وعت الدولة أخيراً على وقع انخفاض أسعار النفط خلال المرحلة الماضية، وسط تنبؤات باستمرار حالة اللااستقرار التي تشوب السوق النفطية، بضرورة تنويع مصادر الدخل وزيادة الإيرادات الحكومية في القطاعات غير النفطية، وإلى هنا والكلام جميل.ويبدو أنها بالفعل أصدرت تعليماتها إلى جهات الدولة وقطاعاتها المختلفة بهذا الأمر لتعزيز هذا المفهوم والعمل به، وتزامناً مع ذلك، نُشر أخيراً في الصحف اليومية نقلاً عن وزارة الداخلية المشروع الخاص بزيادة رسوم إصدار وتجديد الرخص، وإجازات تسيير المركبات المملوكة للأجانب بنسب تصل إلى أربعة وعشرين ألفاً في المئة !، وهنا نحتاج إلى وقفة مع هذا القرار!أولاً وبعيداً عن مضمون المقترح ذاته، فإننا وإن نثمن توجهات الدولة، التي نتمنى أن تكون حقيقية في تنويع مصادر الدخل، فإن الأولى أن نبدأ في البحث عن مصادر للدخل ذات طابع تشغيلي طويل المدى، أو استثماري منخفض المخاطر، أو استراتيجي بشراء حصص في مشاريع وشركات ذات أرباح وتوزيعات مجزية، أو تنموي يسهم في دعم احتياجات المواطن وفي خلق فرص للعمل الحر أو الخاص مما يساهم في التخفيف عن بند الرواتب، البند الأكثر إرهاقا لميزانية الدولة، وبعد ذلك كله وغيره، علينا أن نتجه إلى مثل هذه المقترحات بزيادة الرسوم، والتي تعتبر أسهل وأبسط الحلول!كذلك، نتفق مع وجهة النظر التي تقوم على أن هذه الزيادة لها سبب آخر وهو محاولة تخفيف حدة الازدحامات والاختناقات المرورية التي نعانيها في شوارعنا! ولكن، هل فكرنا بالفعل بوسائل النقل الأخرى المتاحة لمن يعجز عن سداد هذه الرسوم؟، كثيره هي الدول التي وفرت لقاطنيها وسائل نقل متنوعة وبأسعار مختلفة تتناسب مع كافة المستويات، فأتاحت الفرصة لاستغلال مثل هذه الخدمات كالمترو والباصات والقطارات وغيرها من وسائل النقل الجماعي، ومن ثم فرضت رسوماً وضرائب على مستخدمي السيارات!، أما في الكويت، فوسائل النقل العام، حدث ولا حرج !ولا ننسى أيضا أن الكثير من الشركات والمؤسسات تعتمد بشكل مباشر على استخدام سيارات تعود ملكيتها إلى وافدين لتقديم خدماتها المختلفة التي قد يتعلق بعضها بحياة المواطن اليومية، فهل فكرت وزارة الداخلية بمدى تأثير زيادة رسوم تجديد تراخيص المركبات، على مستوى وتكلفة الخدمات التي ستقدمها تلك الشركات إلى المواطن العادي؟ والضرر الذي قد يحدث من جراء ذلك؟ختاماً، وحتى لا أطيل عليك عزيزي القارئ، فإن زيادة الرسوم لزيادة الإيرادات غير النفطية، يجب أن يكون آخر علاج بعد أن تستنفد الدولة كافة وسائل الاستثمار وتنويع مصادر الدخل المتاحة، أو حتى بالتزامن معها إن أبدت الدولة جدية بذلك. وزيادة الرسوم على الوافد لتخفيف الازدحام، يجب ألا يتم إلا إذا وفرنا له وسائل نقل أخرى «محترمة»!... والله من وراء القصد.Email: boadeeb@yahoo.com
مقالات
اجتهادات
زيادة الرسوم... وقرار المسؤول !
10:13 م