لم تتوقف حركة التبادل بين ضفتي الخليج العربي على الجانب الاقتصادي، بل تعداه إلى أكثر من صعيد عززت كلها مجتمعة أواصر العلاقة بين إيران وجيرانها العرب على الضفة الأخرى ولاسيما الكويت، التي جاءتها عائلات من إيران منذ اكثر من قرنين واستقرت بها حتى أصبحت اليوم من مواطني دولة الكويت، وامتد التبادل ليشمل مختلف مناحي الحياة، حتى اللغة.أستاذ الأدب واللغة الفارسية بجامعة الكويت الدكتور سمير ارشدي أكد ان الجالية الايرانية من اوائل الجاليات التي هاجرت من المناطق الجنوبية والساحل الايراني الى الكويت، لافتا إلى انها ساهمت في تطور الكويت.وأضاف في حوار مع «الراي» ان التعاون والتواصل المستمر بين الشعبين المسلمين الايراني والكويتي على مر القرون ادى الى الاقتراض اللغوي والذي إن دل على شيء فإنما يدل على حيوية اللهجة ومرونتها لاستيعاب مفردات دخيلة الامر الذي ادى الى ظهور لهجة كويتية مستقلة. وأشار أرشدي إلى أن التواصل بين العربية والفارسية يعود الى العصر الجاهلي وان هناك اكثر من خمسين كلمة فارسية الأصل في القرآن الكريم أكد وجودها علماء التفسير والحديث، مبينا ان آخر احصائية لمجمع اللغة الفارسية ذكرت أن 56 في المئة من مفردات الفارسية هي عربية أو ذات اصل عربي فما من لغة في الدنيا لم تطعّم غيرها ولم تتطعم بغيرها. وفي ما يلي نص الحوار:? كيف تقيمون دور الجالية الايرانية في الكويت؟الجالية الايرانية من اوائل الجاليات التي هاجرت من المناطق الجنوبية والساحل الايراني الى الكويت وساهمت في التطور العمراني والحضاري حيث ان معظم المهاجرين كانوا من اصحاب المهن والحرف الانشائية كالمعمار والبناء او في النشاطات البحرية كالقلاف والغواص والحداق، وادى هذا الحضور للتبادل والتعاطي الثقافي واللغوي حيث نجد ان العديد من اسماء ادوات البناء والملاحة هي فارسية.? هل تأثرت اللهجة الكويتية باللهجات الايرانية آنذاك؟لا شك ان اللهجة الكويتية على الرغم من سماتها العريقة وسيطرة اللغة الفصحى على زمامها باعتبارها اساس التحاور والتخاطب، الا أن خوض مجال التجارة وركوب البحر والغوص اضطر السكان لمخالطة الشعوب الاخرى والتأثر بآدابها، ولاسيما أن تلك الرحلات البحرية تمتد طوال العام الامر الذي ادى لأن تحتضن اللهجة لعدد من مفردات اللغات الاخرى مع محافظتها على كيانها العربي الفصيح.والتعاون والتواصل المستمر بين الشعبين المسلمين الايراني والكويتي على مر القرون، ووجود جاليات فارسية ساهمت في بناء التطور العمراني والحضاري للبلاد ادى الى الاقتراض اللغوي، والذي إن دل على شيء فإنما يدل على حيوية اللهجة ومرونتها لاستيعاب مفردات دخيلة، الامر الذي ادى الى ظهور لهجة كويتية مستقلة ساهم النشاط المسرحي الكويتي والانتاج الغزير للمسلسلات التلفزيونية الاجتماعية في انتشارها وشهرتها بين الدول العربية الاخرى.? هل التواصل اللغوي العربي الايراني بدأ من الكويت ام له جذور قديمة؟التواصل بين العربية والفارسية يعود الى العصر الجاهلي، وهناك اكثر من 50 كلمة فارسية الأصل في القرآن الكريم اكد وجودها علماء التفسير والحديث كجلال الدين السيوطي في كتابه «الاتقان» واحصاها أخيرا الدكتور محمد التونجي الاستاذ بجامعة حلب في كتاب سماه «معجم الالفاظ الفارسية في القرآن الكريم» وبقى هذا التمازج متواصلاً حتى يومنا هذا.? ما مدى تأثر الفارسية باللغة العربية؟التبادل اللغوي عامل نهوض ولايضير لغة تأثرها بجارتها ولم يحط ذلك من قدرها. وكان فضل العربية على الفارسية هو فضل اتمام النقص وسد الحاجة بالمفردات التي فرضها المعتقد الجديد وتطلب التشبع بالادب العربي واقتباس الالفاظ التشريعية والقانونية والبلاغية والصرفية. وتبين آخر احصائية لمجمع اللغة الفارسية بأن 56 في المئة من مفردات الفارسية هي عربية أو ذات اصل عربي، فما من لغة في الدنيا لم تطعّم غيرها ولم تتطعم بغيرها واللغة التي لاترفد لغة جافة ضيقة المحيط واهية القدرة.واخذ العرب من الفارسية كلمات وموضوعات مهمة ترسخت في المعاجم والكتب العلمية على مر العصور ولم تزحمهم كثرتها ولم يعقهم نطقها ومن الحق أن نقول إن للفارسية فضل أب الحاجة الحضارية وسد النقص اللغوي الذي تطلبه العصر الجديد بعد الفتح الاسلامي ومازالت بقايا المفردات الفارسية المعربة والدخيلة في اللغة العربية الفصحى أو اللهجات العامية متداولة. والطريف في الامر أن التبادل والاقتراض اللغوي بين العربية والفارسية وصل الى استخدام العرب اسماء فارسية لمسميات في حين أن الفرس استخدموا اسماءها العربية.? هل يمكن ان نذكر بعض الأمثلة على هذه الكلمات على سبيل المثال لا الحصر؟نعم طبعاً، فكلمان أشكره ونوخذه والبشت والبيمه والتخته وعكس وجشمه وجراغي ودروازه ودريشه وديوانيه وخيوط زري وشكردي وشربت وشمعدان وصوغه وطماشه هي كلمات فارسية متداولة اليوم في اللهجة المحكية الشعبية.فنقول «الناس اشكال وارناگ» من جمع كلمة رنگ الفارسية بمعنى الطبع واللون او نقول «الكار مو عار» اي العمل والجهد ليس عيباً.وهي مفردات جميلة تزين اللهجة الكويتية الدسمة وتزيد من غناها وتبعث في نفس المواطن الحنين والشوق الى الماضي وذكرياته. ان الغزو الثقافي الذي نتعرض له وسط مظاهر التطور التقني وكثرة المصطلحات والكلمات الحديثة الوافدة وازدهار سوقها الرائجة يهدد هذه المفردات بالاندحار ولابد من الحفاظ عليها والحيلولة دون انقراضها ونقل هذه الامانة الى الاجيال الناشئة والا يكون استخدامها والنطق بها حكراً على المسنين والعجائز.
محليات
التواصل المستمر بين الشعبين جعل «العربية» و«الفارسية» تتبادلان الألفاظ والمعاني
التبادل الإيراني - الكويتي وصل إلى... الاقتراض اللغوي
06:48 ص