يلقي رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام اليوم كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل ان يترأس اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان، فيما تكون بيروت مرّرت للمرة 29 جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، من دون ان يتوافر نصابها القانوني، نتيجة تعطيله من كتلتيْ زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون و«حزب الله».والواقع انها المرة الأولى منذ بدء الشغور الرئاسي قبل 16 شهراً ونيّف، يكون الأفق الاقليمي - الدولي، الذي يشكّل «الحاضنة الضرورية» لإنجاز هذا الملف، مقفلاً بهذا الوضوح، او أقله حاسماً في وضعية «التريث»، في ما خص مقاربة الواقع اللبناني من زاوية الاستحقاق الرئاسي، ليتركّز الاهتمام على سبل تدعيم الاستقرار السياسي من خلال تفعيل عمل الحكومة، والتصدي لـ «قنبلة» النازحين التي بدأت تنفجر «بين أيدي» أكثر من بلد أوروبي.وبعد الإشارات التي جاءت من نيويورك في اليومين الماضييْن، وعكست ان معالجة الملف اللبناني بكلّيته صارت جزءاً من مسار التسوية المتصل بالأزمة السورية، في ضوء المعطى الاستراتيجي الذي شكّله الدخول الروسي العسكري فيها، فان الكلام الذي نُقل عن الرئيس سلام وما كُشف عن فحوى ما سمعه من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، اضافة الى إعلان الأخير إرجاء زيارته التي كانت مقررة الى بيروت الشهر المقبل الى نوفمبر، جاء ليثبّت عودة الوضع اللبناني الى «الثلاجة»، ريثما يتضح أفق الملف السوري، الذي يبدو طريقه مشوباً بتعقيدات غير سهلة، عبّر عنها التضارب العلني في المواقف بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي باراك اوباما حيال «خريطة الحل» السوري، والأهمّ إعادة اوباما تكريس معادلة «مرحلة انتقالية بلا الرئيس بشار الأسد».فالرئيس سلام أبلغ الى الصحافيين المرافقين له ان «المجتمع الدولي مشغول بنفسه وبالأزمة السورية ومواضيع أخرى»، مشيراً إلى ان «لبنان يحضر دائماً على أجندات اللقاءات في نيويورك، ولكن على مستوى الحل لا شيء ملموساً»، واصفاً خطاب اوباما بأنه «مدروس جداً ويحتوي على مقاربات لمواضيع عدّة أبرزها الملف السوري»، وملاحظاً ان «المجتمع الدولي بات يتعاطى بجدية أكثر مع ملف اللاجئين بعدما طرق هؤلاء أبواب أوروبا وأدرك انه مقصّر في هذا الإطار».وفيما يغادر رئيس الوزراء اللبناني نيويورك اليوم، تنتظره مع عودته المرتقبة غداً الى بيروت المهمّة الشائكة المتصلة بمحاولة إحداث اختراق في الملف الذي يحتجز عمل الحكومة، والمتمثّل في البحث عن مخرج يُبقي صهر العماد عون العميد شامل روكز في المؤسسة العسكرية بعد منتصف أكتوبر المقبل (تاريخ إحالته على التقاعد)، في إطار تسوية يفترض ان تشمل استعادة انتظام جلسات مجلس الوزراء وإنتاجيتها والإفراج عن جلسات التشريع في البرلمان وتسهيل خطة وزير الزراعة أكرم شهّيب لحلّ أزمة النفايات.وبدا من المعطيات التي توافرتْ امس، ان مسار التسوية في قضية روكز والذي يُرجّح ان يترافق مع عدم دعوة سلام الى جلسة لمجلس الوزراء كانت متوقعة غداً وذلك إفساحاً في المجال للمزيد من الاتصالات، يتحرّك على طريقة «هبّة باردة، هبّة ساخنة»، وسط خشية من ان يكون المناخ الايجابي الذي يجري الترويج له في سياق شراء الوقت وتَقاذُف رمي المسؤولية عن عدم بلوغ حل في ملف روكز.والأكيد انه بمعزل عن آليات التسوية التي يتم الحديث عنها وتفاصيلها، فإن «تيار المستقبل» نجح في الخروج من زاوية الاتهام بالتعطيل التي كانت لاحقته، بعدما تقاطعت مواقف قادة فيه عند تأكيد انه مع إيجاد تسوية متكاملة شرط ان تأخذ في الاعتبار استقرار عمل الحكومة، وعدم تعريضها للاهتزاز مجدداً، بعد بت ملف الترقيات، وهو ما عبّر عنه وزير الداخلية نهاد المشنوق بإعلانه انه «اذا كانت الترقيات العسكرية جزءاً من الاستقرار السياسي وصحة العمل الحكومي فبالتأكيد الرئيس سعد الحريري سيوافق عليها».ويتّضح من المداولات الجارية في الكواليس ان المعركة الفعلية الدائرة على تخوم ملف روكز ترتبط بآلية عمل مجلس الوزراء وسط المعادلة الآتية: ان اي تسوية لملف روكز وفق الآلية التي يتمسك بها عون لاتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، اي الإجماع، ستعني حكماً استحالة مرور هذه التسوية نظراً للرفض العلني لها من مكوّنين أو أكثر أحدهم وزراء الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان ووزراء حزب الكتائب، وأن اي تمرير للتسوية بمعزل عن اعتراض «المكونين او أكثر» اي بالتصويت (بالثلثين او النصف زائد واحد) ستصبح هي القاعدة لاتخاذ كل القرارات داخل مجلس الوزراء، الامر الذي لا يلقى حتى الساعة قبولاً من قوى 8 آذار.وكان لافتاً امس ان الرئيس سليمان اكد «ضرورة إبقاء المؤسسة العسكرية خارج إطار الصراعات والمقايضات»، فيما اعلن وزير الدفاع سمير مقبل «انني لن اقبل بأي تسوية سياسية على حساب الجيش وهذا الامر غير وارد على الاطلاق، ونحن ككتلة الرئيس سليمان ضد الطروحات التي تبحث»، مضيفاً: «اذا لم يكن هناك معيار (للترقيات) لا تمشي».وكانت تقارير في بيروت تحدثت عن سلّة متكاملة يجري العمل عليها وتشمل تعيين أعضاء المجلس العسكري بمن فيهم الممدَّدة ولايتهم، أي قائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان، وترقية 3 ضباط من رتبة عميد الى لواء بمَن فيهم روكز، وتعيين مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي (العميد عماد عثمان أو العميد سمير شحادة) وتعيين أعضاء مجلس قيادة قوى الأمن، وإعادة تفعيل الحكومة وفق آلية متَفق عليها لاتخاذ القرارات، واستعادة التشريع في البرلمان، واستمرار المشاركة في أعمال طاولة الحوار الوطني.
خارجيات
تسوية الترفيعات العسكرية «هبّة باردة»...«هبّة ساخنة»
هولاند يضبط توقيت زيارته لبنان على موعد استقباله روحاني في نوفمبر
08:59 م