تجمّعت في المشهد اللبناني «سلّة لاءات» عكست انسداد الأفق أمام التسوية «المثلثة الضلع» التي تقوم على توفير مخرج يُبقي صهر زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، العميد شامل روكز، في الجيش بعد 15 الجاري، موعد إحالته على التقاعد، وتسهيل عمل الحكومة الرئاسية من خلال التفاهم على آلية مرنة لاتخاذ القرارات فيها، وإعادة عجلة التشريع في البرلمان وإنِ المقنّن من باب الضرورة. وهذا الأمر يضع البلاد امام خطر الدخول في نفق التعطيل الشامل الذي تتشابك فيها الأزمات وسط انعدام امكانات حل العقدة الأم المتمثلة في الفراغ الرئاسي المعلّق على «الحبل المشدود» الذي تسير عليه المنطقة برمّتها.فرئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي دعا الى «ثلاثية حوار» الثلاثاء والاربعاء والخميس لاستكمال البحث في ملف رئاسة الجمهورية، ما زال ملتزماً بشعار «لا تبحثوا معي اي شيء» قبل بتّ قضية النفايات التي تدخل الاسبوع الطالع مرحلة مفصلية.وعون حدّد لاءاته على أكثر من مستوى. فهو يرفض اي صيغة تُقايض ترقية روكز (وعميديْن آخريْن) الى رتبة لواء، وتالياً تأخير تسريحه لسنة (بما يبقي على حظوظ بتولّي قيادة الجيش لاحقاً) بتقديم تنازلات تتصل بآلية علم الحكومة التي يصرّ فيها على الإجماع في اتخاذ القرارات او التوافق الذي يُسقِطه اعتراض مكونيْن رئيسيْن. علماً ان هذه الورقة تُعتبر «ثمينة» بالنسبة الى زعيم «التيار الحر» وحليفه «حزب الله» باعتبار انها أولاً تشكّل أداة ضغط رئيسة في سياق المعركة التي يخوضها عون للوصول الى رئاسة الجمهورية، كما انها تُبقي على هامش مريح لضبْط المؤسسة الدستورية التي ورثتْ صلاحيات رئاسة الجمهورية على إيقاع مقتضيات معركة الاول الرئاسية ومعارك الثاني الإستراتيجية في المنطقة.من جهتها، حدّدت قيادة الجيش «لاءاتها» التي يوافقها عليها بالكامل فريق الرئيس السابق ميشال سليمان ووزراء «الكتائب» ووزراء آخرين، لجهة رفْض صيغة الترقيات، لأنها تفتقد الى معيار واضح، ولأنها تؤثر في هرَمية المؤسسة العسكرية وهيْبتها، ناهيك عن الاعتراضات التي بدأت تبرز من داخل الجيش على ترقية 3 عمداء الى لواء في حين ان عشرات العمداء يسبقونهم في الأقدمية، وسط تلويح بالطعن بمثل هذه الخطوة التي بدا واضحاً تراجُع الدعم الاميركي - السعودي لها نتيجة الرفض لها من قيادة الجيش التي لم توح أجواؤها بأن هناك اي مخارج حتى الساعة قابلة للحياة.وعلى وقع هذا الانسداد في الحلول، بدا واضحاً ان رئيس الحكومة تمام سلام اختار التريّث في الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء، سيقاطعها حتماً وزراء عون و«حزب الله» الذين رفعوا سقف التحدي بوضع مصير الحكومة الرئاسية على المحك، على خلفية ملف روكز، اذ نقلت تقارير صحافية عن اوساط زعيم «التيار الحر» أنه «إما ان يختاروا حلاً ينقذ الحكومة او ما عرضه الوزير وليد جنبلاط بالذهاب الى جزر السيشل، لأن هدفنا ليس ترقية ضابط بل إنقاذ الجمهورية، وهذا لا يكون إلا بالاحتكام الى الشعب عبر انتخاب مجلس نيابي جديد»، فيما برز اعلان نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم «اننا اليوم على أبواب انهيار الحكومة اللبنانية، لأنّ كلّ التسويات التي اقتُرحت من أجل معالجة عدم اجتماع الحكومة اللبنانية رفضَها فريق (14 آذار) مرّةً مجتمعاً وأخرى متفرّقاً بتوزيع الأدوار».وما جعل كلام عون و«حزب الله» يكتسب أهمية مضاعفة، انه جاء على وقع رفع الحزب سقف التصعيد بوجه «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) والسعودية التي تشهد علاقتها بطهران توتراً كبيراً نتيجة تداعيات حادثة مِنى، وسط علامات استفهام تُطرح حول ارتدادات هذا السقف العالي من المعركة الكلامية بين «حزب الله» و«المستقبل» على جولة الحوار الثنائي الجديدة بينهما بعد غد.واذا كان شلّ الحكومة بات أمراً مفروغاً، فإن الأنظار تتّجه الى مصير حوار الأيام الثلاثة الذي دعا اليه بري وسط عدم استبعاد بعض الدوائر إمكان ان يلجأ رئيس البرلمان الى إرجاء موعده، في مقابل اعتبار أوساط سياسية ان بري لن يتحمّل مسؤولية إجهاض «مولوده الحواري»، وانه سينتظر ما سيقوم به عون الذي كان لوّح بمقاطعة الطاولة ما لم تحصل التسوية بملف روكز، وسط معلومات عن ان جانباً آخر من موقف زعيم «التيار الحر» إزاء الحوار بات مرتبطاً ايضاً بـ «المعركة» المستجدة بين وزير المال علي حسن خليل (مستشار بري) ووزارة الطاقة (يتولاها وزير من تكتل عون) والتي يبدو المستهدَف الاول منها صهر زعيم «التيار الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، الذي سبق ان تولى حقيبة الطاقة. بمعنى أن استمرار محاولة ربْط باسيل بملفات فساد - وهو ما سيعبّر عنه اجتماع لجنة الطاقة والأشغال النيابية غدا - سيقابله تشدُّد عون حيال بري في الحوار، من دون ان يُعرف كيف سيتصرف رئيس البرلمان حينها، ولا سيما ان «حزب الله» يفترض ان يكون دخل على خط محاولة رأب الصدع بين حليفيْه.على صعيد آخر، حضر الوضع اللبناني في اللقاء الذي عُقد امس بين البابا فرنسيس الاول والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في الفاتيكان. وحسب مكتب شؤون الإعلام في المديرية العامة للأمن العام، فان البابا استقبل اللواء ابراهيم يرافقه وفد من ضباط المديرية «وتلت الاستقبال خلوة بين الحبر الأعظم واللواء ابراهيم استمرت عشر دقائق تركز البحث فيها على تطورات المنطقة عموماً والوضع المسيحي خصوصاً في ضوء التحديات الأخيرة، وأظهر البابا اهتماماً بالوضع اللبناني والمسيحي، خصوصا في ما يتعلق برئاسة الجمهورية». واشار البيان الى ان اللواء ابراهيم قدّم الى البابا فرنسيس هدية هي ايقونة تعود الى القرن الثامن عشر.
خارجيات
عون و«حزب الله» يلوّحان بـ «انهيار الحكومة»
لبنان أسير «لاءات» متبادَلة ويسير على «حبل مشدود»
البابا مصافحاً اللواء ابراهيم
09:00 م