إن لم نملأ عقولنا بالمعرفة، فستصاب بتلوث عقلي، أو خواء ذهني، وإن لم نرطب قلوبنا بالمشاعر، فستصاب بالغلظة والجفاء، وإن لم نترجم المعرفة والمشاعر إلى سلوك فسنفقد كثيراً من أخلاقياتنا.تراكم الخبرات المنهجية تبين لنا قدرات العقل وهي أقل مما كان يُظن، ونقصد هنا بقدرات العقل على صعيد إصدار الأحكام في الشؤون الإنسانية وفي تحديد الأهداف الكبرى والغايات المرجوة، هنا تبرز أهمية المعرفة للعقل، فالفراغ المعرفي والمعلوماتي هو البلاء الأكبر الذي يمكن أن ينزل بفضاء العقل.إن العقل الخاوي من المعرفة والمعلومات، عندما يفكر يشبه من يسلك طريقاً طويلاً في الصحراء من غير خبرة سابقة بذلك الطريق، فهنا يكون العمل شاقاً لأن المغزى ليس الوصول للهدف فقط، بل عليه أن يحفظ التضاريس حتى يتمكن من العودة، ولهذا من كان عقله مصاباً بالخواء فعليه أن يتلمس العلاقات والدلالات التي تمكنه من سلوك الطريق لرحلة البحث والدراسة عما يحتاجه في حياته، ويحذر من الانعطافات والانحرافات الفكرية والسلوكية التي قد تلوث عقله ولا يستطيع أن يُكون المرتكزات التي تسند رأيه وسلوكه. العقل حين يفكر وهو يعاني من الشح المعرفي والنقص المعلوماتي، يصبح أسيراً لأفكار الآخرين، مكبلاً بقناعاتهم، خاضعاً لأفكار منحرفة ومعوجة، تنطلق من منطلقات زائغة.تزوّد من العلم والمعرفة، وحرر عقلك باختبار طريقة تفكيرك، وحاول مراجعة أفكارك لتعديلها وغربلتها بما يتوافق مع مبادئك وقناعاتك، وانطلق من معتقدك المبرهن بالدليل والحجة، وشكّل لك رؤية واضحة لتشخيص وتصنيف مزايا وعيوب أفكار ومشاعر وسلوكيات الآخرين، لتُحصنك من مستنداتهم اللامنطقية، ومعتقداتهم اللاواقعية، وحتى لا تندفع وتتهور، فتكون الخسارة حليفك. اجعل لعقلك دوراً بارزاً في اكتساب المعرفة، وأثريه بالبنية المعرفية، التي تفتح له أبواب التفريق بين الظني والقطعي، والشخصي والعام في عالم الأفكار والآراء والمشاعر والسلوكيات، وفق معايير وقواعد العلم المثبت.m.alwohaib@gmail.comtwitter: @mona_alwohaib
مقالات
رأي قلمي
بين الخواء والامتلاء...!
01:49 ص