كثرت في السنوات الأخيرة دورات التنمية البشرية وما شابهها، وأغلبها يعقد في الفنادق وفي بعض الأماكن الأخرى بأسعار خيالية تحت مسميات الخبير العالمي والمدرب العالمي والاستشاري النفسي والتربوي وغيرها، ومع ذلك تجد تلك المؤسسات أو الشركات أو حتى المختصين الأفراد في هذا المجال يشهدون إقبالاً منقطع النظير.هذا يريد أن يقوي شخصيته، وذاك يريد أن يقوم سلوكه، وثالث يريد أن يفهم الحياة، ورابع يريد أن يتخلص من عادة اجتماعية سيئة، ويستبدلها بعادة حميدة، وخامس يريد أن يصبح قائداً في العمل وهكذا.. حتى يعتقد المرء منا للوهلة الأولى عندما يشاهد أعداد المشاركين في تلك الدورات التدريبية التي وصلت رسوم التسجيل فيها لأيام قلائل الألف والألفين دينار بأن معظم مجتمعاتنا العربية لم تفهم الحياة بعد!والواقع يقول إن واقعنا المادي المر الذي نعيشه اليوم إضافة إلى واقعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي المعقد قد خلق جواً كئيباً من المعاناة النفسية جعلت الغالبية يحتاجون إلى من يعينهم على فهم هذه الحياة الشائكة لحل عقدهم التربوية مع الآخرين بفهم الطرف الآخر والتعامل معه بسلوك وتصرفات ناجحة لا خاطئة تجلب لهم المشكلات!ولم تقتصر تلك الدورات التي أصبحت مهمة فقط على الأفراد بل دخلت معها القطاعات الحكومية والخاصة أملاً في تدريب موظفيها إدارياً وفنياً ووضع الاستراتيجيات المستقبلية للمؤسسات العاملة والشركات وإعداد القادة الأمر الذي جعل من تلك المفاهيم علماً قائماً بحد ذاته يجب أن يحترم!لذا ما أردنا أن نبينه من سطورنا تلك ونشير إليه هو أن أعداد المدربين قد تزايدت في هذا المجال وربما البعض امتهنها تجارة بلا رقابة من التجارة أو القطاعات المعنية فأصبح بعضهم يضع المسميات العلمية على الشخصيات التدريبية التي يستضيفها من الداخل والخارج على (مزاجه) مع وضع إعلانات لهم كالخبير العالمي والبروفوسور البشري وما إلى ذلك بلا أسس علمية مع وضع رسوم بلا معايير منطقية الأمر الذي يتطلب من المسؤولين كشف «المتلصصين» على هذا المجال العلمي ومعرفة الدورات العلمية الحقة من الدورات «التجارية» البحتة!****على الطاير:- يقول أحدهم بسطور متداولة تحت عنوان«ركبة الثعلب والجمل»:سأل الثعلب جَمَلاً واقفاً على الضفة الأخرى من النهر، إلى أين يصل عمق ماء النهر؟فأجابه الجمل: إلى الركبة.فقفز الثعلب في النهر، فإذا بالماء يغطيه!سعى جاهداً أن يخرج رأسه من الماء بجهدٍ مضنٍ وبعد مشقة استطاع أن يقف على صخرة في النهر، وما إن التقط بعض أنفاسه اللاهثة صرخ في وجه الجمل قائلاً: ألم تقل إنّ الماء يصل إلى الركبة؟!قال الجمل نعم يصل إلى ركبتي!العبرة من ذلك أنك حين تستشير أحداً في أمور حياتك فهو يجيبك حسب تجاربه التي نفعته، وكثيراً ما تكون حلوله مناسبة له فقط وقد لا تناسبك أنت!لـــذا لا تقــــدموا تجاربكم الخاصة حلولاً قطعية لكل الناس.. ثم تلومونهم لأنهم لم يسيروا على نصحكم.. استشيروا ثم تأنوا في اتخاذ قراراتكم!ومن أجل تصحيح هذه الأوضاع بإذن الله نلقاكم...bomubarak1963@gmial.comtwitter: bomubarak1963
مقالات
أوضاع مقلوبة!
دورات بشرية على «قفا من يشيل»!
10:12 م