ولد في مدينة صغيرة وانحدر من عائلة فقيرة جداً تعاني الأمرين في تلبية احتياجاتها الأسرية. توفي خمسة من أشقائه بسبب سوء التغذية وعدم قدرة أبويه على توفير مسلتزمات الحياة والعلاج اللازم لهم. عمل منذ أن كان صغيراً في مجال تصليح الدراجات الهوائية مع أبيه وترك المدرسة نتيجة لذلك.اضطر بعدها للرحيل إلى العاصمة بحثاً عن لقمة العيش. هناك عمل ميكانيكياً في أحد الكراجات لمدة ست سنوات، حاول من خلالها تعلم كل شيء مقابل مبلغ زهيد من المال. ثابر واجتهد واقترض مالاً ليفتح بنفسه كراجاً للسيارات، وبعدها بفترة ابتكر مكابح معدنية، ليذهب بالاختراع إلى إحدى كبرى الشركات آنذاك، فرُفضت فكرته، لأنها لا تتناسب مع تصميم السيارات المصنعة.باع كل ما لديه هو وزوجته، حتى مجوهراتها! ودخل إلى مدرسة خاصة لمدة سنتين لتطوير التصميم ولتحسين اختراعه، حتى قبلته شركة السيارات الكبرى!، ولكي يلبي احتياجات تلك الشركة، قرر بناء مصنع من المال الذي جمعه من الشركة ذاتها.دخلت بلدهُ حينها الحرب العالمية الثانية، ورُفض نتيجة لذلك طلبه لشراء الإسمنت اللازم لبناء المصنع بحجة شح الكميات المتوافرة، فاخترع هو وفريق عمله مصنعاً مصغراً للإسمنت للقيام بأعمال البناء!دُمر مصنعه مرتين من قبل المقاتلات الأميركية، وفي كل مرة كان يقوم بأعمال البناء بنفسه لإعادة المصنع للعمل، والأدهى من ذلك، أنه قام بتجميع مخلفات الطائرات الأميركية واستخدمها في صناعته، وأطلق عليها اسم (هدايا الرئيس الأميركي)! إلا أن مصنعه دُمر مرة ثالثة نتيجة لزلزال قوي ضرب بلده.مرت بلده نتيجة لذلك بظروف اقتصادية صعبة بسبب الحرب الطويلة والزلازل المتكررة، ولم يكن البنزين متوفراً حينها، ولذلك كان يصعب عليه التنقل بسيارته لتلبية احتياجات أسرته من مأكل ومشرب. وجد يوماً ما مخلفات بسيطة لأحد المكائن، فصنع منها مولداً صغيراً لدراجته الهوائية يعمل على الكيروسين، وبدأت فكرته بالانتشار حتى انهالت الطلبات عليه لتصنيع نفس الدراجة، وحصل نتيجة لذلك على براءة اختراع تصميم الدراجات النارية.ونتيجة لحاجة الناس، قرر أن يقوم ببناء مصنع لصنع الدراجات النارية، إلا أنه كان لا يملك المال الكافي لذلك حينها، فقرر مخاطبة المصانع وأصحاب محال الدراجات الهوائية للمساهمة في مشروعه، فتحصل على المال اللازم وافتتح مصنعه ليطلق أول دراجة نارية باسم (D) المستوحاة من كلمة الحلم (Dream). وليستمر في انطلاقته، ويصبح مصنعه من أكبر مصانع إنتاج السيارات والدراجات الهوائية في العالم، ويعمل لديه حالياً أكثر من مئة ألف موظف في جميع أنحاء العالم.قصة جميلة، تشمل كافة معاني الإصرار والإيمان بالنجاح والكفاح والحلم والعزيمة والإرادة والصبر لرجل اسمه سيكيرو مالك مصانع هوندا صاحب المقولة الشهيرة: ( إن النجاح يمثل 1 في المئة من عملنا، الذي ينتج عن 99 في المئة من فشلنا).بالأمس القريب، بدأ الصندوق الوطني للمشروعات الصغيرة في استقبال طلبات المبادرين الطموحين في بلورة أفكارهم، وأعتقد أن الشباب الكويتي اليوم أمام فرصة ثمينة للحصول على الدعم اللازم من الصندوق، الذي يبلغ رأسماله مليار دينار، لتحقيق طموحاتهم والابتعاد عن كنف الوظيفة الحكومية المملة والقطاع الخاص المرهق وغير المستقر من خلال البدء في مشروعاتهم الصغيرة.إنني أؤمن أنه لا سقف للطموح، وأنه يجب أن نعمل بجد لتحقيق ما نصبو إليه، ولا أعتقد أن أمثلة النجاح الكثيرة والمتعددة، والتي منها قصة هوندا، بعيد المنال إذا ما أردنا نحن ذلك، بعد توفيق الله سبحانه، فهل من متحدٍ؟!Email: boadeeb@yahoo.com