|بيروت - من فاطمة قاسم|

«ساحة الشهداء» في وسط بيروت هي المكان المقصود. يتقدم الزوار نحو الخيمة البيضاء الكبيرة ويتجهون نحو باب الدخول. هنا تبدأ الجولة في «سوق البرغوث» لا يمكن لحظة الدخول إلا شمّ رائحة العطور. السجاد مفروش في كل الأنحاء، قُسم السوق إلى عدد كبير من الأجنحة، كل قسم يختص بنوع مختلف من الأغراض القديمة أو المصنوعة بحرفية بارعة. في هذه الخيمة وعلى السجاد الفاخر، اجتمع محمد عبد الوهاب بأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، بحضور الرئيس جمال عبد الناصر محاطين بأفخم أنواع الأثاث وأقدمه، منها ما يعود للعهد الفاطمي ومنها الروسي والفرنسي والإيطالي والتركي، في حضرة أهم اللوحات وأندر الكتب والمخطوطات والخرائط والأيقونات والمجلات والصحف. ولم تغب عن المشهد المرايا والصناديق والزجاجيات الملونة والمجوهرات والتماثيل والأواني.

غياب الدعاية وقصر المدةوحيداً كُدس السجاد العجمي بمختلف الأحجام والألوان فوق بعضه البعض، منه ما فُرد ومنه الذي رُتب جانباً. لا يوجد في قسم «Tapis de Reves» إلا قنبر حلاجي تاجر السجاد الإيراني الذي يشرح عن سجاده فيقول  «يبدأ العجمي من الـ 1000  دولار، وتختلف الأسعار بحسب القياس والعمر، وكلما زاد عمر السجاد القيم زاد ثمنه». ويشكو حلاجي من أن «نسبة البيع منخفضة جداً، اذ لا دعاية والكل يشكو، والحجز في المعرض غالي جداً. وهو ليس ذا أهمية كبيرة. منظمو المعرض لم يعملوا دعاية كافية، مدته 12 يوما، مضى منها أربعة أيام ولم ابع شيئاً». ويضيف: « أشارك في المعرض منذ سبعة اعوام، السواح كانوا يأتون للشراء، اما الآن فللتفرج فقط، «كزدورة» يرغبون الانتيكات فقط. من المشهورين أتت (الوزيرة السابقة) ليلى الصلح واشترت، لكن ليس من عندي».

أيقونات بيزنطية وما من مشترييختص جوزف فغالي بالأيقونات، يتحدث عنها فيقول: «عندي أيقونات بيزنطية منذ القرن الثامن عشر والتاسع عشر، مصدرها روسيا. تراوح قيمتها بين 1000  و50000  دولار. ويعتبر أن المعرض كان وهجه اقل منه في الاعوام السابقة ومرد ذلك الى عدم الترويج له اعلامياً».يبيع واكيم اسكندر التحف وأغراضاً مختلفة. ويصف  بعض محتوى قسمه «The Cedar» ويقول: «مثلاً العنبر عمره 30 ـ40  مليون عام، ويكون أحياناً مع رواسب شجرية وحشرات. يوجد عندي العنبر الأبيض الذي تصنع منه التماثيل أو السبحات. وأبيع أيضاً لوحات تعود للقرن الماضي».

زبائن مشكلين«Brass Antiques هو قسم يبيع قطعاً لبنانية قديمة تعود الى ما بين 250 - 200  عاماً»، هذا تعريف محمود جلال الدين لجناحه. ويضيف: « أحصل عليها من هواة من البيوت، نسبة البيع عندي معقولة وليست كبيرة، الزبائن متنوعون، يقام هذا السوق كل سنة، لكنه كان متوقفا منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري».الأغراض الحديثة، لكن التي بمجملها شرقية هي ما يعرضه محمد برو في قسمه من السوق «Cadeaux Mitchi». ويقول: «نعتمد على الأذواق والأشكال الخليجية. نستخدم في الأثاث والأغراض مواد الخشب والنحاس والمعدن والألمنيوم. الحد الأدنى للأسعار عندنا 200  دولار والأقصى 6000  دولار كالمغسلة النحاسية ذات الذوق الشرقي القديم». اعتاد برو المشاركة في «البرغوث» كل عام «كان البيع جيداً جداً عام 2004  ، في حين ان البيع هذه السنة قليل والاقبال ضعيف. أعتقد أن السبب يعود الى قصر مدة المعرض، اذ لم يكد ان يقلع حتى انتهى، ولم يعرف كل الناس بعد بوجوده. كما ان الدعاية غائبة في وقت نعتمد فيه على المغترب».

بداية جيدة  في مقابل المشتكين، يبدي آخرون رضاهم بعيد استقرار الوضع في لبنان. محمد حسون الذي يقول «أشتغل بالنحاسيات والفضيات، عندي الأشياء الحديثة والقديمة كقنديل الزيت الأموي الذي يبلغ عمره 340  عاماً تقريباً وسعره 2800 دولار. 70 في المئة من الناس عادوا لاستخدام الأواني النحاسية والفضية. وأكثر زبائني خليجيون». ويتابع: «بعت كثيراً هذه السنة، إذ لم يبق عندي إلا 20  في المئة من الاغراض القديمة، وأعتقد ان هذه نتيجة جيدة نسبة الى المرحلة الوجيزة من عودة الاستقرار الى لبنان».«... هواية تبدأ ولا تنتهي، كلما تعلم الإنسان يطلب الأجمل والأثمن» جو يشتري أغراضه من البيوت من الناس الذين يبيعون أغراضهم القديمة، «لا أعرف تاريخ كل قطعة. الأسعار في قسمي «Chez Joe» تختلف بين قطعة وأخرى، سعر قفص العصفور القديم هذا 200 دولار.بالنسبة للزبائن، يعتقد جو «أن الحضور خفيف لكن عندي ماشي الحال الحمد لله».سمر هاني حلواني تعمل وزوجها في الأنتيكات، وتقول: «الأثاث والأغراض التي أبيعها كلها أنتيكا فرنسية أصلية حقيقية، أحضرها أنا وزوجي من المعارض العالمية وعندنا زبائننا. توجد قطع تعود للقرن الثامن عشر والتاسع عشر، ومعظم الأغراض أعمارها تعود الى ما قبل 150 عاماً. لكل قطعة سعرها الخاص، حسب حجمها وصناعتها وموادها، وتراوح أسعارها بين 2000  دولار و150000 دولار». تضيف حلواني: «يوجد الكثير من السواح الخليجيين لكن لا يشترون كثيراً. كان المعرض ناجحاً، وقد انتظرناه أربع سنوات لنكسب «لمّة» البرغوت، مع أننا نملك محلا خاصاً». وترى أنه عادة «تكون الدعاية أقوى، وكانت الحالة الأمنية والسياسية في لبنان غير مستقرة حتى اللحظة الأخيرة، وأعتقد أن الوقت المخصص لهذا المعرض قصير وغير كاف».

نوادر«نوادر» اختصاصها الكتب القديمة والمخطوطات واللوحات الاصلية لرسامين قديمين، مثل الرسامين، اللبناني مصطفى فروخ (1901-1957) والاسكتلندي ديفيد روبرت (1796-1865) بالإضافة إلى معاصرين كالرسام اللبناني مالك حمزة. ويتضمن هذا القسم، كما تشرح بتول عبدو، «لوحات قرآنية مخطوطة قديماً وخرائط قديمة من القرن الثامن عشر. وعندنا الأهم هو الكتب والمخطوطات، إذ عندي قرآن عمره 250  عاماً تقريباً وكتاب «دلائل الخيرات» النادر وهو من أشهر كتب الصوفيين وكتاب «حضارة العرب» للمستشرق غوستاف لوبون».تعتبر عبدو أن «البيع جيد نسبياً، هذه المرة الأولى لنا في «سوق برغوث»، لكن رغم الإعلان الضعيف عنه، شهد إقبالاً مقبولاً. بعنا أغراضاً قيمة جداً، لكننا في نفس الوقت لسنا على عجلة من أمرنا، ننتظر السعر المناسب الذي يلائم كل غرض ويعطيه قيمته الحقيقية، فمثلاً القرآن لا تقل قيمته عن  5000  دولار وكتاب «دلائل الخيرات» 4000  دولار و«مساجد مصر» الذي يتألف من جزءين لا يحتمل أقل من  1500دولار».

لكي لا ننسىيتناول أسطوانة قديمة لـ محمد عبد الوهاب ويضعها في «الفونوغراف»، وبـ «المانيفيل»، يشغل الأسطوانة لتبدأ أنغام الموسيقى بالتصاعد. فيقترب الناس ويجتمعون حوله للتفرج والاستماع. هذا «الفونوغراف» هو الغرض الاقدم عند أبو وليد الذي يشرح «اشتريته قطعة قطعة، السماعة، الميكانيك، الساعة، البوق... ثم أعادت أناملي الموهوبة تركيبه» حجز أبو وليد مكانا له في «البرغوث» وأطلق عليه إسم «أنتيكة أبو وليد ـ كي لا ننسى». يبيع الأواني والتحف الأنتيكا، وتتنوع المعروضات في الجناح من أسطوانات قديمة لفيروز وعبد الحليم حافظ وعبد الوهاب وصور للرئيس جمال عبد الناصر ، وشوك وملاعق وأوان فضية قيّمة وبوسترات ومجلات وصحف من الأرشيف وزجاجيات وكريستال. يساوي الفونوغراف 700  دولار كحد أدنى. ويقول: «لا أحتفظ بأغراضي القديمة القيمة إلى الأبد، رغم تعلقي بها، لأن من يشتريها يعرف قيمتها ويفرح بالحصول عليها، ويكون أعطاني الثمن المناسب الذي تستحقه».

عباءات لكن «سبور»زمرد غزالة لا تبيع الأنتيكا كغيرها، بل تتميز ببيع عباءات صناعتها لبنانية، وهي خليط من القديم والحديث والمطرزات والمخمل والحرير. بين يديها عباءة أدخل إليها «الجينز».تحاول غزالة الخلط بين «السبور» والرسمي. تشارك دائماً في «اسواق برغوث» لكن البيع كان ضئيلاً هذه السنة، رغم وجود نسبة سواح كبيرة. وتقول: «أكثر من يشترون من زبائني هم الكويتيون. وألاحظ أن الذوق اللبناني يتناسب مع الذوق الكويتي»تبدأ الأسعار في جناح غزالة «Toublan» من 12  دولارت إلى 350 دولاراً وأحياناً أكثر، بحسب نوع الخام وجودة القطعة والشغل فيها. وتقول «المهم وجود تناسق بين السعر والنوعية».

فستان عرس بـ 15000دولار15000  دولار هو سعر فستان عرس اشتغلته يولا عون لمدة سنة بالإبرة واستخدمت فيه اللؤلؤ الفضي والتول، وكان من تصميم مصمم أزياء معروف.«Specialiste - Yolla Aoun» هو ما كتب على اللوحة الخاصة بهذا الجناح.لا تبيع عون الأغراض القديمة «لكنها قيمة كالأنتيكا ومطلوبة بشكل واسع. عندي دانتيل شغل يدوي بالإبرة، أنا أبيع حسب الطلب، تُطلب مني التصاميم وأنفذها يدوياً. وأبيع ايضاً المجوهرات المصنوعة يدوياً، وعندي مجموعة أغراض قديمة جدا».تشير عون إلى أن «الأسعار تختلف عندي، كل زبائني من الدول العربية، أنا أشتغل في لبنان وعندي فرع في الكويت».

أكثر مشتري الفخار كويتيون.عند طلال ابراهيم فاخوري صناعة الفخار «وراثية» ويقول: «عندنا مصانع أعمارها مئات الاعوام. تعلمتُ المهنة وطوّرتُ المصلحة بالفطرة وليس بالدراسة». يشتغل فاخوي الخط الإسلامي على القطع الفخارية، ويقول: «أواكب كل ما هو مميز ومطلوب. عندي عامود مثلاً نحته بيديّ يبلغ سعره 650 دولاراً». ويضيف: «أشارك دائماً في سوق «البرغوث»، وأرى أن البيع جيد نسبيا في السوق هذه السنة وأكثر المشترين من بلد الكويت».

بيروت يا بيروتوكان «سوق البرغوت» افتتح مساء الأربعاء 30/7/2008  في ساحة الشهداء، وسط إقبال كثيف من المواطنين والسّواح الذين أتوا للتسوق والاستفادة من السلع المميزة التي تعرض فيه، وأيضاً للاستجمام في المقاهي والمطاعم التي تشغل حيزاً منه.

زوار يجولون في أروقة المعرض

مقتنيات نادرة

بنادق وسيوف أثرية

أباريق نحاسية ومسابح قديمة

قسم السجاد النادر

شمعدانات وتحف نحاسية

أنتيكات من الخشب المطعم بالفضة