ينطلق غداً أحد أهم الانجازات في مجال التقاضي في وزارة العدل وهو صحيفة الدعوى الالكترونية التي سيدشنها وزير العدل يعقوب الصانع لتبدأ مرحلة جديدة من العمل القضائي، يمكن وصفها بـ «الفتح» الجديد لتطبيق شعار الوزارة «العدالة الناجزة» لا سيما من ناحية تسريع عملية التقاضي.وتمثل تلك الخطوة انعكاسا لسعي وزارة العدل لمواكبة التطور الذي شهدته ساحات التقاضي عالميا، بعد سنوات من جمود التشريعات التي أوجبت التعامل الورقي والعمل الروتيني ما كان سببا في تنازل الكثيرين عن حقوقهم بسبب طول عملية التقاضي وكثرة إجراءاتها الروتينية التي تكون عبئا على المتقاضي والمحامي والهيئة القضائية.«الراي» واكبت تلك الخطوة بالتعرف على رأي أهل الميدان، فتكشف أمامها انه رغم طموح الجميع الى ميكنة كافة قطاعات الدولة للقضاء على العمل الروتيني والاستفادة الكبرى من التطور التكنولوجي تباينت آراؤهم ما بين مرحب بالفكرة ومتخوف من تطبيقها لعدم وجود ارضية جيدة لتطبيق اعمال الميكنة كون الموظفين يحتاجون الى دورات لصقل مهاراتهم في العمل الالكتروني ليتمكنوا من التطبيق الفعلي الناجح لأي مشروع ميكنة يطرح للتطبيق.وفي هذا السياق، أكد وكيل محكمة الاستئناف ،رئيس اللجنة الخاصة بتطوير العمل في قطاعات وزارة العدل باستخدام الوسائط الالكترونية المستشار علي الضبيبي أن «برنامج صحيفة الدعوى الالكترونية سيحقق نقلة نوعية في عملية التقاضي، إذ سيختصر كثيرا من الجهد والوقت على المحامي وصاحب الدعوى ووزارة العدل، فالخطوات التي كانت تستغرق الكثير من الوقت الآن ستصبح آلية وستؤدي الى تحقيق الشعار الذي رفعته وزارة العدل وهو العدالة الناجزة».وبين أن «اتجاه وزارة العدل لميكنة كافة خدماتها جاء لرفع مستوى الانجاز واللحاق بركب التكنولوجيا في كل القطاعات أسوة بما يتم التعامل به في كثير من دول الخليج العربي ودول العالم»، لافتا الى أن «تطبيق اي نظام الكتروني يحتاج الى تدريب للكوادر التي ستعمل عليه ولذلك بدأنا قبل ثلاثة اشهر في اعداد النظام وتدريب ضباط الدعاوى عليه حيث اخذوا التدريب الكافي للعمل على هذا البرنامج الذي سيحقق نقلة نوعية في عملية التقاضي».واضاف: قبل اسبوعين بدأ العمل التجريبي على البرنامج من خلال تقديم احد المحامين لصحيفة الدعوى من خلال البرنامج وبالفعل تمت متابعتها واخذت خطواتها بشكل فعلي حتى وصلت الآن الى هيئة المحكمة للبت فيها، موضحا ان «هذا الوضع مطمئن حتى الآن وسيتم اختبار قدرات العاملين على البرنامج واذا رأينا انهم بحاجة الى مزيد من التدريب فالامر سهل والكوادر التدريبية جاهزة لاداء الدور المنوط بها في معهد التدريب القضائي».واشار الضبيبي الى انه «سيتم تدشين هذا المشروع النوعي بحضور عدد من القيادات والمسؤولين في الدولة وجار ترتيب ذلك من قبل المعنيين في وزارة العدل»، مؤكدا أن «البنية التحتية لتشغيل البرنامج على ارض الواقع جاهزة ولا يوجد اي معوقات تواجه تطبيق هذا المشروع خاصة بعد صدور القانون الخاص بالتوقيع الالكتروني».ودعا جميع المحامين إلى «تسجيل توقيعهم الالكتروني لدى الجهة المختصة ليتسنى لهم العمل من خلال مشروع صحيفة الدعوى الالكترونية خاصة وان بعض المحامين لديهم توقيع الكتروني خاص بهم ومعتمد»، مشيرا الى ان «ما تم من انجازات في شأن ميكنة العمل في وزارة العدل جاء بدعم من وزير العدل وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية يعقوب الصانع حيث اتخذت وزارة العدل شعارا لها وهو العدالة الناجزة وبالفعل تتم ترجمة هذا الشعار على ارض الواقع حاليا».وبدوره، قال رئيس جمعية المحامين الكويتية وسمي الوسمي «ان مشروع صحيفة الدعوى الالكترونية انجاز كبير ونقلة نوعية في آليات التقاضي في محاكم الكويت»، مضيفا: «اننا كجمعية المحامين الكويتية كنا مع اللجنة المختصة في هذا الشأن خطوة بخطوة وهذا انجاز يحسب للوزير ويخفف الضغط عن الموظفين».وذكر ان «هذا المشروع يوفر الكثير من الوقت والجهد على المحامين والمتقاضين وهو بداية لحقبة جديدة من التطور وفي آليات التقاضي التي تسعى اليها وزارة العدل وكذلك تساندها جمعية المحامين الكويتية»، مشيرا الى انه «منذ تولي الوزير يعقوب الصانع حقيبة وزارة العدل تم تشكيل لجنة مشتركة من قبل الجمعية والوزارة وبدأنا في حل مشاكل التنفيذ والإعلان والجلسات وغيرها من الامور التي كانت تعيق عملية سرعة التقاضي».ولفت الوسمي إلى أن «وزارة العدل متعاونة جدا مع المحامين ومع الجمعية بشكل خاص وواعية لاهمية دور المحامي وعملت على مساعدتنا بكل ما تستطيع، والانتقال من العمل الورقي الى الصحف والدعاوى الالكترونية وميكنة كافة الاجراءات القضائية امر لابد منه لمواكبة التطور الحاصل في العالم».وفي الشأن ذاته، أشارت المحامية بشرى الهندال إلى أهمية سعي الدولة لمواكبة التطور التكنولوجي الذي انتشر في الدول المتقدمة «والخطوات التي تتخذها وزارة العدل هي خطوات مشكورة، تأخرت كثيرا لتحديث المنظومة القضائية من خلال تيسير الاجراءات»، واصفة مشروع صحيفة الدعوى الالكترونية بأنه «انجاز يستحق الاشادة حيث اننا في الاجراء الورقي كنا نذهب الى المحكمة لايداع الصحيفة وندخل في دوامة الروتين التي تعطل الانجازات كما لا يخفى على احد ان لدينا خمس محاكم في الكويت ونحن كمحامين نعاني ونخسر الوقت والمال من خلال زيادة عدد الموظفين لكي نغطي كافة المحاكم».وبينت الهندال أن «تفعيل الجوانب التكنولوجية في وزارة العدل سيوفر علينا الكثير كمحامين وكذلك كمتقاضين حيث اننا نقلص عدد الموظفين في مكاتب المحاماة ونكتفي بمن يدير العمل التكنولوجي»، لافتة إلى أن «محكمتي الجهراء والاحمدي بدأتا في تطبيق التنفيذ الالكتروني وطبقتا نظام الايميل حيث يرسلون رسالة عبر البريد الالكتروني ونقوم بدرونا بطلب الاجراءات التنفيذية من خلاله وهذا سهل لنا بشكل كبير حيث اننا بعد ارسال الطلب يتم الرد علينا بانه تم تنفيذ المعاملة».وذكرت أن «مواكبة التطور في وسائل التقاضي أمر سعينا له وما زلنا نسعى للمزيد منه حيث اننا مع كل الخطوات الايجابية التي تتخذها وزارة العدل في هذا الجانب، حيث أصبح لدى الموكل ثقافة ويستطيع متابعة قضيته مع المكتب والمحكمة من خلال الهواتف الذكية والانترنت ونتمنى المزيد من الانجازات».وعلى صعيد المتخوفين، انتقدت المحامية أنعام حيدر آليات الميكنة عند تطبيق اي نظام الكتروني في الكويت، معتبرة ان «التسرع في انجاز المشاريع الالكترونية سيتسبب في فشل المشروع ايا كان ولذلك قبل الشروع في مشروع صحيفة الدعوى الالكترونية يجب ان يتم تأهيل الارضية المناسبة لتطبيقه على ارض الواقع ولنا في ميكنة وزارة الشؤون خير مثال».وأضافت: «على وزارة العدل ان تعرف للجمهور معنى وآليات عمل صحيفة الدعوى الالكترونية وما المقصود بها فنحن امام قضاء والتأكد من تقديم الدعوى وحضور المحامي امر مهم جدا»، مستطردة: «انني مع ميكنة الخدمات القضائية وخاصة رفع الدعوى الكترونيا ولكن يجب ان نضمن ألا يحتوي البرنامج على أي اخطاء فنية حيث اننا نقف امام الموظفة لتسليم الدعوى وتحصل اخطاء».و ذكرت حيدر أن «مشروع تأسيس الشركات الذي طرح عن طريق النت وخلال ثلاثة ايام لم يتم تفعيله بشكل واقعي حيث ان الشخص مطالب بادخال البيانات من خلال النت ثم مراجعة الموظفين، فأي ميكنة هذه؟! حيث اتضح ان القائمين عليه غير مدربين التدريب الكافي».وتساءلت عن الضمانات التي تمنح للمحامين بأن الدعوى قد رفعت «فنحن نعاني كثيرا من تعيين المناديب وكثرتهم ويضيع علينا اليوم دون انجاز يذكر بسبب مضايقة الموظفين للمناديب وعدم قبول الموظفين في العدل لاكثر من دعوى واحدة للمندوب في اليوم».وتابعت: «ان التطوير الذي لاحظناه في وزارة العدل هو استبدال رول الجلسات بشاشات عرض في اروقة المحكمة، ونحن لا نريد ان تكون الافكار والتطور حبرا على ورق او أن يتم التعجل به ويكون مليئا بالاخطاء»، مشددة على انه «قبل أن يتم تطبيق مثل هذه المشاريع المتميزة يجب ان يكون قد تم اعداد مقوماته الاعداد الصحيح ونحن نطمح إلى ان نصبح بمستوى التقدم الذي شهدته دبي عندما تم تطبيق مشروع يتم العمل به دون اي اخطاء او تعطيل، وهذا لا يعتبر رفضا منا لمشروع الدعوى الالكترونية بل نحن مع النظام الكامل وان يحصل الموظفون على التدريب الكامل أما إن كان لا توجد امكانات فهذه مشكلة».من جهتها، شددت المحامية وفاء العلي على «أهمية الانتقال من أجيال الورق والروتين الى جيل التكنولوجيا والتطور الرقمي الذي بات سمة من سمات العالم المتقدم، فطموحاتنا كشباب كويتي ان تحول كافة المعاملات الحكومية الى النظام الالكتروني وذلك للقضاء على الروتين المحبط وغيرها من السلبيات»، موضحة «ان اقبال وزارة العدل على تطوير خدمات التقاضي ودخول عالم الميكنة امر مرحب به ونشجعه ونحن له من الداعمين خاصة مشروع صحيفة الدعوى الالكترونية».وأضافت: «رغم فرحنا بالتقدم الذي تشهده وزارة العدل لدينا مخاوف لا نستطيع اخفاءها خاصة في الكوادر التي ستشرف وتدير النظام الالكتروني فلدينا في عدد من مؤسسات الدولة تجارب مؤسفة في التعامل مع التكنولوجيا حيث ان الدولة تكلفت الكثير على استحداث برامج الكترونية متخصصة الا ان فشل التطبيق لها كان بسبب ضعف تدريب الكوادر العاملة عليها»، مبينة أن «أبسط مهارات التعامل مع الحاسوب تكاد تكون مفقودة لدى بعض العاملين على الاجهزة وهذا يرجع لاهتمام الدولة بالبرامج وعدم اهتمامها بالمشغل لهذه البرامج».واشارت العلي الى تشجيعها للخطوات التي تقوم بها وزارة العدل في الجانب التكنولوجي، مطالبة بـ «التعلم من اخطاء الجهات التي سبقت وزارة العدل في عملية الميكنة وان تضع الوزارة جهدها في تدريب العاملين على هذه البرامج المتطورة وان تقلص نسبة الاخطاء في التطبيق بشكل كبير خاصة مع بداية تطبيق مشروع صحيفة الدعوى الالكترونية».وذكرت ان «المشاريع التكنولوجية التي ستطبق في وزارة العدل ستصب في مصلحة كل الاطراف وتحسن اجراءات التقاضي وتعجل من عمليتها وتساهم في تخفيف الاعباء المالية عن مكاتب المحاماة من خلال تقليص عدد المناديب والتركيز على تحسين الاداء في كل المجالات».وأوصت بـ «اعتماد وزارة العدل للبريد الالكتروني لكل شخص موجود على ارض الكويت في اتمام الاعلانات والصحف والاحكام، وأن تقوم شركات متخصصة بدور مندوبي الاعلان في اتمام الاعلانات الخاصة بصحف افتتاح الدعاوى والاستئناف والتمييز مقابل رسوم تقدر بـ10 دنانير على كل صحيفة او حكم او حسب عدد الاطراف المطلوب اعلانهم وتعتمد من وزارة العدل».وبدوره، بين المستشار القانوني صلاح سلامة أن «الدعوى الالكترونية بداية لتعميم منظومة اجراءات التقاضى الالكتروني التي أصبحت ضرورة ملحة في العصر الحالي الذي يعتمد على تكنولوجيا المعلومات وهو ما يوفر العدالة الناجزة التي يسعى اليها الجميع باستخدام الوسائل الحديثة في المنظومة القضائية».وذكر سلامة أن «توافر الكوادر المدربة ذات الكفاءة لتطبيق هذا التوجه فإن ذلك سيسهم بشكل كبير في توفير الوقت والجهد على المتقاضين ووكلائهم من المحامين، ويحد من استخدام صحف الدعاوى الورقية وما ينتج عنه من فقدانها وهو ما ظهر بشكل واضح في الفترة الماضية لكثرة الدعاوى المرفوعة».ولفت إلى أن «النظام القضائي الالكتروني أصبح شائعا في العديد من دول العالم وهو ما يجنب المتقاضين الانتقال الى المحكمة المختصة ومراجعة الموظفين وما يستتبع ذلك من انتظار لأوقات طويلة لقيد الدعوى».واشترط سلامة «وجود ضمانات وحماية قانونية لانجاح مشروع الدعوى الالكترونية ومن ثم تعميمها على جميع المراحل التي يستغرقها نظر الدعوى بما فى ذلك تسلم الاحكام»، لافتا إلى أنه «قد تثار بعض المشكلات القانونية بالنسبة لنظام التوقيع الالكتروني وضمان أن يكون من أقام الدعوى هو شخص المدعي أو من ينيبه فى ذلك، إذ إن القوانين المعمول بها لم تعالج تلك الحالات وهو ما يوجب تعديلها لتواكب العصر».