مفارقة حقيقية حصلت مع الممثلة رؤى بزيع (ابنة شقيق الشاعر شوقي بزيع)، التي تعرضت قبل أشهر لحادث سير مروّع، حطّم عدداً من أضلع صدرها التي أطبقت على القلب فأوقفت نبضه تماماً طوال 35 دقيقة، وفجأة عادت إلى الحياة، إلى النبض، وخضعت لعمليات جراحية عدة على مدى أسابيع، حتى استرجعت لياقتها، لكنها لم تنس شيئاً مما حصل معها طوال فترة الدخول في البرزخ أو المنطقة أو الحالة الفاصلة بين الحياة والموت. لذا كانت «برزخ»، المسرحية التي تعمدت فيها رؤى مع زوجها المخرج الشاب جاد حكواتي أن تكون مدتها معادلة لوقت توقف قلب رؤى عن الخفقان.زاداها 5 دقائق. وباتت المسرحية 40 دقيقة.لم يجلس الصحافيون في مقاعد المتفرجين، بل صعدوا درجات عدة إلى الخشبة، وفتح لهم المخرج جانباً من الستارة، ودلفوا إلى الخشبة حيث سلّم آخر عريض له 7 درجات تم تحصينها ببعض القماش لزوم الجلوس المريح للمشاهدين، وعلى مسافة ثلاثة أمتار أمامنا تعامدت ثلاثة ستاندات هي الديكور الأساسي للمسرحية.وطالما أن القلب هو أساس العمل، فالموضوع عنه، هو الخافق الذي تعذب وتوقف عن النبض ثم وبقدرة قادر عاد إلى الخفقان وأعاد صاحبته إلى أحبتها وناسها، لا بل هو منحها فرصة تذكر ما مرّت به لكي تعمم ما عاشته وترويه أمام الجميع. تعرّفنا رؤى وهي تظهر كالملاك بفستان أبيض طويل على عمل القلب وتقسيماته ووظيفة كل جزء على حدة، وماذا لو توقف هو عن النبض.الصور التوضيحية تتوالى أمامنا على «الستاندات» الثلاثة من القلب ووظائفه، إلى المشاهد التي تتراءى للغائب عن الوعي، أو فلنقلها للذاهب في سكرة موت حقيقي، صور هي من الذاكرة، من حافظة المشاهد في الدماغ يفرج عنها ويترك لها حرية الظهور على الشاشة الداخلية لصاحبها.وبعد كل هذا، وبعد لقطات للشارع الذي حصل فيه الحادث، ولسرير المستشفى ما بين العلاج واستطلاع عملية لملمة عظام العمود الفقري والقفص الصدري للمصابة. وفي الختام عبارة تقولها رؤى: «أهلاً بك عزرائيل». عبارة تسلّم بالقضاء والقدر، وبأن من له عمر لا تقتله شدّة.