لم يكن ينقص المنطقة التي تصارع «رمالاً متحرّكة» في السياسة والأمن، إلا عاصفة رملية فرشت غبارها في أكثر من دولة بينها لبنان الذي «اجتاحه» طوفان من الرمل لم تشهد البلاد مثيلاً له منذ عقود وخلّف وراءه ما لا يقلّ عن اربعة قتلى ونحو الف مصاب بحالات احتناق وضيق تنفس فاضت بهم المستشفيات.وقد أحكم «تسونامي الغبار» قبضته على لبنان، بجهاته الأربع، ساحلاً وجبلاً، وسط توقعات بانحسار العاصفة ابتداء من المساء اليوم، لينقشع المشهد الكارثي على حصيلة ثقيلة من الاصابات اضافة الى أضرار بالغة بالمزروعات.ومنذ الاثنين، تحوّلت العاصفة التي انطلقت من العراق، الحدَث رقم واحد في لبنان الذي تلقفت سلطاته «غزوة الرمل» باستنفار لمختلف وحدات الإنقاذ تحت إشراف وزارة الصحة، التي أوعزت الى المستشفيات استقبال المصابين على نفقتها، فيما واكبت وسائل الاعلام هذا «الكابوس» بتعليقات ساخرة عكست سوء حال اللبنانيين الذين وجدوا أنفسهم ينتقلون من «التصدي» لجبال النفايات في شوارع العديد من المدن الى مواجهة مع «أسراب الغبار».وحتى بعد ظهر امس، كانت المعلومات اشارت الى وفاة 3 لبنانيين في البقاع هم جمانة علي اللقيس وهدى.ل.أ ومحمد ابراهيم احمد اختناقاً او جراء موجات ربو. ولم ينجُ النازحون السوريون, من الكارثة المناخية التي واجهوها بـ «اللحم الحي» في خيمهم وقضت من بينهم لاجئة في عكار.كما اكدت وزارة الصحة ان عدد الذين نُقلوا الى المستشفيات جراء إصابتهم بحالات اختناق وضيق تنفيس بلغ 750 شخصاً، علماً ان الوزارة كانت أصدرت توصيات للمواطنين، وخصوصا الذين يعانون أمراض الربو والحساسية والأمراض الرئوية المزمنة وأمراض القلب، وكذلك كبار السن والأطفال والحوامل، لتفادي الضرر وأبرزها «ملازمة منازلهم، وتجنب التعرض للغبار، واستخدام الكمامات الواقية».وتسببت العاصفة بأجواء ضبابية وأدت إلى انتشار الأتربة والرمال في مختلف المناطق اللبنانية، شمالاً وجنوباً وبقاعاً كما في بيروت وجبل لبنان وسط تدنّي مستوى الرؤية وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، علماً ان البقاع والشمال كانا الأكثر تضرراً من «زحف الرمال»، وهو ما عبّرت عنه مصلحة الأبحاث العلمية والزراعية في لبنان في بيان اعلنت فيه أن «أسوأ عاصفة رملية تضرب لبنان، والرياح في البقاع عاتية وهي شرقية، والرؤية لا تتجاوز 40 مترا»، مشيرة إلى أن «المناخ صحراوي مئة في المئة وسكان البقاع يؤكدون أن المنظر وكأنه في إحدى صحاري الدول العربية».وفي سورية، تسببت العاصفة بحالات اختناق لدى الآلاف من المواطنين.وبحسب الأرقام الرسمية، فإن حالات اختناق وصلت للآلاف وصلت إلى مشافي دمشق وحدها، دون الإعلان عن أي حالة وفاة، ولكن الوضع كان أسوأ في مناطق المعارضة، بسبب انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر الأدوية للمصابين بأمراض التحسس والربو.واصيب العشرات بحالات اختناق وادخلوا الى المستشفيات في الضفة الغربية بسبب العاصفة، بحسب ما ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية.وقال يوسف ابو اسعد من دائرة الارصاد الجوية الفلسطينية: «هذه الحالة نادرة الحدوث، لكنها ستستمر حتى غد (اليوم) الاربعاء».وفي اسرائيل، جاء في بيان لوزارة حماية البيئة ان «الضباب فوق اسرائيل اليوم (...) ناتج عن العاصفة الرملية التي ضربت اسرائيل من الجهة الشمالية الشرقية».واشار البيان الى ان مستوى التلوث في الجو مرتفع جدا في الشمال ومرج ابن عامر وغور الاردن والضفة الغربية والقدس وصحراء النقب. وغطى ضباب كثيف مدينة القدس.وحولت قبرص خمس رحلات من اصل تسع صباح امس من مطار لارنكا الى مطار بافوس بسبب صعوبة الرؤية، وفق ما قال مسؤولون في مطار لارنكا.