لم تكن العمولة المنخفضة وحدها سببا كافياً لاستفزاز كبرى شركات الصرافة المحلية وشعورها بالغصة من الشركات الصغرى ،التي يبدو أنها بدأت حرب أسعار شرسة في سوق التحويلات إلى بعض الدول وفي مقدمتها مصر، عنوانها «أريد عميلا بأي ثمن».فقد لمست شركات الصرافة الكبرى في الآونة الاخيرة تراجعا في حصتها من سوق التحويلات وتحديدا إلى جمهورية مصر العربية، رغم العروض المغرية التي تقدمها لعملائها من حسومات على العمولة وسيارات على سحوبات تجريها بشكل فصلي، علاوة على حفلات غنائية وغيرها من الامتيازات المتبعة لاستقطاب العملاء.يذكر أن العمولة التنافسية على تحويل الأموال إلى مصر تتراوح بين الشركات الكبرى تتراوح بين دينارين و2.5 دينار، بغض النظر عن قيمة التحويل ما لم تتجاوز 15 الف دينار تقريبا، مع الأخذ بالاعتبار أن هذه القيمة متفاوتة بين شركة وأخرى.وبالتحري، اكتشفت شركات الصرافة الكبرى أن بعض منافسيها من الشركات الصغرى وتحديدا ثلاثة منها فتحت بابا خلفيا لاستقطاب عملاء التحويلات ليس عن طريق تحصيل عمولة منخفضة من العملاء تصل احيانا إلى «صفر» في حال تجاوز المبلغ المحول 10 آلاف جنيه، بل أيضا من خلال ضرب سعر صرف الدينار بهامش مغرٍ ومحير لشركات الصرافة الكبرى.وتوجد في الكويت 40 شركة صرافة مرخص لها للعمل من وزارة التجارة والصناعة وتحت رقابتها أيضا وتعمل تحت إشراف بنك الكويت المركزي.في البداية اعتقدت الشركات الكبرى ان عروض زميلاتها الصغرى مجرد طيش عمل شركات صغيرة ترغب في تربية زبون ،وتأتي ضمن المنافسة الشرسة الحاصلة بين سوق الصرافة المحلية منذ فترة للاستفادة من عمليات تحويل العملات وأن المسألة مسألة وقت حتى تعود هذه الشركات إلى رشدها والعمل بسعر الصرف المعلن من البنك المركزي خصوصا عندما تتمكن من تكوين قاعدة عملاء. لكنها مع الوقت وجدت ان الحرب على الدينار لم تتوقف بل ازدادت شراسة المنافسة من قبلها على تخفيض سعر الصرف في الشركات الثلاثة عن سعر الصرف المعمول به في أفرع شركات الصرافة الكبرى.شركات الصرافة الكبرى لديها تفسير لذلك، وهو أن تصرف هذه الشركات ناتج عن قيامها بإجراء مقاصة اموال بين اطرافها البلد المحول إليها الأموال دون اجراء عملية تحويل كاملة مستفيدة من وجود قيود على عمليات الصرف في بعض الدول ما خلق سوقا غير نظامي، سواء للعمل مع افراد او مؤسسات، ويمكن لهذه العمليات ان تنشط في السوق الكويتي الذي توجد فيه جاليات كبيرة من مواطني هذه الدول التي تفرض قيودا صارمة على عمليات سحب العملات الصعبة لجهة السحب أو لكمية المعروض من هذه العملات التي لا تتناسب مع حجم اعمالهم.علاوة على ذلك فإن جميع هذه العمليات تتم من خلال سوق غير نظامي، وبشكل يخالف تعليمات البنك المركزي الذي لا يسمح بمثل تلك العمليات.وبالطبع، لا يتحمل البنك المركزي مسؤولية ما يجري، لأن الخلل ليس في التعليمات، بل في ما تقوم به تلك الشركات على هامش النظام المصرفي.ولذلك تجد شركات الصرافة صعوبة في مجاراة هذه التحويلات غير النظامية لكونها ملزمة بالتحويل عن طريق بنك محدد لديها ومسجل لدى البنك المركزي، في البلد الذي تحوّل إليه الأموال، حيث تقوم هذه الشركات بمبادلة الدينار بالدولار او بأي عملة اخرى وفقا لسعر الصرف المحدد من البنك المركزي للبلد المحول اليه الاموال، ومن ثم لا توجد جدوى أمامها من الانسياق وراءها للمنافسة على سعر الصرف والا سيكون عليها تحمل الفارق من (كيسها) اي من ارباحها.وأمام ذلك قررت بعض الشركات الكبرى اشراك البنك المركزي في مخاوفها وإحاطته ببعض ابعاد اللعبة التي قد تلجأ اليها شركات الصرافة في هذا الخصوص، وإلى ذلك علمت «الراي» ان اكثر من شركة صرافة كبرى تحضر لرفع الامر إلى البنك المركزي وقبل ذلك قامت بإرسال أشخاص تابعين لأعماله بإجراء تحويلات رسمية عبر هذه الشركات ليحصلوا على فواتير تؤكد اسعار صرفها صدق تحركاتها.لكن الإشكالية التي قد تواجه هذه المساعي انه وإذا تفهم الناظم الرقابي مخاوفهم الا انه قد لا يستطيع محاسبة هذه الشركات من نافذة ان الشركات الصغرى توفر سعرا افضل للعميل، ولكنه قد يتدخل لإلزامهم بتعليماته في هذا الخصوص وذلك بإجراء جميع تحويلاتهم من خلال حساب محدد ومسجل لديه في احد البنوك المعترف بها في البلد المحول لها وبالتالي يكون قد ضيّق الخناق عليها وأوقف الشبهات المثارة في هذا الشأن.طريق آخر قد تلجأ إليه شركات الصرافة الكبرى المتضررة من هذه المنافسة بالتوازي، وذلك عن طريق اللجوء إلى جهاز حماية المنافسة والطلب منه حماية رؤوسهم من «عصاعص» شركات الصرافة بحسب وصف أحد مسؤولي الصرافة الكبار.يذكر أن صندوق النقد الدولي اشاد بالبنك المركزي وبمستوى الرقابة المحكم الذي يفرضه على الوحدات الخاضعة لرقابته، لكن تبقى محاولة بعض شركات الصرافة او موظفيها باستغلال طرق غير قانونية أمر وارد خصوصا وأن التعاملات لا تستخدم خطوط تحويل فعلي بل تعتمد على مقاصة أموال بين أطراف دون اجراء عملية تحويل كاملة.