كثير منا يمتلك منهجية ناضجة للتفكير، وله إمكانات ذهنية عالية، إلا أنه أحياناً يخفق في محاولاته لفهم الواقع أو معالجة مشكلة من المشكلات، وذلك يعود إلى عدم تمتع الإنسان بما يكفي من اليقظة الفكرية وبما يكفي من التجرد من الهوى والتحلي بالموضوعية والإنصاف.وحتى لا نقع في مصيدة الجاهلين وأهل الأهواء لابد أن نجزم حيث ينبغي الموقف، أي لا نصدق كل ما يحدثنا به الناس، وكلنا يعلم أن الطبيعة تكره الفراغ، ومن ثم فإن معظم الناس حين يرون ما شاهدوه يحاولون ملء الفراغات الموجودة في معرفتهم بالموقف أو الحدث من خلال التخمين المرتكز على معارفهم وخبراتهم السابقة، أي يقومون بعمل اجتهادي، والمجتهد يخطئ ويصيب، ومن ثم ليس من المنهجية أن نتلقى بالتسليم كل ما نسمعه ممن رأى حدثاً من الأحداث، وفي معظم الأحيان يكون الناقل لحدث بعيداً عن موقع الحدث، وبالتالي فإنه يروي عمن شاهد الحدث، أو يروي عن أشخاص رووا عمن شاهدوا الحدث... وفي هذه الحال فإن إمكانية وقوع الغلط وعدم المصداقية تصبح أكبر.كما أنه لا نجامل على حساب الحقيقة، والنتيجة تكون الوقوع في فخ ومصيدة الأهواء والجاهلين، احترام الحقيقة والحرص على الوقوف عند حدودها صفة من صفات الإنسان الصادق الواعي، وهي ركن رئيس في منهجه في احترام الحقيقة والوقوف عند حدودها، يحدث أحياناً أننا نعرف الحقيقة، لكننا نخاف من قولها، وهذا الخوف إما أن يكون منبعه كون الحقيقة حادة وفاضحة، وهنا سيكون قولها مؤذياً، أو منبع الخوف على مصالحنا، ومصالحنا ليست فقط مادية أو مالية، قد تكون معنوية تتعلق بتقدير الناس لنا، وقد نخاف من الجهر بالحقيقة، لأنها قد تُفهم على نحو خطأ بسبب التوتر السائد أو بسبب سفاهة وغفلة من يتعلق الأمر بهم...ولتجنب المجاملة التي أحياناً توصل الإنسان إلى الكذب والنفاق خصوصاً ان بالغ فيها وزينها برتوش زائفة، لا نقول الباطل حتى وإن كنا في ظروف حرجة لا تسمح لنا بقول الحق، لكن من المهم أن ندرك أن التزام السكوت وتجاهل الأخطاء الفادحة من أي جهة كانت سيصبح بالغ الضرر إذا تحول إلى ظاهرة، كما أنه لابد أن ندرك أن النضج في منهجية التفكير وبلورة الأمور تُحمّل المرء الناضج مسؤوليات لا يتحملها من ليس بصفاته، لذا علينا أن نبحث دائماً عن طريقة ما لقول الحق وكشف الحقيقة ولا نجامل على حسابها، ونغش الناس ونكرّس الأخطاء في حياتهم.m.alwohaib@gmail.com twitter: @mona_alwohaib