إليانا عواد!اسم ينتظر صاحبتَه مستقبلٌ مزدهر في عالم الغناء!فمنذ تفتح وعيُها وجدت نفسها تسبح بمهارةٍ في بحر الأنغام والألحان والطرب الجميل!صاحبة صوت مميز هي... تغني بالعربية إلى جانب أكثر من ست لغات أجنبية، ورثت عشق الموسيقى والفن من عائلتها الفنية بامتياز، فوالدها سامي عواد الذي عمل لفترات طويلة مع الرحابنة والسيدة فيروز، وعمُّها أستاذ الموسيقى فؤاد عواد الذي تتلمذ على يديه عدد كبير من الفنانين.«الراي» تحاورت مع مهندسة الديكور اللبنانية، ابنة البيت الفني الذي لم ترث منه الموهبة الإبداعية والطموح المحلِّق وحسْب، بل منحها المبادئ الأخلاقية الرفيعة التي حصّنتها ضد مغريات الشهرة، ومنعتها من التنازل عن كرامتها رغبةً في الوصول السريع، وجعلتها تكتفي بوهج الفن، ولا يعنيها إلا إيصاله بشكل راقٍ الى الجمهور.الفنانة إليانا عواد، التي شاركتْ أخيراً في مهرجان «إهمج» (جبيل)، أشعلت إطلالتها الناجحة قناديل الثناء، ليس من الجمهور فقط، بل من فنانين ذوي رؤية حصيفة مثل الفنان زياد بطرس والنجم معين شريف الذي تتمنى لو شاركته في عمل غنائي مميز.إليانا عواد التي تثق بأنها تمتلك موهبة كبيرة، تؤكد أنها ترسم خطواتها بتريث وروية. وهي إن كانت لا تعبأ بالشهرة، تشكو من انكباب كل من شركات الإنتاج وبرامج المواهب على تحصيل الأرباح المادية الطائلة، بعيداً عن مواهب الفنانين ومتطلبات الإبداع!الفنانة الشابة - بعد 7 سنوات على طريق الغناء - لا تزال «تحلم» بأن يأتي مَن يؤمن بالفن الراقي والصوت الجميل بعيداً عن أي غايات لا تمتُّ إلى الفن.«الراي» حاورت عواد، واستمعت إلى آرائها المتأرجحة بين صعوبة الطريق والأمل العارم في تحقيق الرسالة، واستيائها من الفن الذي صار الكثيرون يستغلونه لتحقيق أهدافهم القذرة، وتطرقت إلى قضايا عدة أخرى... والتفاصيل في هذه السطور:• بدايةً، ماذا لو بدأنا من بطاقتك الشخصية؟- أنا من بلدة ذوق مصبح، درستُ الهندسة الداخلية وأنا بصدد نيل شهادة الماستر في هذا المجال، كما درستُ أصول الموسيقى الشرقية في الكونسرفاتوار.• ومتى دخلتِ عالم الغناء؟- قبل نحو سبعة أعوام.• مَن اكتشف موهبتك؟- موهبتي في الأساس أتت بالوراثة، فأنا أنتمي إلى عائلة فنيّة، فوالدي سامي عواد عمل في الفرقة الفنية الخاصة بالفنانة الكبيرة فيروز، وتَعاون فترة طويلة مع الرحابنة. كما أن عمّي هو فؤاد عوّاد الغنيّ عن التعريف والذي يدرّس الموسيقى، وفنانون كثر تتلمذوا على يديه، وقدّم العديد من الألحان والأغنيات لعدد كبير من أهل الفن. ومنذ طفولتي ظهرتْ عندي موهبة الصوت الجميل ولاحظ أهلي أنني أملك حساً فنياً، ومع مرور السنوات نمَّيت هذه الموهبة واشتغلت عليها وما زلت حتى اليوم أعمل على تطويرها.• هل عارض أهلك دخولك المجال الفني؟- لا أبداً، بل هم شجعوني، ولكن شريطة أن أحافظ على المبادئ والقيم التي نشأتُ عليها وأن أقدّم فناً راقياً ومحترماً.• ماذا أخذتِ من والدك وماذا أخذتِ من عمك؟- ورثتُ عن والدي الأذن الموسيقية والصوت والأداء الجيد والسليم، وأخذتُ من عمي أيضاً عشق الموسيقى، بالإضافة إلى فن الرسم.• هل تذكرين أول إطلالاتك كمغنية؟- أول إطلالاتي الفنية على المسرح كانت من خلال مهرجانات طرابلس قبل نحو ستة أعوام.• حدثينا عن شعورك حينها وأنت تقفين للمرة الأولى على خشبة المسرح؟- لا شك في أنني كنت مرتبكة جداً وخائفة، ولا سيما أنني كنتُ أقف أمام حشد كبير من الجمهور، ولكن في الوقت عينه كانت هناك سعادة عارمة تغمرني، خصوصاً عندما وجدتُ الناس يتفاعلون مع الأغنيات التي قدّمتُها حينذاك.• كيف تنظرين اليوم إلى الساحة الفنية كفنانة ما زالت ترسم طريقها نحو المستقبل؟- الساحة الفنية اليوم مكتظة جداً وطريقها بات صعباً جداً بعكس الزمن الماضي. فمَن يرِد التميز اليوم ضمن كادر مرتّب وصورة لائقة، فستواجهه حتماً صعوبات جمّة. اليوم بات الفن موضة أكثر مما هو تراث، بمعنى أنه في الماضي كانت الأغنيات تعمّر وتعيش وتمرّ على عدة أجيال وتظل تحافظ على وجودها، أما اليوم فإن الأغنية «تضرب» أسبوعين أو شهرين ثم لا يعود أحد يستمع إليها، وبالتالي تموت. كما أن المجال الفني اليوم لم يعد نظيفاً، وكثيرون يستغلونه كي يقوموا بأعمال سيئة وقذرة لأغراضهم الشخصية، لا تمتُّ إلى الإبداع بأي صلة.منذ انطلاقتي في الفن، تعلّمتُ من عائلتي الحفاظ على المبادئ والكرامة والقيم، وأن يكون ضميري أمام الله مرتاحاً وأن أمشي في الطريق الصحيح مهما واجهتني صعوبات ومهما كان العذاب رفيقي.• مَن يدعم إليانا عواد اليوم؟- منذ انطلاقتي أتلقى الدعم المعنوي من والدي وعمّي وعائلتي والمقرّبين مني.• وماذا عن الدعم المادي؟- أنا لا أنتمي إلى شركة إنتاج، وبالتالي فإنني أتكل على نفسي في هذه الناحية.• ولماذا لم تنضمي إلى شركة إنتاج؟- كما هو معروف اليوم لا توجد شركة إنتاج محترمة وجدّية في تعاطيها مع الفنان، على الأقل بين الشركات التي نسمع بها، فكل همّها الربح السريع وغاياتها تبتعد كثيراً عن موهبة الفنان وصوته ولا تعبأ بهما.• وهل في رصيدك الفني اليوم أغنيات خاصة؟- قبل نحو عامين أطلقتُ أغنية بعنوان «أنا وياك»، وهي من تلحين الأستاذ زياد بطرس وكلمات الشاعر فادي الراعي وتوزيع داني حلو.• وهل نالت هذه الأغنية حقها في رأيك؟- الحمد لله. بالنسبة إلى إمكاناتنا المتواضعة وجهدنا الشخصي الذي بذلناه، يمكن القول إن هذه الأغنية نالت حقها. وكما ذكرتُ لك فأنا ليست لديّ شركة إنتاج تدعمني، وبالتالي تسويق العمل والترويج له إعلانياً عملية مكلفة، كما أن الإذاعات تطلب مبالغ كبيرة لقاء بث الأغنية عبر أثيرها، ونحن فعلنا ما بوسعنا من أجل انتشار هذه الأغنية ودعمناها بالشكل الذي نقدر عليه.• ولكن بعد مرور سبع سنوات ألا ترين أنك مقصّرة بعض الشيء وأن اسمك لا يزال غير معروف عند فئة واسعة من الجمهور رغم موهبتك العالية وصوتك المميز؟- هذا صحيح، ولكنني رسمياً أطلقتُ عملي الخاص قبل عامين، وفي الأعوام الماضية كنت أمارس الغناء كهواية وليس احترافاً، كما أن إطلالاتي التلفزيونية كانت قليلة جداً، وهي لا تتعدى ثلاث إطلالات. واليوم بدأتُ أعمل أكثر على نفسي وعلى تعزيز صورتي الفنية أملاً في أن أوصل صوتي وموهبتي إلى أكبر فئة من الناس في لبنان والعالم العربي.• المعروف عن الملحن زياد بطرس دعمه للمواهب والأصوات الجميلة، إلى أي حد ساعدك في مسيرتك بعد التعاون معه؟- هو دعمني كثيراً وشجعني، وأنا أشكره من كل قلبي، ولكنه في النهاية ليس صاحب شركة إنتاج كي يتبنى موهبتي ويقدّم لي كل الإمكانات كي أبرز تحت الأضواء. وأنا أتوجّه له بالتحية من خلالكم وأقدّر له كل ما فعله من أجلي.• لماذا لم تشاركي في أحد برامج الهواة، فلعلكِ كنتِ ستحصدين الشهرة بشكل سريع؟- هذه البرامج، للأسف، «تجارية»، ولا تبحث عن الفن الجميل بقدر ما تسعى إلى ربحها المادي. فالفائز في هذه البرامج لا نعود نسمع عنه لاحقاً، وحتى المشتركون الآخرون لا أرى أنهم يستفيدون شيئاً من هذه البرامج التي باتت كثيرة اليوم ومتشابهة، وكل همّ المحطات كسب الأموال، فمسؤولوها يأتون بنجوم الصف الأول كلجان تحكيم من أجل جذب المشاهدين والإعلانات. والناس اليوم لم يعودوا قادرين على استيعاب هذا القدر من المشتركين الذين يتقدمون إلى هذه البرامج ولم يعد باستطاعتها حفظ أسمائهم.• مَن عضو لجان التحكيم الذي ترين أنه أساء لصورته الفنية من خلال مشاركته في برامج الهواة؟- لا يمكنني إبداء رأيي بهذا الخصوص، الكل فيهم الخير والبركة، وفي النهاية محطات التلفزة لها مصلحتها الخاصة، وهي تبحث عن النجم الذي يجذب أكبر عدد من المشاهدين، لذا نرى منافسة بين الشاشات على استقطاب أسماء فنية كبيرة.• أي نوعية أغنيات تقدمين؟- أنا أغني بالعربية إلى جانب ست لغات أجنبية. وأحب أغنيات ماريا كاري وويتني هيوستن ومايكل جاكسون كفنانين أجانب. وبالنسبة إلى الأغنيات العربية، فأنا أعشق أغنيات السيدة فيروز وماجدة الرومي وجوليا بطرس، أي أميل أكثر إلى اللون الطربي والأغنيات «الثقيلة» التي رُبيت على سماعها في منزلي، ولكنني أقدّم أيضاً اللون الكلاسيكي والأغنيات الإيقاعية أو الراقصة التي باتت مطلوبة جداً اليوم ولا سيما عند جيل الشباب، فتراني في حفلاتي أرضي كل الأذواق.• هل تبرعين أكثر في الغناء بالعربية أم الأجنبية؟- بصراحة، أجد صوتي يتناسب مع الاثنتين بالقدر عينه.• وهل تفكرين بإطلاق أغنية أجنبية؟- طبعاً، عندما يتوافر الكلام المناسب واللحن الجميل فإنني لن أتردد في القيام بهذه الخطوة.• هل هذا يدفعك إلى التفكير في إصدار ألبوم غنائي منوّع بلغات عدة في المستقبل؟- طبعاً هذا من بين طموحاتي، وآمل أن أحقق ذلك في المستقبل القريب إن شاء الله.• مَن يتابع صفحتك الخاصة على موقع «فايسبوك» يشهد إلى أي حد أنت متأثرة بالفنان العالمي الراحل مايكل جاكسون!- بالفعل، فهو فنان شامل وحطّم كل الأرقام القياسية وأنا أعشق فنّه.• شاركتِ أخيراً من خلال مهرجانات «إهمج» الصيفية، فكيف وجدتِ تفاعل الجمهور معك؟- الحمد لله كانت من أجمل الحفلات التي أحييتها في مسيرتي، وكان هناك جمهور غفير ملأ المكان وتفاعل معي بشكل جميل جداً.• تعرفتِ من خلال هذا المهرجان إلى النجم معين شريف الذي أثنى على صوتك وموهبتك، فماذا قال لك تحديداً؟- في الأساس أنا من أشدّ المعجبات بالفن الذي يقدّمه معين شريف، فهو صاحب صوت رائع ومميز. وعندما تعرفتُ إليه وجدتُ كم هو إنسان متواضع وصاحب شخصية قريبة إلى القلب، وصودف أنه كان من الذين تدرّبوا على الموسيقى و«الفوكاليز» مع عمي فؤاد عواد، فتوجّه بالتحية إلى عائلتي. وعندما سمعني أغني أشاد بصوتي، وأنا أشكره من كل قلبي.• وهل عرض عليك أن تشتركا معاً في «دويتو»؟- لم نتكلم في هذا الموضوع، ولكنني أتشرّف وأتمنى أن أغني إلى جانب هذا الفنان الكبير.• حالياً أنت متعاقدة مع أحد المطاعم في منطقة المنصورية حيث تقدمين الحفلات بشكل دوري، فهل هذه النوعية من الحفلات تلبي طموحاتك كفنانة تملك صوتاً جميلاً وموهبة فذّة؟- لا أرى عيباً في أن يغني الفنان يومياً في المطاعم، وعلى رأي الملحن زياد بطرس، فهذا وحده «فوكاليز»، أي أن الفنان يستفيد من تمرين صوته دائماً. ولا شك في أن طموحاتي تتعدى تعاقدي مع المطاعم بكثير، ولكنني في الوقت نفسه أفضّل أن أبقى في أجواء الحفلات على الغياب عنها فترات طويلة.• ذكرتِ أنه كانت لك ثلاث إطلالات تلفزيونية، فعبر أيّ محطات كانت إطلالاتك؟- سبق أن شاركت في برنامج «هيك منغني» الذي تقدّمه الفنانة مايا دياب عبر قناة «أم. تي. في»، كما كانت لي إطلالة عبر قناة «الحرّة»، بالإضافة إلى مشاركتي في أحد برامج قناة «مريم» الخاصة بتلفزيون «تيلي لوميير».• في رأيك هل باتت التنازلات مطلوبة اليوم، كي يصل الفنان بسرعة؟- هذا الأمر معروف للأسف، وجميعنا نعلم ما يحصل في هذا الإطار، وهذا ما يدفعني إلى التروي والسير «خطوة خطوة» وبشكل متريث، حتى لا أخسر مبادئي وكرامتي وشرفي.• لأي فنانين تستمعين؟- أحب الأغنيات القديمة كأعمال السيدة فيروز وجوليا بطرس وماجدة الرومي ووديع الصافي وليلى مراد، كما أستمع لأغنيات معين شريف كما ذكرت لك، وصابر الرباعي وكارول صقر وباسكال صقر وكارول سماحة.• ومن الجيل الجديد مَن لفتك بصوته وأدائه؟- أحببتُ كثيراً سعد المجرد.• ماذا تعني لك الشهرة؟- الشهرة في ذاتها لا تعني لي شيئاً. ما يعنيني هو أن أستطيع مساعدة الغير من خلال هذه الموهبة التي أكرمني الله بها.• اليوم نرى عدداً من المغنيات يتجهن نحو التمثيل، فهل ترين نفسك في هذا المجال أيضاً؟- «مش غلط». كل مجال يمكن أن يقدّمني بصورة جميلة ولائقة للناس وأرى أنني قادرة على العطاء من خلاله لن أتردد في خوضه.• كيف تواجهين الإغراءات التي تُعرض عليك والتي ليست بعيدة عن أي فنانة جميلة تعمل تحت الأضواء؟- كل إنسان يفرض شخصيته والجو الذي يحوط به، ويعكس مبادئه التي تربى عليها للآخرين. ومن هنا فإن هذه الإغراءات تبتعد عني تلقائياً.• هل من كلمة أخيرة؟- أتمنى، وقد يكون هذا حلماً، أن يكون هناك شخص ما أو فئة معيّنة تقدّر الأصوات الجميلة والفن الراقي قبل أن تفكر في أي نواحٍ أخرى لا علاقة لها بالفن. وآمل أن تهدأ الأوضاع في أوطاننا العربية، وأن يعود الاستقرار كي نعيش بسلام وطمأنينة بعيداً عن الحروب والمشاكل.