خطوات جوزيف عطية الفنية نحو النجاح كانت سريعة، وفي الوقت نفسه واضحة ومميزة، واستطاعت أن تصنع منه نجماً، في زمنٍ قلّ فيه الفنانون الذين استطاعوا أن يفرضوا أنفسهم ونجوميتهم على الساحة، بعد تخرّجهم من برامج الهواة.10 سنوات مرّت على تخرّج جوزيف عطية من برنامج «ستار أكاديمي»، قدّم خلالها ثلاثة ألبومات وخمسين أغنية، خوّلته الوقوف على أكبر المسارح والغناء في أهم وأضخم المهرجانات. ولكن كل هذا النجاح الكبير لم يُفقِده إنسانيته، ولم يحوّله إلى فنان يعيش حياته كما سائر الفنانين، بل ظلّ «ابن البيت» الذي لم تغره الأضواء ولم تتحكم فيه عقدة النجومية.«الراي» حاورتْ جوزيف عطية، وفي ما يأتي نصّ الحديث:• بعد سلسلة من المهرجانات والحفلات الصيفية التي كان تواجدك لافتاً فيها، متى نتوقع مشاركتك في مهرجانات دولية؟- لا أعتقد أن هناك مهرجانات أكبر من المهرجانات التي شاركتُ فيها هذا العام.• نقصد المهرجانات التي تقام خارج لبنان؟- شاركتُ في مهرجان قرطاج، كما شاركتُ في لبنان في مهرجاني الأرز وميروبا، وغنيتُ على أكبر المسارح المعروفة على مستوى المهرجانات.• بعض الفنانين اعترضوا على غناء محمد عساف في مهرجان قرطاج، لأنهم اعتبروا أنه فنان جديد ولا يملك أرشيفاً وتاريخاً فنياً يؤهلانه الوقوف على المسارح الكبيرة، فماذا تقول في هذا الصدد؟- هذا الأمر يرتبط بالمنظّمين، وهناك فنانون يشذّون عن القواعد المتعارف عليها عادة. مَن يهمه أن تكون حفلته ناجحة، فلا بد وأن يتوافر فيها حضور جماهيري كبير، واليوم هناك فنانون يؤمّنون مثل هذا الحضور بالرغم من أن تاريخهم الفني ليس كبيراً، ورصيدهم لا يضم سوى عدد قليل من الأعمال الفنية.• هل تشبه تجربتك من هذه الناحية تجربة محمد عساف؟- سنواتي في الفن ليست قليلة. أنا موجود على الساحة منذ عشرة أعوام وطرحتُ ثلاثة ألبومات غنائية ويضمّ رصيدي خمسين أغنية. أنا وقفتُ على مسارح ضخمة، وغنيتُ أمام جمهور عريض من أعمالي الخاصة لمدة ساعتين كاملتين، وكان الناس يرددون الأغنيات معي.• وهل يمكن القول إن تجربتك تتميّز عن تجارب أبناء جيلك من الفنانين، وهل ما وصلتَ إليه حتى اليوم، نجحتَ بتحقيقه خلال فترة زمنية قياسية، وخصوصاً أنك محاط بإدارة أعمال جيدة وبفريق عمل متكامل؟- كل العوامل التي أركز عليها منذ بدأتُ مشواري الفني وحتى اليوم، ساعدتني لأن أكون بالوضع الذي أنا عليه الآن. ويمكنني القول إنني أسير على الطريق الصحيح. أنا فنان مجتهد وأعمل كثيراً، ولا أجلس وأنتظر. كما أن الأشخاص المحيطين بي «شاطرين» وأشكر الله أنني أملك أكثر من ألبوم ناجح، وعندما أقف على المسرح أغني لمدة ساعتنين من أعمالي الخاصة، وهذه السنة تحديداً شكلتْ نقلة نوعية في مسيرتي على مستوى المهرجانات، ضخامةً وعدداً.• صيف 2015 كان لافتاً بعدد مهرجاناته كما بالفنانين الذين أحيوها. ما تفسيرك لهذه الناحية؟- عاماً بعد عام، يتحسن وضع المهرجانات في لبنان. وهذه السنة تميّزت عن كل الأعوام السابقة، ذلك أنه في 2014 حصل تَنافُس لافت بين المهرجانات، على مستوى ضخامتها وشكْل المسرح والإضاءة والصوت والجمهور، ما جعل كل منطقة تعمل من أجل تقديم مهرجانات أفضل هذه السنة وأن تخص نفسها بمكانة معينة.• ولا شك أن هذا الأمر صبّ في مصلحة الفنانين؟- طبعاً، كما في مصلحة لبنان كله ومصلحة الجمهور، لأن الناس يحبون أن يتواجدوا في أجواء من الفرح والسلام، وهذا ما لمسناه هذه السنة.• لا شك أنه لا يمكننا أن نصنّفك مع نجوم الصف الأول (A)، كما هي الحال بالنسبة إلى راغب علامة وعاصي الحلاني ووائل كفوري، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن نقول إنك تنتمي الى فناني نجوم الصف الثاني (B). شخصياً، كيف تصنّف نفسك كنجم؟- لستُ على علاقة جيدة بتصنيفات A و B، ولكنني أحترم التاريخ الفني لأي فنان. ولا أقبل أن تتم مقارنتي بفنانين أصحاب تاريخ كبير ومزدحم بالأعمال الفنية. كما أنني في الوقت نفسه أرفض أن يوضع اسمي إلى جانب أسماء لم تحقق ما حققتُه أنا خلال الأعوام الماضية. أنا لا أعترف بـ A و B، بل بالفنان الذي يملك تاريخاً عريقاً وعدداً كبيراً من الأعمال الناجحة التي يُقّدر ويُقيّم على أساسها، وأنا لديّ أعمالي ووجودي، ولكنني لا أجيد تصنيف نفسي.• لكننا نعيش زمن الأغنية، التي أصبحت كفيلة بصناعة النجم؟- لستُ مع هذه المقولة. نحن في زمن الأغنية التي تصنع النجم وأيضاً في زمن النجم الذي يصنع أغنية. هناك نجوم أغنية بالصدفة وبضربة حظ، وهذه المقولة تنطبق على عدد محدد من الفنانين الذين استطاعوا أن يحقّقوا نجوميتهم من خلال أغنية ضاربة. ولكن بالنسبة إليّ، فإن الاستمراية هي الأهمّ وليس الأغنية الواحدة.• لا شك أنك أثبتّ نفسك في عالم الغناء، فلماذا لم تخض أي تجارب فنية أخرى بعيداً عن الغناء؟- المشاريع كثيرة، وأنا أحب التمثيل، كما عُرض عليّ أن أخوض تجربة التقديم وكدتُ أن أقبل بها، ولكنني لم أجد الوقت المناسب والعمل المناسب حتى الآن.• وما سبب تراجعك عن تلك التجربة بما أنك وافقتَ على خوضها؟- أنا لم أتراجع، ولكن ارتباطي بجولة أميركية تزامن مع توقيت تصوير العمل. ولولا الجولة، لما كنت تأخرتُ عنها أبداً.• وهل تفضّل التقديم أم التمثيل، أم تجد أنه أصبح بإمكان الفنان اليوم أن يخوض أي تجربة تُعرض عليه؟- المسألة لا تتعلق بكوني أحب التقديم، ولكن العمل الذي عُرض عليّ لم يكن تقديماً بما تعنيه كلمة تقديم، بل كان المطلوب أن ألعب دوري كفنان يغني. البرنامج ترفيهي استعراضي ومختلف تماماً عن البرامج السائدة.• ألم تتلقَ عروضاً تمثيلية؟- العروض كثيرة، ولكنني لم أجد الوقت المناسب والعمل المناسب. لا يمكنني أن أُقْدِم على أي خطوة قبل أن أتأكد منها تماماً.• كل الفنانين بمَن فيهم نجوم الصف الأول يقولون إن هناك تراجعاً في عدد الحفلات الفنية، وإنهم يعوّضون ذلك من خلال تواجدهم في التمثيل أو المشاركة كأعضاء لجان تحكيم في برامج الهواة. هل توافق على هذا الرأي؟- أجل أنا مع هذا الرأي، وكل ما أنتظره هو الوقت المناسب. في التمثيل، أنا أنتظر الدور والنص والعمل المناسب.• هل تتوافر فيك المؤهلات التي يجب أن يتحلى بها الممثل أم أنك ترى أنه أصبح بإمكان أيّ كان أن يمثّل في هذه الأيام؟- كلا، ليس بإمكان أي كان أن يمثّل، لأن الناس يميّزون جيداً ويلمسون الفارق بين الممثل الجيد والممثل غير الجيد. وأعتقد أنني جيّد في التمثيل، وقد خضتُ التجربة مع شقيقتي المخرجة التي تدرس في الجامعة، وأحببتُ الكاميرا كثيراً. الحكم النهائي يبقى للناس وحدهم، وهم الذين يختارون الممثل الذي يدخل قلوبهم.• كيف تنظر إلى المنافسة في الوسط الفني، وهل ترى أن الساحة الفنية أصبحت بحاجة إلى وجوه جديدة، خصوصاً أن هناك مَن يعتبر أن التغيير سيطول في المرحلة المقبلة المجال الفني، ولن يعود هناك تَواجُد لفنانات التنورة والفستان الجميل؟- لا يمكن لأحد أن يلغي أي فنان، لأن هذا الأمر مرتبط بالإرادة الإلهية. هناك مراحل في الحياة يتخللها الجيد والخيّر، والإنسان الذي ينجح، فإن الله هو الذي يكتب له النجاح، و«هوّي وشطارته» في كيفية استثمار نجاحه وفي معرفة كيف يوزع الفرح والسعادة على الناس. الدنيا تتسع للجميع ولا يمكن لأحد أن يلغي الآخر. وأنا أجد أن الساحة الفنية تضم نخبة كبيرة من الفنانين الذين يقدمون فناً رائعاً وراقياً، والدليل أنه يوجد عندنا فن جميل.• هذا أمر مفروغ منه، ولكن إلى جانب مَن تتحدث عنهم هناك فنانون لا يستحقون أن يكونوا مطربين، حتى أن نقابة الموسيقيين في مصر التي يترأسها هاني شاكر، أصدرت قراراً بمعاقبة فنانات العري؟- لا شك أن ما تتحدثين عنه هو وضع شاذ. لا أعرف كم يبلغ حجم العري في الوسط، ولكنني شخصياً لا أهتمّ لهذا الموضوع ولا يهمني أن أوقف عمل الآخرين، لأن كل شخص منا يقدّم نفسه بالطريقة التي تريحه.• ولكن العري موجود على الساحة الفنية؟- «الله يوفقن. ساعة اللي بدن فيهن يمشوا».• علاقتك بأفراد عائلتك واضحة وراقية جداً، وغالباً ما يظهرون معك في الإعلام، في حين أن بعض الفنانين يفضلون الانفصال عن أهلهم عندما يلمع نجمهم. ما الفارق بينك وبين الفنانين الآخرين؟- لستُ فناناً بمعنى الفنان المتعارَف عليه. أنا لا أعيش حياة الفنان التي نحن معتادون عليها، بل أعيش حياة الفنان كإنسان. والبُعد الإنساني في حياتي أهمّ بالنسبة إليّ من فني، أي أن عائلتي ومحيطي وحياتي وعلاقتي بربي وكل التفاصيل التي تتعلق بي كإنسان هي أهمّ من فني بكثير. ولذلك، لم أشعر ولم أفكر في يوم من الأيام بأن أتصرّف كما يتصرف الفنانون، أو أن أعيش كما يعيش النجوم. أنا أعيش كأي إنسان عادي، وأعمل في الفن لأنني أحبه، وأغني لأنني أحب الغناء. ومع الوقت أنا أحقق أهدافي والناس يحبون ما أقدّمه. وما دام الناس يتفاعلون مع أعمالي وما أقدّمه لهم، فأنا مستمر في الغناء، وليس لمجرّد أن أكون فناناً وأن أبتعد عن أهلي ومحيطي وأن أقفل على نفسي وأبتعد عن الأضواء، وكأن الآخرين ليسوا موجودين في حياتي.• ما جديدك الفني؟- لا أزال أعيش نجاح ألبومي الأخير «حب ومكتّر»، وسأصوّر منه ثلاث أغنيات أو أغنيتين أو أغنية واحدة على طريقة الفيديو كليب، بحسب ما تقتضي الظروف.
فنون - مشاهير
حوار / «الساحة تضمّ نخبة كبيرة ممّن يقدّمون فناً رائعاً وراقياً»
جوزيف عطية لـ «الراي»: هناك نجوم أغنية... بضربة حظ!
03:31 م