هو يوم موعود عاشته بيروت امس مع التظاهرة الحاشدة التي دعت اليها جمعيات من المجتمع المدني أطلقت صرخة اجتماعية مزدوجة بوجه «فضيحة النفايات» والفساد، وسياسية طالبت بإجراء انتخابية في سياق الدعوة الى «إعادة تشكيل السلطة، بالطرق الديموقراطية».التظاهرة التي انطلقت عند الخامسة عصراً من امام مقر وزارة الداخلية مروراً بعدد من شوارع بيروت وصولاً الى «ساحة الشهداء»، رفعت ايضاً مطلب استقالة وزير البيئة محمد المشنوق على خلفية فشله في التصدي لأزمة النفايات، واطلاق يد البلديات في جمع النفايات، ومحاكمة مَن ارتكبوا تجاوزات بحق المتظاهرين الأسبوع الماضي «وصولاً الى وزير الداخلية نهاد المشنوق».ومنذ الصباح الباكر بدت بيروت متأهبة لهذا اليوم الذي جرى «التجييش» له منذ نحو اسبوع على مواقع التواصل الاجتماعي، كما عبر وسائل الاعلام التي «ارتدى» العديد منها «حلّة» ما وُصف بأنه «انتفاضة اجتماعية»، وتصدّر شاشاتها هاشتاغ «طلعت ريحتكم»، وهي الحملة التي كانت في أساس إطلاق هذا التحرك المتدحرج في الشارع، والذي انضمّت اليه مجموعة من الهيئات ومنها «بدنا نحاسب»، و«ع الشارع»، و«حلوا عنا»، و«حركة القرفانين»، وغيرها التي رفعت بداية سقف مطالبها الى «اسقاط الحكومة والنظام» قبل ان «تدوْزن» أهدافها وشعاراتها لتتمحور حول «بناء الدولة».صرخ المجتمع المدني في الشارع «طلعت ريحت سياسيينا»، فلبى نداءه في اول ايام التحرك الذي انطلق قبل 8 ايام عدد لا بأس به من المواطنين «أرادوا المواجهة»، كما قال احد منظمي حملة «طلعت ريحتكم» اسعد ذبيان لـ «الراي»، موضحاً: «نعم نحن من اردنا المواجهة، حاولنا اقتحام السرايا الحكومية، لكن في اليوم التالي الأمن هو من اراد المواجهة معنا»، ولافتاً الى ان «لدينا أربعة مطالب اساسية هي استقالة وزير البيئة محمد المشنوق الذي فشل في ادارة ملف النفايات، محاسبة كل من اطلق النار على المتظاهرين، الافراج عن اموال البلديات في المجلس البلدي المستقل وانتخابات نيابية».واضاف: «تعاطينا مع التحضيرات على اساس تقديرات بان تصل أعداد المشاركين (امس) إلى عشرات الآلاف ووضعت اللجنة التنظيمية للحملة كل امكاناتها لضبط ما يحصل على الارض وذلك بالتنسيق مع القوى الامنية».من مختلف المناطق أتوا، فهم انتظروا «تَوحُّد الشعب منذ سنوات بعيداً من الزعماء»، كما قال ابن القبة - طرابلس أسامة شمسين لـ «الراي» بينما كان جالساً في اللهيب على كرسيه المتحرك منذ الساعة السابعة صباحاً بانتظار أن تدق ساعة انطلاق التظاهرة.واضاف: «هذه ليست حكومة بل عصابة تعمل على تشتيت اللبنانيين وتفريقهم عن بعضهم البعض، أنا موجوع كما ابن بيروت لا بل أكثر منه، يريدون وضع النفايات في عكار. هل يعتقدون أن اهلها جاهلون، لن يقبلوا بذلك رغم ان بعض نواب المنطقة موافقون لانهم يتبعون مصالحهم الشخصية».بعض الخيم الصغيرة نصبت وسط الساحة. وفي داخل احدى الخيم جلس ابن بيروت علي الحسيني والسبب بحسب قوله: «كي لا نضطر أن نجلس يوماً ما في خيمة نتيجة اهمال المسؤولين». ولفت الى ان «لدينا 25 جامعة و70 معهداً من دون مواصلات عامة، لا طبابة ولا استشفاء، ولا حل لأزمة النفايات». وتساءل: «لماذا لا يتم تشغيل معامل الفرز في طرابلس، 50 معملاً تبلغ تكلفة تشغيلها 50 مليون يورو. الا يوجد في الدولة هذا المبلغ لحل المشكلة؟ لا نريد أن نتواجه مع المسؤولين فهم أيضاً من الشعب، لكن عليهم ان يسمعوا مطالبنا. لا نريد اسقاط السلطة بل اصلاح النظام».«كلن يعني كلن». شعار قسم اللبنانيين قبل انطلاق تظاهرة امس بعدما قامت حملة «ع الشارع» بوضع تعابير على صور الزعماء السياسيين تنتقدهم من دون استثناء وبينهم الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، الأمر الذي أثار مناصري الحزب فافتعلوا إشكالاً ليل الجمعة مع تلفزيون «المؤسسة اللبنانية للارسال» مجبرين أحد برامجها التي كانت تبث على الهواء وتقدمها الإعلامية ديما صادق على إزالة صورة نصر الله، رافضين ان يتم تشبيهه بغيره من الزعماء، لتشتعل بعدها مواقع التواصل الاجتماعي وتبدأ المعركة الكترونياً «كلن ما عدا زعيمي».وعلى ذلك علّق مجد نور الدين (من جبل لبنان): «آسف انه لا يزال يوجد شباب يمشون كالاغنام خلف زعمائهم، انا انتمي للحزب التقدمي الاشتراكي وأرفض التوريث الذي يتم داخل هذا الحزب، وأتساءل لماذا هذه الاقطاعية. في الطائفة الدرزية وغيرها يوجد مثقفون فلماذا لا تنتقل رئاسة الاحزاب لهم لا لابن الزعيم»، مضيفاً: «أطالب بأقلّ متطلبات الحياة، الماء والكهرباء وإزالة النفايات التي تعرّضنا للامراض، لا نريد اموالاً بل تغيير النظام المستمر منذ 50 عاماً بذات الوجوه».«الكل يغني على ليلاه»، فخضر محمد الهاشم، مغترب من الغبيري (الضاحية الجنوبية)، حمل لافتة تعبر عن مطلبه «لرفض محكمة الرئيس الشهيد رفيق الحريري التي تكلف لبنان ملياري دولار»، طالبا من الشعب ان يكون على كلمة واحدة رغم شكه بوجود نيات غير صافية بين المتظاهرين.وزلفا الآتية من الهبارية في الجنوب أمضت الليل بكتابة أسماء 128 نائباً، استعانت بـ «غوغل» للتعرف عليهم لأن قسماً كبيراً منهم لم تسمع له تصريحاً ولا رأت وجهه. وكتبت تحت أسمائهم «لا تمثّلني، فلّ»، وعلّقت الأوراق على الشريط الشائك الفاصل عن السرايا الحكومية في ساحة «رياض الصلح».
خارجيات
«الراي» عاينت مزاج المتظاهرين وشعاراتهم
غضب اجتماعي في بيروت... بصدى سياسي
متظاهر لبناني تنكّر على هيئة رجل أعمال يحمل خزنة مليئة بالنقود خلال التظاهرة في بيروت أمس (أ ب)
05:22 م