فيما بدأت حركة استعدادات داخلية بين بعض القوى السياسية اللبنانية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، من اجل إطلاق جولة مشاورات واسعة الاسبوع المقبل، تهدف الى تعبيد الطريق لعقد جلسة تشريعية للبرلمان، أبدت أوساط سياسية واسعة الاطلاع شكوكاً متزايدة في إمكان إحداث أي ثغرة انفراج داخلية في هذه الظروف، ما لم تطرأ مفاجأة تبدّد هذا الواقع، الذي زاده قتامة تلويح رئيس الحكومة تمام سلام وبنبرة تحذيرية من إمكان استقالته بحال استمرّ تعطيل خريطة الطريق لحلّ أزمة النفايات، التي باتت تفوح منها رائحة سياسية بامتياز.وأعربت هذه الاوساط عبر «الراي» عن خشيتها من التطورات المتسارعة في شأن الأزمة السورية وما يمكن ان تتركه تبعاً لذلك من انعكاسات على الواقع اللبناني، بدءاً بتعميق الرهانات المتناقضة بين أفرقاء الصراع اللبنانيين على هذه التطورات، الأمر الذي سيُترجم بالحد الادنى بوقوف كل القوى الداخلية عند السقوف المرتفعة، التي تجعل أي حلحلة داخلية صعبة للغاية.وأشارت في هذا السياق الى ان «الاسبوع المقبل سيشهد على الارجح ثلاثة نماذج قد تشكّل انعكاساً للجمود والتقييد اللذيْن يطبعان الوضع الداخلي، وسط تَصاعُد حرب الرهانات المتناقضة على التدخل الروسي في سورية».فثمة اولاً، اختبار الاستمرار في الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» الذي تعرّض لهزة قوية اخيراً، في ظل موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق الملوّح بالاستقالة من الحكومة والانسحاب من هذا الحوار. ومع ان معاودة الحوار تبدو شبه مؤكدة، إلا ان الاوساط الواسعة الاطلاع تلفت الى ضرورة انتظار الأيام القليلة المقبلة قبل الجزم بذلك، نظراً الى تصاعد حملة التهجّمات الحادة التي يشنّها نواب ومسؤولون من «حزب الله» على «المستقبل» لا سيما منهم الرجل الثاني في الحزب الشيخ نعيم قاسم، الذي أطلق، أول من أمس، مواقف نارية ضد «المستقبل». كما سيجري رصد المواقف التي ينتظر ان تصدر عن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله غداً، في مناسبة إحياء ذكرى عاشوراء. وفي ظل ذلك سيتحدّد ما اذا كان الحوار بين الفريقين لا يزال قابلاً للإحياء ام انه سيغدو عرضة للانقطاع، مع ما يعنيه الاحتمال الأخير من دلالات سلبية.اما الامر الثاني المنتظر، فيتصل بمهلة اخيرة ضربها وزير الزراعة أكرم شهيّب للقوى السياسية كافة، في شأن تنفيذ خطة إنهاء أزمة النفايات، وحدّد لها أسبوعاً اخيراً. وتقول الاوساط نفسها ان «المحاولات المتعاقبة لإنجاز آخر حلقات هذه الخطة وقفت واقعياً عند عقدة اختيار مطمر صحي للنفايات في منطقة البقاع الشمالي حيث الكلمة الحاسمة لـ (حزب الله). وقد تجاوب الحزب شكلاً مع مطلب شهيب مراراً عبر اقتراح أمكنة للمطمر لكن سرعان ما كان الأمر يعود الى نقطة الصفر تحت وطأة رفض أهالي المنطقة، ما يعني ان الحزب لا يمارس اي ضغوط على جمهوره لإقناعه بتسهيل الأمر».وبحسب هذه الاوساط، فإن «شهيّب بات مهدَّداً بمصير مماثل لوزير البيئة محمد المشنوق الذي أُخرج من اللعبة تماماً ثمناً لانفجار ظاهرة الحراك المدني. ولكن تحديد مهلة اسبوع يبدو جرس الإنذار الأخير للحكومة بكل مكوّناتها، بأن شهيب و(الحزب التقدمي الاشتراكي)، اي النائب وليد جنبلاط من ورائه، لن يقبلا ان يكونا الثمن الآخر للعبة الابتزاز السياسي المتعددة الهدف، التي باتت أزمة النفايات من ظواهرها الواضحة، الامر الذي دفع جنبلاط الى القول قبل يومين ان الانتخابات الرئاسية باتت تمرّ بأزمة النفايات».أما الاختبار الثالث الداخلي، فيتمثّل في مصير المحاولات الحثيثة التي سيبذلها الرئيس نبيه بري لعقد جلسة تشريعية للبرلمان، بهدف إقرار مجموعة كبيرة من مشاريع القوانين المتعلقة باتفاقات مع دول وهيئات دولية ومن أبرزها قروض ومساعدات تناهز في مجموعها مليار دولار.والواضح، ان المناخ الحالي لا يبعث على التفاؤل في نجاح المساعي لتمرير هذه المشاريع الحيوية المطروحة على جدول أعمال مجلس النواب منذ اكثر من سنة، والتي حال دون إقرارها تعذُّر انعقاد الجلسات التشريعية للبرلمان، وسط أزمة الفراغ الرئاسي، في ظل الرفض المسيحي الشامل لعقد اي جلسات خارج اطار انتخاب رئيس الجمهورية اولاً، ومنطق تشريع الضرورة. ولكن الاوساط تشير هنا الى ان الوضع قبل عام كان يحتمل انتظاراً، في حين انه الآن بات على مشارف الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية، الامر الذي يجري التعامل معه من منطلق محاولة التوصّل الى تفاهم سياسي ونيابي عريض يكفل عقد جلسة تشريعية.وكان الأكثر إثارة أمس، إطلالة سلام على ملفيْ النفايات والجلسة التشريعية وواقع الحكومة المعطّلة، مكمّلاً الموقف الذي كان نُقل عنه بـ «إطفاء أنوار السرايا» رداً على تلويح الوزير شهيّب بإطفاء محركاته في قضية النفايات.وقد اعلن سلام أن «معالجة موضوع النفايات ما زالت متعثرة بسبب التجاذبات القائمة بين القوى السياسية، وإذا لم يحصل حل جذري خلال أيام فسأتّخذ الموقف المناسب».ورداً على سؤال عن تعطيل مجلس الوزراء وعما اذا كان قد حدد لنفسه سقفاً زمنياً في شأن استمرار الحكومة، قال: «ما زلت أصبر وأحاول. وعندما أشعر بأنني وصلت الى طريق مسدود سأعلن موقفي. لقد قلت مراراً إنه لا لزوم لمجلس الوزراء اذا كان غير قادر على الاجتماع. وأهمّ موضوع يواجهنا اليوم هو ملف النفايات، وغالبية القوى السياسية غير مهتمة بالأمر. واذا تبيّن لي بعد أيام او اسبوع على الأكثر أنهم لا يريدون حلاً فسأضطرّ الى تسمية الأشياء بأسمائها».واضاف: «اتُهمت احياناً بمحاولة الاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني وأحياناً أخرى بالتفريط بصلاحيات رئيس الوزراء السنّي. وتمسّكت بموقفي الحيادي وما زلت. لكن الأمور وصلت الى نقطة غير مقبولة، وعدم وعي القوى السياسية لواقع الحال يترسخ أكثر فأكثر. لذلك إذا وصلتُ الى قناعة بضرورة اعلان التخلي عن مهماتي فذلك كي أدفع هذه القوى الى تحمّل مسؤولياتها، وليس لتغطيتها».وحذّر من «خطورة الاوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد»، معلناً تأييده «عقد جلسة تشريعية لإقرار القوانين ذات الطابع الملحّ، ومنها المصادقة على هبات من البنك الدولي مهددة بالالغاء في نهاية العام الحالي». وقال: «إذا لم تعقد جلسة تشريعية فسنخسر الكثير من مصداقية لبنان على المستوى الدولي. وفي وقت ليس ببعيد قد نصبح مصنفّين دولة فاشلة»، مؤكداً ان «الدولة قادرة على دفع رواتب القطاع العام لشهر نوفمبر فقط، وأن تأمين الرواتب للفترة المقبلة يحتاج الى جلسة تشريعية».«خطة لاغتيالات وتفجيرات في الضاحية خلال عاشوراء»

اعتقال المسؤول الشرعي لـ «داعش» في عين الحلوة

أعلن جهاز الأمن العام اللبناني توقيف المسؤول الشرعي لتنظيم «داعش» في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين مع آخرين «لإقدامهم على التخطيط لتنفيذ عمليات تفجير ضد الجيش اللبناني واغتيال شخصيات سياسية لبنانية وفلسطينية وتجهيز وتفخيخ سيارات لتفجيرها في أحياء الضاحية الجنوبية، وتحديداً خلال فترة إحياء المناسبات والاحتفالات ومنها مراسم عاشوراء.وجاء في بيان صدر عن المديرية العامة للامن العام انه«في إطار متابعتها لنشاطات المجموعات الإرهابية ورصد وتعقب أفرادها والخلايا النائمة التابعة لها، وبعد عملية رصد دقيق، تمكنت المديرية العامة للأمن العام بتاريخ 20 /10 /2015 وبناءً على إشارة النيابة العامة المختصة، وبنتيجة عملية مباغتة ونوعية من توقيف كل من الفلسطينيين اللاجئين في لبنان (ز. ك) و(ج. ك) و(ع. خ)، للاشتباه بانتمائهم الى تنظيم إرهابي وتأليف شبكة كانت تخطط للقيام بعمليات تفجير تستهدف الداخل اللبناني. وبنتيجة التحقيق معهم، اعترف الفلسطيني اللاجئ في لبنان (ج. ك) أنه المسؤول الشرعي لتنظيم داعش الإرهابي في مخيم عين الحلوة، وأنه يؤلف مع شقيقه (ز. ك) والفلسطيني (ع. خ) وأفراد آخرين شبكة ارهابية تنتمي وتأتمر بأوامر هذا التنظيم».واضاف البيان: أقرّ المدعو (ز. ك) بأنه دخل الأراضي السورية واجتمع في الرقة مع قياديين بتنظيم داعش بهدف التنسيق لعمليات أمنية تطول الداخل اللبناني، وأنهم قاموا بإنشاء غرفة عمليات موحدة في مخيم عين الحلوة بهدف ربْطها بكافة المجموعات الإرهابية المنتمية لداعش والمنتشرة داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وكانوا يخططون لاستهداف مراكز وحواجز الجيش اللبناني وتجهيز انتحاريين انغماسيين لهذه الغاية، إضافة الى التحضير للقيام بعمليات اغتيال تطول شخصيات سياسية لبنانية وفلسطينية وتجهيز وتفخيخ سيارات لتفجيرها في أحياء الضاحية الجنوبية وتحديداً خلال فترة إحياء المناسبات والاحتفالات ومنها مراسم عاشوراء، وذلك كله بهدف إشعال وإثارة الفتنة وضرب العيش المشترك. وبعد انتهاء التحقيقات معهم، أحيلوا الى القضاء المختصّ، ولا يزال العمل جاريا لرصد وتعقّب باقي أفراد المجموعة والمحرضين والمشتركين والمتدخّلين معهم بهدف ملاحقتهم وتوقيفهم وسوقهم أمام العدالة».