شيوخ

عرف أصدقاء جاسم عنه حبه وعشقه للكتابة...فمذ كان طالباً في المدرسة، وأهم نشاط يمارسه هو الكتابة.التحق جاسم بالجامعة وازداد حبه للكتابة.وأصبح من الأسماء الدائمة في مجلة الجامعة.بعد أن تخرّج في الجامعة، قرر جاسم أن يعرض خدماته على الصحف الموجودة في بلده الجميل...بالفعل، تقدم للكتابة في إحدى الصحف في بلده.نعم، إنها ليست أشهر الصحف وليست من الصحف الأكثر قراءة بين أهل البلد، ولكنها البداية. وعليه أن يثبت وجوده، وبعد ذلك ينتقل للعمل في إحدى الصحف الأكثر انتشاراً في بلده الجميل.طلبه رئيس التحرير في مكتبه قبل أن يبدأ!وبدأ رئيس التحرير بإعطاء التعليمات لجاسم...أولها، ممنوع انتقاد أبناء القبائل، وهم خط أحمر.ويُمنع الكتابة عن الطائفية والمذهبية، وهذا خط أحمر.ويُمنع انتقاد التجار وانتقاد تصرفاتهم، كما يُمنع الخوض في أي موضوع يخص التجار، وهم خط أحمر عريض جداً يُمنع منعاً باتاً تخطيه... وعلا صوت رئيس التحرير وزادت حدة عصبيته، وهو يردد أن تخطي هذا الخط يعني الفصل من الصحيفة!ثم بعد ذلك، وجّه جاسم سؤاله الأول لرئيس التحرير: «من هم الذين يحق لي انتقادهم في كتاباتي؟!».ردّ رئيس التحرير من دون تردد: «الشيوخ»!انبهر جاسم من الرد...واسترسل رئيس التحرير قائلاً: «نعم، الشيوخ يمكنك انتقادهم، ويمكنك رفع سقف الانتقاد إلى الحد الذي ترغب فيه... ويمكنك الانصراف الآن».اتجه جاسم نحو الباب خارجاً، لكنه وجّه سؤاله الثاني لرئيس التحرير: «أي شيوخ تقصد؟!».رد عليه بكل ثقة: «شيوخ الدين طبعاً»...«لا يكون فهمتني غلط يا جاسم»!