شعوران تملّكا اللبنانيين أمس، بعد المؤتمر الصحافي لوزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي كشف فيه تفاصيل «الإنجاز الاستثنائي» الذي حققته شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، التي نجحت في أقلّ من 48 ساعة بـ «فك شيفرة» التفجير الانتحاري المزدوج، الذي ضرب محلة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية مساء الخميس الماضي، وتوقيف كامل أفراد الشبكة المخطِّطة.الشعور الأول عبّر عن ارتياح حيال الحرفية العالية للأجهزة الأمنية، ولا سيما شعبة المعلومات التي حسمت هوية «انتحارييْ البرج» وهما سوريّان، الاول عُرف اسمه كاملاً والثاني اسمه الاول حتى الساعة، وأوقفت كل أعضاء الشبكة المخطِّطة التي تضمّ 7 سوريين، اضافة الى لبنانييْن، احدهما الانتحاري الذي قُبض عليه في طرابلس (محلة القبة) ليل الاربعاء الماضي، حاملاً حزاماً ناسفاً كان يفترض ان يفجّره في محلة جبل محسن (العلوية) بالتزامن مع تفجير سيارة مفخخة، والثاني هو الذي هرّب الانتحاريين والموقوفين عبر الحدود اللبنانية - السورية وهو من البقاع الشمالي. كما حدّد مكان إقامة السوريين الموقوفين «الذين سكن جزء منهم في مخيم برج البراجنة والقسم الآخر في شقة في منطقة الاشرفية (المسيحية) كانت تُحضّر فيها الأحزمة الناسفة، وهي صناعة محلية».أما الشعور الثاني، فهو القلق من المخاطر الأمنيّة المتعاظمة التي تبدو البلاد مقبلة عليها، بعدما بات لبنان «في مواجهة الإرهاب وليس مكافِحاً له فحسب»، كما قال المشنوق، الذي أعلن ان التوقيفات وكشْف خيوط عملية برج البراجنة أظهرت ان «هناك قراراً كبيراً بالتفجير»، لافتاً الى «ان الشبكة كانت تنتظر خمسة انتحاريين، والانتحاري اللبناني (الموقوف) الذي تم تهريبه عبر الهرمل هو واحد من خمسة لم يصلوا جميعاً»، وموضحاً انه «حصل (عطل) باعتقال اللبناني (في القبة) وبعدم دخول العدد الكامل من الانتحاريين (اثنان لم يصلا)، وكان مخطَّطاً ان يقوم الخمسة بالعملية نفسها وفي نفس المواقع»، ومشيراً الى ان «الهدف الاساسي للشبكة كان مستشفى الرسول الأعظم (قريب من موقع التفجير الذي حصل) المليء بالجرحى والمدنيين، ولكن الإجراءات الأمنية امام المستشفى وفي محيطه دفعت الى تغيير الهدف والتوجه الى منطقة مكتظة عاينوها اولاً لتحديد ساعة الذروة بالاكتظاظ (برج البراجنة)».وكان بارزاً في كلام المشنوق، الذي حسم ارتباط الموقوف «ابراهيم.ج» في القبة بشبكة برج البراجنة، كاشفاً عن وجود لبناني ايضاً له علاقة بالشبكة وهو موقوف لدى جهاز الأمن العام، اعلانُه ان الموقوفين والانتحاريين مرتبطون بتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) وانهم عقدوا لقاءات مع شخص يدعى «ابو الوليد» في الرقة السورية.وما رفع من وتيرة المخاوف على المسار الأمني في لبنان، رغم انكشاف كل خيوط تفجير الضاحية وتحقيق أكثر من ضربة استباقية أمنية، كلام المشنوق عن تبلُّغه أن «الجيش اللبناني ضبط 10 سيارات مفخخة ودراجات نارية مفخخة في منطقة عرسال» البقاعية على الحدود اللبنانية السورية، لافتاً الى ان «مَن يخطط لعمليات كهذه لا تكون هذه اول مرة ولا آخر مرّة له».وفي حين اشار الى ان «مراجعة أقوال الموقوفين تُظهر انهم لا يملكون غير القدرة على القتل والانتقام»، قال: «هذا يعني انها ليست اول ولا آخر عملية»، محذراً الذين يسهّلون تهريب الانتحاريين الى لبنان لقاء مبلغ مالي من ان «مسؤوليتكم عن قتل اللبنانيين لا تقلّ عن مسؤولية الانتحاريين»، وموضحاً ان «كل التهريب الذي يحصل ليس هدفه انسانياً، فهؤلاء جزء من تنظيم وتخطيط ورغبة بقتل اللبنانيين تحت شعار مذهبي بغيض، وسبق وعانينا نفس الحالات في نفس المناطق بتهريب السيارات المفخخة والتي انفجرت بالرويس وغيرها، والآن تتكرر العملية بالأشخاص».ورداً على سؤال، لفت المشنوق الى الذي كان يجلس الى يمينه المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء إبرهيم بصبوص والى يساره رئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان، الا ان الانتحاري الذي اوقف في القبة «كان ليفجّر نفسه بالعناصر الأمنية الذين كانوا يحاولون القبض عليه لو لم يطرأ عطل فني على عتلة الحزام الناسف».وشدد على أنه «فخر لكل اللبنانيين أن استطاع جهاز أمني لبناني الكشف عن شبكة إرهابية خلال اقل من 48 ساعة من وقوع الجرية الارهابية»، معتبراً ان «الاحتراف والجدية والمتابعة هي التي جعلت شعبة المعلومات تحقق الانجاز الاستثنائي، وهذا يُطَمْئن جميع اللبنانيين من دون استثنئاء الى أن كل الاجهزة الامنية تعمل وفق أجندة وطنية من دون أن تأخذ في الاعتبار الطائفة أو المنطقة أو البيئة»، مؤكداً انه «انطلاقا من هذا الإنجاز لن نتوقف رغم التهديدات والايديولوجيا الكافرة عن ملاحقة الإرهاب والإرهابيين من أي جهة أتوا ولأي سبب من الأسباب. وقد أثبت اللبنانيون في كل الفترات أن ليس هناك بيئة حاضنة لهذا الإرهاب».وتوجه الى المسؤولين اللبنانيين بالقول: «لنهتم بالداخل اللبناني ونجد الحلول ليس لان لا احد يهتم بنا. لبنان ليس على الخريطة الدولية بل اليمن وسورية فقط، ويجب ان نعي هذا الواقع ونتصرف على اساسه لحماية اللبنانيين من هؤلاء التكفيريين المجرمين. لن تكون العملية الاولى ولن تكون الاخيرة، ولنا ثقة بكل القوى الامنية، والاستقرار السياسي السبيل الوحيد لتحقيق الامن في البلد، ونأمل أن يكون هذا الوجع بداية طيبة لكل القوى السياسية لاننا نبحث عن الاستقرار وحماية النظام واللبنانيين»، لافتاً الى انه «مضى سنة ونصف السنة من دون رئيس للجمهورية، والبلد لا يمشي من دون رئيس والنظام لا يعيش من دون رئيس، وعلى القوى السياسية مواكبة هذا الحدَث والاتجاه نحو التوافق السياسي».ولفت الى ان الكلام الذي قاله الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله «جدي ومسؤول باعتبار أن»الطائف«هو سقف كل اللقاءات والحوارات السياسية، مشيراً الى ان الرئيس سعد الحريري»تجاوب مع نصرالله وكان ايجابياً ووضع اولويات، وهي ليست للخلاف بل قابلة للنقاش والبحث من أجل الوصول الى مزيد من نقاط التلاقي».