كثير من المسرات والنجاحات هو بسبب علاقاتنا مع بعضنا، كما أن كثيراً من إخفاقاتنا هو بسبب إخفاقنا في فهمنا لبعضنا وفي سوء علاقاتنا، لو تأملنا قليلاً في حياتنا الخاصة والعامة لوجدنا أنه ليس هناك شيء بسيط، والمؤشر لذلك تلك التصرفات الطائشة التي تصدر في بعض الأحيان من أشخاص ناضجين، وعلى درجة عالية من الثقافة، كما أننا أحياناً نجد أنفسنا حائرين في اتخاذ الموقف المناسب تجاه قضية أو موقف، وذلك كله يرجع لحقيقة لا تخفى على أحد هي تعقيد الشأن الإنساني، وهذا التعقيد سنة من سنن الله في الإنسان.كلنا يلمس التعقيد الإنساني على المستوى الروحي والعقلي والنفسي والجسمي، وعلى مستوى العلاقات التي يتم تبادلها بين هذه المستويات، خصوصاً العلاقات التي يقيمها الناس مع بعضهم في الأسرة والمدرسة وأمكنة العمل الرسمي والتطوعي، فهي في غاية التعقيد وإدارتها وتطويرها وترميمها من الأمور المرهقة للإنسان.كلنا يعاني من التعامل مع الشأن الإنساني وذلك لأمور عدة منها.. صعوبة فهم الشأن والموقف الإنساني وصعوبة تحليله وتفكيكه - صعوبة فهم الأسباب والجذور للظاهرة الإنسانية - صعوبة تخمين النتائج والتداعيات المترتبة على قرار أو موقف إنساني - وأخيرا صعوبة التعامل مع الناس وإيجاد توازن جيد في العلاقات معهم.وحتى نجيد التعامل مع هذا التعقيد الإنساني لابد أن نرضى بفهم ناقص للظواهر الإنسانية، ونرضى بموضوعية وحيادية ناقصة في كل أحكامنا على سلوك البشر، وهذا يدفعنا للتواضع والاجتهاد في فهم أدق وشفافية أكثر، وحين نحاول فهم السلوك الإنساني، من المهم أن ندرك أن الناس لا يلتزمون بالقوانين، بل أحياناً يستمتعون بالخروج عليها، كما أن الواقع الاجتماعي ليس مطابقاً لعقائد الناس والمبادئ التي يؤمنون بها، بل إن السلوك الإنساني لا يخضع دائماً للمنطق والتفكير المنهجي بسبب فوران العاطفة وتسلط الشهوة وغبش الرؤية، وهذا كله يدفعنا ويحمسنا للنفاذ إلى الأعماق وإلى ما خلف الديباجات والعناوين العريضة.على شدة تعقيد الشأن الإنساني، إلا أننا نقول لمن كُتبت هذه الكلمات لأجلهم دعونا نحاول جاهدين فهم المزيد من المناهج والطرق في التعامل مع الأنفس، ونتطلع من العلوم الإنسانية في سبيل فهم الجزيئات والتفاصيل، ونتخلص من الارتباك في فهم كل ما هو بشري، ولتحقيق الهدف الأعظم من وراء تجمعنا واجتماعنا بوعي أكبر ومن دون حيرة وتشويش.m.alwohaib@gmail.comtwitter: @mona_alwohaib