عندما يتقدّم المواطن بطلب الاستفادة من صندوق المتعثّرين يُعرض أمره على لجنة من ثلاثة اشخاص برئاسة قاضٍ كويتي وعضوية اثنين من ذوي الخبرة يرشحهما وزير المالية من غير العاملين في الجهات الدائنة. حتى الأمس، كانت قرارات اللجنة نهائية وغير قابلة للطعن أمام أي جهة، إلا أن هذا بات الماضي، فاعتباراً من اليوم بات بإمكان المواطن الطعن بقرار اللجنة إذا لم يعجبه.السبب أن حكماً صدر عن المحكمة الدستوريّة أمس بعدم دستوريّة المادة 8 من القانون 51 لسنة 2010 بانشاء صندوق لمعالجة اوضاع المواطنين المتعثرين في سداد القروض الاستهلاكية والمقسطة تجاه البنوك وشركات الاستثمار، «وذلك فيما تضمنه من عدم جواز الطعن على القرارات الصادرة من اللجان في شأن اعتماد التسويات المقترحة امام أي جهة من الجهات».وجاء الحكم في سياق دعوى قضائية رفعها أحد المواطنين ضد وزير المالية ووكيل وزارة المالية وأحد البنوك وإحدى شركات الاستثمار احتجاجاً على قرار لجنة صندوق المتعثرين في شأن مديونيته. إذ رفضت المحكمة الدعوى ابتداء مستندة إلى المادة 8 من القانون، التي تنص على أن قرارات لجان الصندوق نهائية وغير قابلة للطعن، إلا أن محكمة الاستئناف أحالت المادة 8 إلى المحكمة الدستورية التي أصدرت حكمها أمس.وجاء في نص حكم المحكمة الدستوريّة «أن المادة (8) من القانون 51 لسنة 2010 بانشاء صندوق لمعالجة اوضاع المواطنين المتعثرين في سداد القروض الاستهلاكية والمقسطة تجاه البنوك وشركات الاستثمار تنص على أن (تصدر اللجان قراراتها في شأن اعتماد التسويات المقترحة وتكون قراراتها نهائية، ولا يجوز الطعن عليها امام أي جهة من الجهات، ويتم اخطار البنوك المديرة المعنية بتلك القرارات)».وأضاف الحكم «أن مبنى النعي على هذا النص - حسبما يبين من حكم الاحالة - أن المشرع بمقتضى القانون سالف الذكر قد انشأ بموجب احكامه لجانا ابان تشكيلها من ثلاثة اشخاص برئاسة قاضٍ كويتي وعضوية اثنين من ذوي الخبرة يرشحهما وزير المالية من غير العاملين في الجهات الدائنة، وعهد إلى تلك اللجان النظر في التسويات المقترحة لمعالجة المديونيات المتعثرة واقرار التسويات المناسبة بعد التحقق من الالتزام باحكام هذا القانون، إلا أنه لم يجز الطعن على هذه القرارات امام أي جهة من الجهات، مما يمثل ذلك اخلالا بحق التقاضي، وبمبدأ فصل السلطات، وبمبدأ المساواة».وأكد الحكم «أن هذا النعي سديد، ذلك أن الدستور الكويتي حرص على النص في المادة (166) منه على كفالة حق التقاضي للناس كافة، كمبدأ دستوري اصيل، والمستفاد من هذا المبدأ هو حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أن تصرف أو قرار من الطعن عليها، وانه وان كان لا تناقض بين هذا الحق وبين جواز تنظيمه تشريعيا، إلا أن ذلك مشروط بالا يتخذ المشرع من هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق أو اهداره، كما تضمن الدستور النص في المادة (29) منه على أن الناس لدى القانون سواء، وانهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة».وأضاف: «لما كان ذلك، وكان حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفل الدستور المساواة فيها، فان حرمان طائفة معينة من هذا الحق من تحقق مناطة وهو قيام المنازعة على حق من حقوق افرادها ينطوي على اهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من الافراد الذين لم يحرموا من هذا الحق، ولا ريب في أن الدستور إذا حدد وسيلة معينة هي المطالبة القضائية للوصول إلى الحق تعين التزام هذه الوسيلة، ولا يجوز للسلطة التشريعية أن تهدرها».وتابع:«إن هذه اللجان لا تعدو أن تكون مجرد لجان ضمانات التقاضي امامها، ومن ثم فان هذه اللجان لا تعدو أن تكون مجرد لجان ادارية، ولا يغير من ذلك ما قد يثار من أن تشكيل هذه اللجان برئاسة قاض يضفي على عملها الطابع القضائي، ذلك أن مشاركة أحد رجال القضاء في تلك اللجان التي يغلب على تشكيلها العنصر الاداري، لا يخلع بذاته عليها الصفة القضائية، طالما أنه ليس لها ولاية البت في خصومات تنعقد امامها، ولا الفصل فيها، كما لا تتبع في مباشرة عملها اجراءات التقاضي وسماته وضماناته، واذ حجب النص الطعين القضاء عن نظر الطعن في قرارات هذه اللجان، مما يمثل اخلالا بحق التقاضي، وخروجا على مبدأ المساواة، وتعارضا مع مبدأ فصل السلطات، ومجافيا لصحيح احكام الدستور المنصوص عليها في المواد (29) و(50) و(166)، ومن ثم فقد حق القضاء بعدم دستورية النص الطعين وذلك فيما تضمنه من عدم جواز الطعن على القرارات الصادرة من اللجان في شأن اعتماد التسويات المقترحة امام أي جهة من الجهات».
اقتصاد
«الدستورية» تقضي بعدم دستورية المادة 8 من قانونه
من الآن فصاعداً... اطعن بقرار «صندوق المتعثرين» إذا لم يعجبك!
10:21 ص