قال رئيس جهاز الأمن الوطني الشيخ ثامر العلي اليوم إن حديث الولايات المتحدة عن استمرار الحرب ضد (داعش) أعواماً يثير القلق ويخلق حالة من الغموض، مؤكداً أن الدول العربية أمام تحديات تستهدف سيادتها ما يدعو الى التكاتف والتكامل عبر ركائز أساسية ثلاث أهمها «الإرادة السياسية القوية والصلبة». جاء ذلك في كلمة ألقاها الشيخ ثامر في افتتاح اعمال (منتدى عمان الأمني) الذي تستضيفه الجامعة الأردنية على مدى يومين وينظمه المعهد العربي لدراسات الامن بمشاركة مختصين في الشأن الأمني العالمي ومنهم مساعدة وزير الخارجية الامريكي روز غوتمولر والأمين العام المساعد لحلف شمال الأطلسي (ناتو) زورين دوكارو. وأضاف الشيخ ثامر ان ثاني ركيزة أساسية يحتاجها التكامل العربي هي «الشروط الموضوعية المتمثلة في التجانس العضوي في النظم السياسية والثقافة والنسيج الاجتماعي من جانب والتباين الوظيفي المتمثل بالتنوع في القدرات وهياكل الإنتاج وأنماط الأداء من جانب آخر». وذكر أن ثالث ركيزة للتكامل العربي هي الاجراءات والخطوات التنفيذية التي يجب ان تتكامل على أرض الواقع وتدعو الجميع الى الإيمان بضرورته وجدواه مشيرا الى ان الركائز الثلاث آنفة الذكر «لا يبدو أنها متوافرة إلى الآن». واستعرض الشيخ ثامر في كلمته التطورات والتحديات التي تواجه دول المنطقة والتي قسمها الى ثلاث مستويات أولاها (التطورات الهيكلية) التي اعتبرها بمثابة «تحديات جسيمة» بهيكل العلاقات في المنطقة لا سيما من حيث توازنات القوى وترتيبها. وأوضح ان حالة «السيولة السياسية» الراهنة في إدارة العلاقات الدولية والتي يعتبرها البعض نتيجة مباشرة لنهج الانسحاب الأميركي النسبي «أتاحت مجالاً أوسع لبروز قوى إقليمية عديدة وجعلت الحاجة إليها ماسة وملحة» الأمر الذي وسع آفاق المنافسة والتدخل في شؤون الغير. ونتيجة لهذا الانسحاب الأميركي ومحاولة الولايات المتحدة «إثارة المنافسة» بين أكثر من قوة في الإقليم الواحد وتمنع من ظهور قوة مهيمنة توقع الشيخ ثامر ان يتوقف مستقبل المنطقة العربية على عاملين أولهما إمكانية النجاح في طرح نموذج للتكامل الإقليمي وثانيهما قدرة القوى الاقليمية الصاعدة على تحمل عوامل «الإنهاك ما يعني إعادة ترتيب توازانات القوى من جديد بكلفة عالية. وأشار الى ان المنطقة أصبحت مجالا لترتيبات جديدة فيما يتعلق بتوازن القوى حيث يتزامن ذلك مع تراجع دور التكامل العربي ما جعل الشعور العام يتنامى بأن نتائج الصراعات هي التي ستحدد شكل الخريطة الإقليمية. ورأى ان نتائج ما يعرف بـ«الربيع العربي» أدت الى تدهور كيان الدولة في أقطار عربية معينة اذ دخلت بعض الدول في حروب أهلية وباتت على مقربة من التفكك والانهيار في حين ثمة دول أخرى عجزت عن أداء وظائفها وصارت تصنف ضمن«الدول الفاشلة». وأضاف «ظهرت قوى وتنظيمات وجماعات فرعية ما دون الدولة تطرح نفسها كبديل للدولة الوطنية وتستهدف خلخلة النسيج الاجتماعي في دول أخرى»، لافتاً إلى أن هذه الظاهرة تعاظمت مع تصاعد الاستقطاب الديني والمذهبي والعرقي في المنطقة في وقت يتعذر إعمال قواعد الضبط والسيطرة وتشييد توازنات مستقرة معها. واعتبر الشيخ ثامر ان «سلوك الدول» هو المستوى الثاني للتطورات والتحديات ومثلها ضمن تعدد صور الانقسام الإقليمي والذي أحد أشكالها الانقسام السياسي بين معسكرين «تقوده أحدهما قوى إسلامية متهمة بالتطرف الفكري وسلوك الإرهاب الهمجي فيما يقود المعسكر الآخر مفاهيم الدولة المدنية». وحذر من «الاستقطاب الطائفي الحاد» بعد تصاعدها في صورة تمرد واحتجاجات ببعض دول مجلس التعاون الخليجي ما يعد اكتمالا لمحور المد الطائفي المنبسط من العراق وحتى سورية واليمن مرورا بلبنان. وقال ان الحرب بين التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) تعد شكلا آخر من أشكال الانقسام في المنطقة، مشيراً إلى الحرب تخفي وراءها العديد من الانقسامات الاخرى الفرعية والجانبية.ولفت الى ان مظاهر الحروب والصراعات الأهلية في عدد من الدول العربية قد تسفر عن ظهور سلطة مركزية، مبيناً أن الخطر كبير إذا ما استطاعت الجماعات الإسلامية والمذهبية توطيد أقدامها وإقامة دويلات إسلامية أو طائفية معزولة عن محيطها تصدر التطرف والإرهاب والعنف. وذكر ان ثالث المستويات للتحديات والتطورات التي تواجه المنطقة هو «تطورات تتعلق بمنظومة القيم التي توجه سلوك الدول والقوى» موضحاً أن خطورة هذا النوع من التحديات يتمثل بشيوع قيمة تدخل الجيوش في السياسة والحكم وتورطها في الصراع على السلطة. وأشار الى ان مخاطر هذا النوع تتمثل بتكريس شرعية التدخل الخارجي من أجل إسقاط او المساهمة في إسقاط أنظمة حكم قائمة كما ان من مخاطره (ظاهرة الشارع) التي اصبح معها الوضع القائم في بعض الدول العربية «منفلتا وغير مسيطر عليه» ما يعني غياب الامن والامان. واكد ان هذه التحديات مجتمعة استهدفت دول المنطقة في كيانها وهويتها واستقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها ومواردها وإمكانياتها وفي قدرتها على أداء وظائفها كما استهدفتها في استقرارها السياسي والاجتماعي. يذكر ان منتدى عمان الامني يبحث سبل التعاون الدولي في تعزيز الأمن وتنمية الاقتصاد وكل ما يتعلق بقضايا التحقق من البرامج النووية وحظر أسلحة الدمار الشامل والتهديدات التي تواجه المنشآت النووية.
محليات
رئيس جهاز الأمن الوطني: حديث الولايات المتحدة عن استمرار الحرب ضد «داعش» أعواماً يثير القلق ويخلق حالة من الغموض
الشيخ ثامر العلي متحدثاً في المنتدى
06:58 ص