على طريقة «كل يوم بيومه» يمضي الواقع اللبناني الغارق بأزمات سياسية - معيشية - بيئية والمعلّق على «حبال» أزمات المنطقة التي يبدو ان حلولها المؤجَّلة لن تكون إلا على طريقة «كل ملفّ بملفّه».ففيما يتيقّن اللبنانيون أكثر فأكثر ان خيوط الانفراج الداخلي لن تُنسج قبل ارتسام «خطوط التفاهمات» الإقليمية المتصلة خصوصاً بملفيْ اليمن وسورية، فإنهم حوّلوا يومياتهم مساحة للبحث عن مخارج من «حواضر البيت» للأزمات التي تكاد «تأكل» مؤسساتهم الدستورية وبيئتهم ورواتبهم، وسط محاولة الأطراف المحليين الاساسيين احترام «قواعد اللعب» تحت سقف الخطوط الحمر المحدّدة خارجياً.ومن هنا يصبح مفهوماً التزام اللاعبين اللبنانيين بالبقاء كلٌّ وراء «متراسه» السياسي وإن بوضعيّة «هدْنويّة»، في حين يزدحم «الوقت الضائع» بعناوين دهمت البلاد مثل النفايات التي تنذر بكوارث بيئية، وأخرى قديمة - جديدة تشكّل «الملعب الخلفي» لملف الانتخابات الرئاسية، وأبرزها التعيينات العسكرية التي جعلت حكومة الرئيس تمام سلام «رهينة» اعتراض زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون على التمديد لسنة الذي حصل لكل من قائد الجيش ورئيس الاركان والأمين العام للمجلس الاعلى للدفاع، ورفْعه سقف التصعيد السياسي وفي الشارع في إطار محاولته تعويض خسائره من خلال الوصول الى صيغة تسْووية تضمن بقاء صهره العميد شامل روكز في الخدمة (تنتهي خدمته منتصف اكتوبر المقبل) وتالياً الحفاظ على حظوظه في تولي قيادة المؤسسة العسكرية.واذا كانت الأنظار شخصت يوم امس الى الاجتماع الذي عقدته اللجنة المكلفة درس العروض لمناقصات النفايات المنزلية الصلبة بعد الظهر وجرى خلاله فض العروض المالية للشركات التي تقدمت إلى المناقصات في بيروت والمناطق الخمس الأخرى في لبنان وسط همس عن امكان إحداث خرق في ملف «المطامر الانتقالية» بما يقي العاصمة وجبل لبنان الغرق الكامل في جبال النفايات، فإن قرار الرئيس تمام سلام بعدم الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع كان يفترض ان تُعقد اليوم وفّر على البلاد مشهداً مكرَّراً للجلسات العقيمة على مستوى القرارات و«الصاخبة» على مستوى المداولات المتصلة بآلية اتخاذ القرارات داخل الحكومة الرئاسية وسط إصرار العماد عون، مدعوماً من «حزب الله»، على رفْض بحث اي بند وإقراره قبل بلوغ تسوية في قضية التمديد الذي حصل لقائد الجيش والذي بات أمراً واقعاً لا رجوع عنه. علماً ان زعيم «التيار الحر» يمتْرس في هذه المعركة وراء عنوان آلية القرار في مجلس الوزراء التي يريدها على قاعدة التوافق الاجماعي مع التمسك بمشاركة رئيس الحكومة في وضْع جدول الأعمال.واذا كان العماد عون تريّث بدوره في العودة الى استخدام ورقة الشارع، اولاً في ضوء المشهد الهزيل لتحرك الاربعاء الماضي (12 اغسطس) وثانياً بفعل «جرعة الدعم» التي قدّمها اليه الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي اعلن «ممنوع كسْر عون او استفراده»، فان بيروت تعيش أجواء اتصالات، لا تخلو من تعقيدات، تجري في الكواليس، في إطار السعي لكسْر المأزق الذي بات ينذر بتداعيات على الواقع المعيشي والاقتصادي في ظل شبح أزمة الرواتب للعاملين في القطاع العام الذي أطلّ برأسه، والمخاوف من خسارة قروض ميسرة وهبات بمئات ملايين الدولارات اضافة الى ملف النفايات، وهي عناوين تحتاج الى إطلاق عجلة العمل الحكومي.وفي حين اعلن الرئيس سلام انه متمسك بصيغة «التوافق من دون تعطيل»، موضحاً ان التريث في دعوة الحكومة إلى الاجتماع هذا الأسبوع «ليس قراراً دائماً بل نفتح مجالاً للحلول والمساعي وسنرى كيف ستّتجه الأمور»كل جمعة بجمعتها«، تشير المعلومات حول المخارج الممكنة لملف التعيينات العسكرية ان المداولات ما زالت تتمحور حول اقتراح ترقية 12 ضابطاً الى رتبة لواء بما يبقي العميد شامل روكز في الجيش سنة إضافية، وهو الاقتراح الذي كان عون يرفضه بدايةً مصراً على تسوية قاعدتها رفع سن التقاعد للضباط ثلاث سنوات وهو ما سقط بفعل الفيتو القاطع عليه من غالبية القوى السياسية ومن قيادة الجيش، وسط تقارير اشارت الى ان زعيم«التيار الحر»أصبح أكثر ليونة في ما خص اقتراح ترفيع عدد محدد من العمداء الى رتبة لواء.والأكيد ان البحث الجاري عن حلّ لهذا الملف بات متداخلاً مع قضية التشريع في البرلمان التي كان السيد نصر الله دفعها الى الواجهة بعدما محض عون دعمه في قضية التعيينات ورفض ترْكه وحيداً داعياً الى السير بدورة استنثائية لمجلس النواب، وهو الامر الذي تجددت الاتصالات المتعلقة به والتي يجري شق منها بين»التيار الحر«وحزب»القوات اللبنانية«اللذين كانا اشترطا للمشاركة في اي جلسة تشريعية إدراج قانون الإنتخاب وقانون إستعادة الجنسية للبنانيين المتحدّرين.وفي هذه الأثناء، كان لافتاً تصويب الامين العام لـ»حزب الله«الموقف الذي أطلقه يوم الجمعة الماضي والذي وصف فيه عون بـ»الممرّ الالزامي«لرئاسة الجمهورية، الامر الذي فُسر على انه انتقال من جعل عون»مرشحاً وحيداً للحزب«الى تحويله»ناخباً رئيسياً«.وقد اكد نصر الله لمناسبة انطلاق عمل«جامعة المعارف»«أن لا تغيير ولا تعديل في موقفنا. العماد (ميشال) عون هو مرشح طبيعي ومرشح قوي وله قاعدة تمثيل عريضة، ونحن كنا وما زلنا وسنبقى ندعم هذا الترشيح. وعبارة الممر الإلزامي للانتخابات لا تقدم ولا تؤخر ولا تغيّر ولا تمس ولا تضعف من قوة هذا التبني وهذا الالتزام».
خارجيات
نصرالله أكد دعمه عون «المرشح الطبيعي والقوي» للرئاسة
لبنان «يلهو» بأزماته في «الوقت الضائع» الإقليمي
07:10 م