فيما انخفض سعر برميل النفط الكويتي دون الخط الأحمر للسعر التقديري للموازنة وإلى ما دون سعر التعادل بنحو 30 دولاراً واضعاً الميزانية العامة في دائرة العجز المؤكّد، توقف مراقبون عند الصمت الحكومي المطبق في شأن ما هو مطلوب من إجراءات، حتى أن هناك من شبّه الحكومة بجهاز هاتف على وضعية «silent»، هذا إذا لم تكن «خارج التغطية» أصلاً!وأعلنت مؤسسة البترول الكويتية أمس أن سعر الخام الكويتي انخفض إلى 43.13 دولار يوم الجمعة، في أدنى مستوى له منذ 30 يناير الماضي. وهذا السعر يقل بنحو دولارين عن السعر التقديري المحدد في الموازنة العامة للدولة البالغ 45 دولاراً. ووفقاً للتقديرات الحكوميّة، تحتاج الكويت إلى معدل سعرٍ لا يقل عن 72 دولاراً لتحقق التعادل بين الإيرادات والمصروفات، فيما يتجاوز العجز 8 مليارات دينار في حال بلغ معدل سعر النفط 45 دولاراً على افتراض إنتاج 2.5 مليون برميل يومياً.ووفقاً لهذه التقديرات، تسجل الكويت عجزاً بنحو 72.5 مليون دولار في كل يوم تبيع فيه النفط بالسعر الحالي، أي ما يقارب 2.2 مليار دولار شهرياً، فكيف إذا انخفضت الأسعار إلى الثلاثين دولاراً، وهو ما لا يستبعده الكثير من الخبراء؟هذا الوضع الاستثنائي قابلته الحكومة ببرود غريب، إذ غاب أي تصريح حكومي يشرح مدى خطورة الانخفاض المستجد للأسعار والإجراءات الممكنة لمواجهته، في حين تشهد الدول الخليجيّة الأخرى ما يشبه حال الطوارئ، وتبادر حكوماتها إلى اتخاذ قرارات جريئة للإصلاح المالي لم تكن لتخطر ببال أحد قبل سنة من الآن.مصادر نيابية استغربت الصمت الحكومي في «هذا الظرف الحرج والدقيق»، وأشارت إلى أن «الخطوة الإصلاحية شبه اليتيمة التي تم اتخاذها، والمتمثلة بتقليص دعم الديزل والكيروسين، شابها الارتجال والإرباك، وسرعان ما تراجعت الحكومة بعدها خطوة إلى الوراء، وتوقف الأمر عند هذا الحد».على صعيد متصل، أثار إعلان وكالة «فيتش» عن احتمال خفض التصنيف السيادي للمملكة العربية السعودية مخاوف من أن تكرّ السبحة إلى دول خليجيّة أخرى منها الكويت، إثر انخفاض أسعار النفط المستمر منذ أكثر من سنة.وقالت وكالة «فيتش» إنها راجعت نظرتها إلى التصنيف السيادي للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «سلبيّة» على خلفيّة ما وصفته بـ «الصدمة الماليّة المزدوجة» المتمثلة بانخفاض أسعار النفط وارتفاع الإنفاق الحكومي.ويكتسب هذا الإعلان أهميّة كبيرة لكونه يشكل أول تغيير في نظرة وكالات التصنيف الكبرى إلى تصنيفات دول الخليج المصدّرة للنفط منذ بدء أسعار النفط بالتراجع الحاد في يونيو 2014.إلا ان مصادر حكومية أكدت لـ «الراي» ألّا خوف مبدئياً من تراجع التصنيف السيادي للكويت، على الرغم من تشديدها على «أن ذلك لا يعني الاستهانة بأهمية شد الأحزمة والحد من تضخم الإنفاق الجاري، لأن عجز الميزانية يعني مزيداً من الدين العام أو تقلص الاحتياطات، وفي الحالين، لا بد أن يتأثر المركز المالي للدولة سلباً على المدى البعيد. ولذلك لا بد من تطبيق تدابير الحصافة المالية لإبقاء العجز في إطار معقول بالنسبة إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي، لئلّا تدخل الاحتياطات المتراكمة من السنوات السمان في دائرة التآكل السريع».