استكمالاً لما ذكرته في حواري مع الاستاذ عبدالله بشارة في مقاله «في سوق الكساد السياسي» والذي اشار فيه الى خسران الكويت للنوافذ التي كانت منفتحة للتطوير السياسي والاجتماعي المتماثل مع الدستور وذلك بسبب ارتفاع الطلبات وغلاظة التعبيرات واستعجال الخطوات وضعف التفاعلات معها من جانب المعارضة.ونحن نوافق الاستاذ بشارة تحليله وذلك دون ان نغفل عن الدور السلبي الذي لعبته الحكومة لايصال البلد الى ما وصل اليه والذي تمثل في شراء ولاءات بعض نواب مجلس 2009 ودعمهم بالرغم من سوء ادائهم وسعيهم لتخريب المجلس بل واقدام الحكومة على رشوة مجموعة منهم في ما سمي بقضية الايداعات المليونية والتي كانت القنبلة التي فجرت الاوضاع السياسية وسارعت في اندفاع نواب المجلس الى ساحة الارادة من اجل تغيير الحكومة ومحاسبة المتسببين!وقد جاءت انتخابات مجلس 2012 المبطل لتجسد الغضب الشعبي من تردي الاوضاع في البلد ولتطالب بالتغيير ولكن فوجئ الشعب الكويتي بغضب السلطة من ذلك المجلس ومسارعتها الى حله والدعوة الى انتخابات جديدة بعد اقل من ستة اشهر على قيامه!ورافق ذلك الحل تغيير قواعد اللعبة البرلمانية بفرض قانون الانتخاب عن طريق الصوت الواحد، ولقد كانت ردة فعل عموم تيارات الشعب هي الغضب والمقاطعة والتي تمثلت في مجلس 2012 المبطل الثاني حيث ابتعدت عنه غالبية الكفاءات البرلمانية، بالطبع فإن كثيرا من المخلصين من ابناء الكويت قد آثروا المشاركة في الانتخابات على الرغم من عدم رضاهم عن الاوضاع ولكنهم خشوا من انزلاق البلاد الى فتنة لا يعلم إلا الله عاقبتها ونالهم من الاذى الشيء الكثير بالرغم من اقرار المحكمة الدستورية لنظام الصوت الواحد!كتب الاستاذ عبدالله بشارة مقالا بتاريخ 29/ 9 /2015 في جريدة القبس بعنوان «مجاعة الكويت... واسبابها» ابرز فيه اهم الاسباب لتآكل اللمعان السياسي الكويتي منها:تواصل المألوف في نهج الحكومة التي ترتاح للاسلوب الهادئ في متابعة اجندة التنفيذ، سواء كانت مشروعات او قرارات ادارية او حتى سياسية، مع الابتعاد عن الدخول في حوارات وندوات او لقاءات اعلامية واختصار التواجد الحكومي في قاعة البرلمان على التبليغ والتسليم، بمعنى اوضح الاكتفاء بالشرح الذي يقدمه الوزير المختص امام البرلمان عن خطة الحكومة تعقبها استفهامات برلمانية اعتيادية.هذا النهج يحرم الرأي العام من التعرف على صلابة الحكومة في الالتزام بالتنفيذ وكسب ثقة الناس بكفاءتها ومستواها العالي في تحصين سلامة البلد.فإذا جمعنا بين ما ذكره بشارة عن فشل المعارضة في تحريك الاوضاع وحل مشاكل البلد، وبين ما ذكره عن ابتعاد الحكومة عن الدخول في حوارات وندوات او لقاءات حول مشروعاتها وبرامجها فإن النتيجة الحتمية التي سنصل اليها هي ان البلد يعيش شللاً تاماً وطريقاً مسدوداً، وما ذكره بشارة من تفاؤل في المجتمع بسبب اقدام الحكومة على تعيين شخصية كويتية كنائب اول لرئيس الوزراء لا يتعدى كونه تغييراً ضعيفاً في الوقت الضائع «too little too late».ماذا كان يضير الحكومة لو فتحت المجال للحوار مع المعارضة وتفهم مطالبها بدلا من التباهي بهزيمتها وعزلها عن المجتمع؟!وماذا كان يضير الحكومة لو اقتدت بالنظام المغربي والاردني وهما نظامان ملكيان، وسلّمت بموجبه رئاسة مجلس الوزراء الى ابناء الشعب بينما تمسك هي بمقاليد الامور الرئيسية وحتى بعض الوزارات السيادية؟!بل ماذا كان يضير الحكومة لو أوكلت مهمة محاربة الفساد الى جهات شعبية لها الصلاحيات الكاملة، وبذلك تتخلص من كابوس هيمنة كبار المتنفذين، لا سيما من ابناء الاسرة على القرارات المهمة والمناقصات «الاهم»!لئن كانت المعارضة قد فشلت وتوارت عن صنع القرار، فإن الحكومة تتحمل الجزء الاكبر من المسؤولية لأنها لم تبادر الى اصلاح الاعوجاج الذي ثارت المعارضة بسببه، بل تركت «القرعة ترعى» وفاقمت الاخطاء والاهمال الى ان وصلنا الى ذلك الطريق المسدود!د. وائل الحساوي
مقالات
نسمات
حوار مع الأستاذ عبدالله بشارة (2)
05:08 ص