تذكرت هذه العبارة الخالدة التي قالها عربي جاهلي لعنترة بن شداد الرافض لواجب الدفاع عن قومه لوضع العبودية الذي يعيشه وعدم الاعتراف به كحر له كامل الحقوق. تذكرت هذه الحادثة المؤثرة والمعبرة عن واقعنا، وأنا أتابع الاحداث الأخيرة التي مرت على العالم العربي خلال الأسابيع الماضية، والتي مثلت نماذج وأمثلة على التخلف الشامل، وعلى رأسه السياسي منه الذي يعيشه عالمنا العربي. ولعل أبرز الأحداث ذلك الموقف الشعبي من الانقلاب العسكري في موريتانيا الذي أسقط سلطة اختارها الشعب الموريتاني ولم يدافع عنها، ولو يعلم هذا الشعب الثمن المضاعف الذي يدفع عند الاستسلام للظلم والاستبداد لما صمت ولتحرك، ولكنها تلك السلبية القاتلة التي أصبحت سمة معاصرة غريبة لم يعرفها تاريخنا الجاهلي ولا الإسلامي، والذي معه رسخت الحرية التي عاشها العرب قبل الإسلام وجعلها الركن الأساسي لحياة الإنسان.والحدث الآخر والمعبر نتائج العرب الهزيلة في أولمبياد الصين، أيعقل للأمة سكانها جاوزوا الثلاثمئة مليون تكون هذه نتائجها؟ نعم ولا غرابة في ذلك فأمة مفككة تعيش تحت استبداد وظلم داخلين واحتلال خارجي ولم تحرك ساكناً، فماذا تتوقع أن تصبح نتائجها، فالإبداع يأتي مع الحرية، وهذه سنة لا تتخلف.إن استمراء الاستبداد، والذي هو من أشد وأخطر أنواع العبودية ذهاب للدنيا والدين، وهذه الحقيقة أدركها الصدر الأول والتي جسدها أبو رجاء العطاردي في خطابه للقراء عند قتالهم للحجاج، وما مثل من استبداد وظلم في معركة دير الجماجم: «أيها الناس قاتلوا دون دنياكم فان ذهبت فلا دين لكم».هذا الاستبداد أنتج تخلفاً ضرب بأطنابه في أرجاء العالم العربي، وأخطر أنواعه السياسي منه الذي أضفى بظلاله السوداء المظلمة على الأصعدة كافة، بحيث وصل معه العرب إلى مستوى جعلهم يعيشون في عزلة واغتراب هائلين بينهم وبين واقعهم السياسي ومن يقوده.ومع هذا كله تعجب من حكام يدعون شعوبهم أفراداً وجماعات إلى القيام بواجبات الوطنية في رفع راية قومهم في الميادين كلها، وهو يصادر عليهم حقوقهم أبسطها وأعظمها في الوقت نفسه. أما يدرك هؤلاء أن العبد لا يكر، لعل هذا ما يريدونه أن يكون العرب عبيد أغلال حتى يكروا في ميادين تذهب دنياهم.***نقطة: سر تقدم الغرب صفة اشتهروا بها، وهي أنهم أمنع لظلم الملوك.

سيف الهاجري

كاتب وناشط سياسي كويتيbinrashdan@yahoo.com