مع امتلاكها سقفا رقابيا واسعا حتى يتسنّى للفنان الابداع.• ألا ترى أن مسلسل «واي فاي» قريب من «طاش ما طاش»؟- لا يوجد أي وجه مقارنة بينهما، و«واي فاي» بعيد تماماً عن «طاش ما طاش»، ومن وجهة نظري أرى أن «واي فاي» عمل استعراضي أكثر مما هو درامي.• هل الكوميديا في «طاش ما طاش» كانت مصطنعة؟- في «طاش ما طاش» كان اعتمادنا على كوميديا الموقف أكثر من كوميديا الهرج والكلام، ومن خلال متابعتي للعديد من الأعمال التي تعرض في الآونة الأخيرة لاحظت أن كثرة الكلام أخذ يغلب عليها من الكوميديا الحقيقية، فتحولت من عمل درامي مميز إلى أعمال تميل للتهريج.• التوليفة والتجانس الذي كان يجمعك مع زميلك الفنان ناصر القصبي، هل يمكن وصفه بسرّ نجاح «طاش ما طاش»؟- أكيد طبعاً هناك تناغم وتفاهم بيننا، كما أنني دوماً كنت أسمع مقولة ان الدراما بحاجة إلى تواجد لاعبي وسط وهجوم - لو قسناها على لعبة كرة القدم-، لأنه لو تواجد مهاجمان اثنان فالعمل حينها لن يوفّق، أمّا في حال وجود لاعب الوسط مع مهاجم فذلك من شأنه أن يعطي إبهاراً للعمل، وفي ظلّ وجودي مع «بو راكان» كنّا نمثّل المحورين، وكنت أنا لاعب الوسط وهو الهجوم.• هل كان يضايقك أن تكون لاعب وسط على حدّ تعبيرك؟- كلا، لأنني كنت ألاحظ دوماً بأنه عندما يجتمع نجمان كوميديان مع بعضهما في مسلسل واحد فإنه يتعثّر، لأن أحدهما يجب عليه التنازل، لذلك في حال توافر لاعبي الوسط والهجوم والنصّ المكتوب بحرفية وصياغة صحيحة، حينها ستجد العمل ناجحاً.• هل لاعب الوسط مظلوم؟- يمكن القول بأنه يجب أن يتنازل عن أشياء معينة، وهي ميزة لا توجد في أي فنان في الوقت الحالي، وطبعاً هذا التنازل هو في مصلحة العمل كله، وبالتالي له تأثير على الجميع وليس بشكل فردي إذ انها تمنح نجومية للكل. ولو ضربنا المثل بمسلسل «طاش ما طاش» لرأينا أنه ضمّ كمّاً من النجوم الشباب الذين ملأوا اليوم الساحة الفنية، مثل فهد الحيان وعبدالله بوزيني، محمد الكنهل، محمدالعيسى، بشير الغنيم ويوسف الجراح، وصحيح أن أدوارهم كانت شبه محدودة لكن بفضل أدائهم والنص المكتوب وتنفيذ ما هو مطلوب، قدّموا الابداع والسلاسة. لكن عندما استقلّ الكثيرون منهم في أعمال فنية أخرى لم تكن موفقة، رغم أنهم كانوا نجوماً ولهم حضور مميز في «طاش ما طاش»، إذ أصبحت المنافسة بينهم على إلقاء النكتة فقط.• مَنْ مِن الفنانين في الوقت الراهن تراهم خليفة لكما أنت والقصبي؟- لا يوجد شيء اسمه خليفة، ففي بداياتنا لم نكن خليفة لأحد، لكن مع الاستمرارية والتجارب كوّنا ثنائياً جيّداً. وفي مجمل الأحوال طبعاً هناك مجموعة من الفنانين قد تتمكن من تكوين ثنائي كوميدي ناجح، وحتى يتمكنوا من هذا عليهم التحلّي بما مكتوب في النص وكوميديا الموقف، مع إضافة إبداعاتهم كممثلين، وهذه النصيحة هي نتاج خبرة 35 عاماً في المجال الفني.• هل دوماً تعتمد على الكلمة في الكوميديا أم تعتمد كذلك على لغة الجسد؟- الكوميديا لا تعني الكلام فقط، فمن خلال إيماءة معينة قد تتمكن من إيصال المعنى المطلوب وهو ما يُعرف بلغة الجسد، والممثل الناجح هو وحده من يستطيع إتقان هذه اللغة، لأنها دوماً تكون أفضل من الكلام.• ما مدى تأثير توقّف «طاش ما طاش» عليك بشكل شخصي؟- في الحقيقة جاء انسحاب زميلي ناصر القصبي مفاجأة وصدمة لي، فتخيّل مسار فنّي مدته 30 سنة بدأناه من الصفر، ثمّ حققنا به كلّ ذلك النجاح، بعدها أطالب بالتوقف!، على الرغم من أنه كان بامكانه الاستمرارية، مثلما سبق وقدمنا معاً مسلسل «كلنا عيال قرية» الذي حقق النجاح كذلك.• في اعتقادك... ما الأسباب الحقيقية وراء طلبه إنهاء «طاش ما طاش»؟- جاء قرار التوقف عندما ابتعد عن أجواء الرياض واستقراره في دبي، وهو الأمر الذي أثّر كثيراً على مجريات التصوير، ولا أخفيك أنني لاحظت أن الأمر بدأ بالتغيّر في الأجزاء الأخيرة من العمل، عندما كان يتعنّى القصبي مشقّة السفر في كلّ مرّة لانهاء التصوير ومن ثمّ العودة إلى دبي. كذلك من الأسباب ربما هي تشكيلة الشراكة في بعض الأعمال مع مجموعة «mbc» وهو أمر من حقّه، وشخصياً أتمنى له التوفيق في حياته المهنية والعملية.• هل ما زال هناك خلاف مع زميلك الفنان ناصر القصبي؟- خلافي معه ليس شخصياً بل فني فقط، وهو أخ عزيز وغالٍ.• وكيف تقيّم دور رفيق دربك في مسلسل «أبو الملايين»؟- لم أتواصل معه في ما يخصّ المسلسل، لكن الحقيقة ناصر كان من الممكن أن يطلّ على جمهوره بصورة أفضل من ذلك بكثير، كونه يمتلك اسماً كبيراً وخبرة طويلة، بينما النصّ لم يكن جيّداً. وهنا نعود إلى بداية حوارنا عندما ذكرت لك أن وجود مهاجمين اثنين دون لاعب وسط من شأنه إضاعة العمل كله، وهو ما حصل مع وجود الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا وناصر القصبي معاً.• القصبي خاض تجربة التحكيم في أحد برامج اكتشاف المواهب... ألم تفكر في خوض مثل تلك التجربة وما شروطك لخوضها؟- لا اعتراض على تواجده في لجنة التحكيم، لأن ناصر القصبي اسم كبير، وكل شركة منتجة تبحث عن مثيل له لترويج برنامجها. وشخصياً لو تلقيت عرضاً كعضو في لجنة حكم طبعاً لن أتواجد في برامج تخصّ الغناء لأنني لا أفقه فيه شيئاً، وبالتالي سوف أوافق على كل المتقدمين تلقائياً «وأنا مغمّض عيوني».• أين أنت من المسرح السعودي خصوصاً والخليجي عموماً ؟- لايوجد لدينا اليوم مسرح فعلي في السعودية كما كان في الماضي، عندما كنا نمتلك مسرحاً بسيطاً رغم افتقاده لآليات كثيرة في أواخر الثمانينات، ولكننا قدمنا من خلاله عدداً من المسرحيات الجماهيرية الحقيقية مثل «قطار الحظ»، «ثلاثي النكد»، و«تحت الكراسي»، وغيرها.• هل ما زلت تتابع الأعمال المسرحية؟- كنت متابعاً للمسرح في ما مضى، لكن اليوم لايوجد ما يسعد من المسرح كي أمنحه من وقتي وأتابعه. وما كان يشدّني هي الأعمال الكوميدية الاجتماعية النابعة من البيت، على خطى مسرحيتي «على هامان يا فرعون» و«دقّت الساعة».• بعد مسيرتك الفنية الطويلة... هل حققت طموحك؟- ما زلت أمتلك القدرة على العطاء ولديّ المزيد لأقدمه، لأجل المشاهد الذي وقف معي طوال ثلاثين عاماً، لكن تبقى المشكلة الأساسية تكمن في تواجد شركات الانتاج «المموّل»، التي تتبنى الأعمال دون البخل في الصرف، وأيضاً الممثلين وأجورهم الباهظة التي اختلفت عن الماضي.• ومتى يفكر عبدالله السدحان في الاعتزال؟- عندما تسوء صحتي وأصبح غير قادر على الاستمرار والعطاء، طبعاً حينها سأكون مجبراً على التوقف، كذلك قد تراني غير متواجد في الساحة الفنية في حال عدم تواجد النصّ المناسب.• هل يمكن أن تجامل على حساب الفن؟- من المستحيل أن أقوم بذلك، وتراني دوماً أحتد مع أصدقائي من أجل مصلحة الفن، وهذه هي مشكلتهم، لأنني أراهم كلهم بعين المشاهد، وجميعهم لديهم أخطاء.