صاحبة الرداء الأبيض، وأحد ملائكة الرحمة، متهمة بقسوة القلب وسوء المعاملة، واستسهال ضرب البشر، وأي بشر؟ هن الخادمات القادمات الى بلد الخير بحثا عن فرصة عمل يؤمن لقمة عيش شريفة لهن ولأهلهن المطحون غالبيتهم تحت خط الفقر في بلدانهن.ليس الأمر مجرد حكاية من نسج الخيال، القضية معروضة أمام المحكمة، والدلائل ثابتة يقينا في أن «الطبيبة» تلذذت لأربع سنوات في تعذيب خادمتها «المدغشقرية» حاجزة حريتها، مانعة عنها ضوء الشمس بعد أن فقأت عينها اليسرى وأفقدتها نعمة الإحساس بالنور.والقضية المعروضة أمام المحكمة ليست أمرا عاديا، خصوصا في مجتمع إنساني مثل المجتمع الكويتي، الذي حمل الكثيرون من أبنائه بأياديهم البيضاء الخير الى أصقاع الدنيا، خصوصا المناطق الفقيرة، فحفروا آبار المياه وأقاموا المدارس والمساجد، وبذلوا جهدهم لتحقيق حياة كريمة لبني البشر.والقضية أيضا ليست عادية بالنسبة الى بلد كالكويت، يحترم حقوق الإنسان ويقيم لها وزنا، حتى باتت وجهة الكثيرين من الباحثين عن عمل في وسط إنساني يخفف عنهم الشعور بالابتعاد عن الاهل والأوطان.قضائيا، حجزت محكمة الجنايات امس قضية الاعتداء وتعذيب الخادمة من قبل كفيلتها والتي تعمل طبيبة في وزارة الصحة الى 4 نوفمبر للنطق بالحكم.وتتلخص الواقعة في حادثة لم تشهدها المحاكم من قبل، والمتهمة فيها طبيبة كويتية تبلغ من العمر 55 عاماً، اتهمتها النيابة بأنها ضربت وعذبت المجني عليها (خادمتها) بجسم صلب ما تسبب بإصابتها بعاهة مستديمة وهي فقدان البصر في عينها اليسرى، وحجزتها اربع سنوات في منزلها بعد ان منعتها من الخروج، وما كشفه ضابط مباحث مخفر العدان في أوراق القضية من أن المتهمة كانت تعذب المجني عليها بشكل مستمر وشبه يومي، وهي معتادة على هذه التصرفات، خصوصا وأنه بعد البحث في سوابقها القضائية تبين أنه تم تسجيل قضية أخرى ضدها من خادمة أخرى عام 2007 وتحينت المجني عليها فرصة الهرب بعد أن أحضرت المتهمة خدما جددا لمنزلها، فقامت بنقل المجني عليها إلى مسكن شقيقتها فساعدتها ابنة الأخت على الهرب وأبلغت السلطات بما جرى لها.وحضر عن المجني عليها امام المحكمة محامي جمعية العمل الاجتماعي محمد جاسم دشتي، وطالب بإنزال أقصى عقوبة بالمتهمة ( الطبيبة ) مع القضاء بالتعويض، مؤكدا أن القانون جرم الرق والاستعباد، وان الظهور على الخادم بمظهر السيد والعبد هو من مظاهر الرجعية البائدة والتي جرمها المشرع الكويتي مبكرا.وأضاف المحامي دشتي أن المجني عليها مدغشقرية الجنسية تركت بلادها متوجهة الى الكويت، بلد الخير و الإنسانية هربا من الفقر، حيث يعيش نصف السكان في بلدها تحت خط الفقر، ولم تكن تتوقع للحظة أن يكون مصيرها الحرمان من البصر والتعذيب اليومي والحجز.وأشار دشتي في مرافعته الى أن تقرير اللجنة الطبية يفيد بأن الإصابة نتجت عن ضربة في العين بواسطة جسم صلب، كما أكدت تحريات المباحث قيام المتهمة بهذا الفعل وأن لديها سوابق في ضرب الخدم وقد تم تسجيل أكثر من قضية ضدها من قبل.
أخيرة
ذات الرداء الأبيض حوّلت «ملاك الرحمة» مجرماً
طبيبة كويتية فقأت عين خادمتها ... ارحموا من في الأرض
10:22 ص