ثلاثية القادسية النظيفة على الجيش السوري في ذهاب الدور ربع النهائي لبطولة كأس الاتحاد الاسيوي في كرة القدم كانت رسالة واضحة من نجوم «الأصفر» الى مجلس إدارة النادي برئاسة الشيخ خالد الفهد بأن عصر اللعب المجاني انتهى الى الابد.الاداء الفني الرائع الذي قدمه لاعبو «الملكي» بلا استثناء لا يمكن له أن يدوم طالما ظل الوضع على ماهو عليه حالياً: مجرد راتب شهري أشبه ببقشيش يصل الى اللاعب كل ثلاثة اشهر وهو قابل للخصم في أي وقت.يتوجب على مجلس إدارة القادسية أن يعيد النظر في سياسة التعامل مع لاعبي الفريق الاول لكرة القدم الذي يُعد الواجهة الحقيقية للنادي وأن تستثنيه عن بقية الالعاب الاخرى، وتضعه في خانة أخرى لها ميزانية خاصة.القادسية كما هو ظاهر مُقبل على أزمة حقيقية قد تصل الى حد التمرد، ثم العصيان الكامل عن اللعب، أو الهروب الجماعي، نتيجة عدم وضع آلية جديدة خاصة تنظم الوضع المادي للاعبين في الاستحقاقات المقبلة.لا يختلف أحد على أن القادسية نادٍ كبير بتاريخه وجماهيره وبطولاته، وأن اي لاعب يتشرف بارتداء قميصه، لكن كرة القدم تعيش عصراً مختلفاً اليوم مقارنة بالسنوات الماضية، هي باختصار «لا تُلعب مجاناً» بل ان أسعار نجومها فاقت أسعار الذهب والماس والعقار، وأصبحت أجور هؤلاء تزيد على أجور نجوم السينما العالمية. أصبحوا بحق عملة نادرة يسعى الجميع الى خطفهم بأي ثمن.نجوم الفريق الاول في القادسية بلا استثناء يعتبرون هدفاً للاندية المحلية والخارجية التي تتمنى التعاقد معهم بأسعار خيالية، الامر الذي يجعلهم قيمة مادية معتبَرة تجعلهم غير قابلين للعب بالمجان في الوقت الذي تكفل لهم العروض المقدمة حياة أفضل.رسالة النجوم أمام الجيش كانت واضحة للإدارة التي يبدو أنها لم تقرأها أو «قرأتها وطنشت».الادارة قد تلعب مع النجوم على وتر الولاء والطاعة لـ «القلعة الصفراء» المغروسة بطبيعة الحال في نفوس اللاعبين الذين أهدوا النادي ألقاباً عديدة وصلت الى حد الإشباع، بل تزعموا الاندية المحلية متجاوزين الغريم العربي الذي احتكر القمة لسنوات طويلة.«زمان اللعب المجاني» انتهى في الدول التي تطبق الاحتراف وفي الدول التي لا تطبقه، وخصوصاً الفرق الكبيرة صاحبة القواعد الجماهيرية. وها هي الاندية الكبيرة في السعودية تدفع الملايين من اجل الابقاء على النجوم وسعياً الى إرضائهم مادياً، والحال نفسه ينطبق على الإمارات وقطر.الأمر لا يتعلق بحكومات أو شركات خاصة بتلك الاندية، بل هي مساهمات من رجال الاعمال والمشجعين الذي يسعون الى ابقاء النجوم والمحافظة عليهم.القادسية لا يزال يصر على التعامل مع الفريق الاول بعقلية ستينيات القرن الماضي حين كان اللاعب يفرح بحذاء وبدلة رياضية مجانية، ويغفل المحيط الداخلي والخارجي في ما يخص الامور المادية.بالأمس هرب سيف الحشان الى الشباب السعودي بعدما أدرك أنه لو استمر مع القادسية فسيعتزل وهو مديون.في المقابل، وجد مليونا وربع المليون دينار كويتي في جيبه من النادي السعودي سيحصل عليها في ظرف موسمين فقط.حسبة بسيطة أجراها الحشان: في غضون أربعة أو خمسة مواسم في الدوري السعودي، سيصبح مليونيراً، فتساءل: «لماذا ألعب مجاناً في القادسية؟».قد تكون التهاني الكثيرة التي جاءت من لاعبي القادسية الى الحشان عبر مواقع التواصل الاجتماعي رسالة الى أنهم على الطريق نفسه وأنهم لن يضيعوا ما تبقى من عمرهم الكروي على راتب 400 دينار.لا يمكن أن نلوم لاعبين بوزن بدر المطوع وعبدالعزيز المشعان وحمد أمان وسلطان العنزي وفهد الأنصاري ونواف الخالدي وعامر المعتوق وخالد إبراهيم أو حتى النجم القادم بقوة الواعد أحمد الزنكي وغيرهم في حال المطالبة بحقوقهم المادية أسوة على أقل تقدير بلاعبي نادي الكويت الذين يحظون بتقدير مادي وصل الى حد الاحتراف الحقيقي، الى جانب رعايتهم في كثير من الجوانب الاجتماعية التي تجعلهم في وضع مثالي لممارسة اللعبة والتركيز.القادسية فرّط بالعاجي إبراهيما كيتا (السالمية) والسوري عمر السومة (الاهلي السعودي) بعدما ماطل كثيراً في سداد مستحقاتهما المادية، وقد يخفى على كثير من جماهير «الأصفر» ما حدث قبل عشر دقائق من بداية مباراة الجيش الاخيرة، فقد رفض الغيني سيدوبا سامواه المشاركة بسبب عدم حصوله على مستحقاته، ما وضع المدرب راشد بديح فى حيرة من أمره.إلا ان أحد الاداريين اقنع اللاعب بطريقة ودية بالمشاركة، ووعده بحل المشكلة.ولا يمكن ان نغفل «سالفة» لاعب النصر عبدالرحمن باني الذي ظل «كعب داير» بين جليب الشيوخ وحولي بسبب عدم دفع المبلغ المتفق عليه ليلعب معاراً مع «القلعة الصفراء» لمدة موسم واحد.إذا استمر مجلس إدارة القادسية على النهج السابق نفسه، فإنه لن يجد لاعباً واحداً يمثله في البطولات، ولن يتمكن من مجابهة جماهيره التي استبشرت خيراً بعد لقاء الجيش.على ادارة القادسية أن تضع ميزانية خاصة للاعبين من خلال «رجل» يصنّف بـ «دفيع».عليها ايضاً ان تعامل لاعبيها باحترافية بعيداً عن العاطفة «اللي ما توكل خبز»، وألا تغفل ان للاعبين مطالب مستحقة لا يجب ان «يفاصلهم» أحد تحت أي حجة أو عذر غير منطقي.القادسية بفلوسه... يعز نفسه أو «يذل نفسه»!