دائماً يقول علماء الأخلاق إن القرار النهائي ليس هو المهم، الأهم منه التبرير والتفسير الذي أفضى لهذا القرار. فما أهمية توقيع الكويت لشراء طائرات «يوروفايتر» الأوروبية؟تعلمون أن الصحف تناقلت أخبار الصفقة، وأن زيارة سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك لإيطاليا أسست لشراكة استراتيجية مع بلد قيادي كما قال مساعد وزير الخارجية لشؤون أوروبا وليد الخبيزي. ووقعت الكويت صفقة شراء «اليوروفايتر» بمبلغ ضخم بلغ 9 مليارات دولار!ليس مهماً عندي أنها وقعت واشترت أو حتى أحرقت المبلغ، لأن الأهم من ذلك لماذا فعلت ذلك؟ ما الداعي الذي استوجب أن تدخل الكويت بهذه الصفقة وتشتري طائرات مقاتلة أوروبية مع أنها تتبنى المدرسة الأميركية في تسليح جيشها؟ فهل الصفقة توجه جديد مثلاً لدى العقيدة العسكرية الكويتية؟كلما فكر أحدنا في هذا الموضوع وجد نفسه ملتبساً ولا يعرف كيف يجيب، وعندما ننتظر من المسؤولين أن يجيبونا، نجدهم يرغبون بتوزيعنا ويزودونا بإجابات «خفيفة» الظل ومضحكة كتصريح السفير وليد الخبيزي سابق الذكر. لنأخذ كلام الرجل حبة حبة:يقول الخبيزي إن الصفقة أسست لشراكة استراتيجية تقوم على مبادئ الاحترام والمصالح المهمة المتبادلة والتعاون الاقتصادي الواسع! غير مفهوم إلى الآن أين الجواب والتبرير لصفقة بحجم 9 مليارات دولار وكيف أن المصالح أصبحت متبادلة؟ استفادت أوروبا بـ 9 مليارات، فأين فائدة الكويت؟ وأين التعاون الاقتصادي؟ فالصفقة عسكرية والأموال دخلت بجيب الأوروبيين وسلمونا حديداً!يضيف الخبيزي أن الاتحاد الأوروبي كان في طليعة التحالف الدولي لتحرير الكويت. طيب هذا القرار حصل قبل ما يزيد على عقدين من الزمان، فهل سنظل نعبر عن شكرنا وامتناناتنا طول العمر؟ وبالمناسبة الكويت «عبّرت» عن امتنانها بثماني مليارات دولار بعد الحرب مباشرة لتغطية نفقات الحرب، وأضعافها بشكل صفقات مليارية أخرى مع دول التحالف. فإلى متى سنظل مدينين للتحالف؟المُقلق في أمر الصفقات العسكرية أننا نشاركهم في إشعال فتيل الأزمات في منطقتنا، فكلما تدهورت اقتصادياتهم رأيناهم أشعلوا إقليمنا بالقلاقل والفتن والحروب، ونحن نركض إليهم بحجة خوفنا على أنفسنا فتحترق ملياراتنا وتنتعش وتحيا اقتصادياتهم. لهذا حينما يقول الخبيزي نلجأ لهم لتعزيز قدراتنا العسكرية والقتالية، يجب أن نتوقف عن هذا الدجل واللعب على الذقون. فلو أن منطقتنا كانت آمنة وتركونا لوحدنا ولم يزرعوا الفِتن بيننا لما احتجنا لسلاحهم وصفقاتهم، ولو عقدنا النية الصادقة لتطوير مواردنا البشرية والاقتصادية الحقة، لكانت ساعتها صفقاتنا متوازنة واقتصادية متبادلة كما يدعي أخونا الخبيزي.إلى متى سيستمر هذا التكديس للسلاح؟ ومن سنحارب بهذا السلاح ونحن بجوار دول تعدادها بالملايين وميزانياتها العسكرية أضعافنا ودائماً نصفهم بالأخوة والصديقة؟ وما يزيد الطين بلة ما جاء في افتتاحية «الراي» قبل أيام من عمولات بالباطن لما يوازي 450 مليون دولار! ففكرة الكويت العُظمى يجب أن نستبدلها بكويت المحبة والسلام والتطور الاقتصادي، فساعتها لا بأس ان نحرق المليارات في سبيل ذلك. لكن مليارات كي ينبسط الأوروبيون فهذا لأمر مُخجل، وعلى وزارة الخارجية أن تستحي.hasabba@
مقالات
2 > 1
الكويت العظمى
11:43 ص