حملت محادثات وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في بيروت رسالتين مباشرتيْن، الاولى اقليمية أكد من خلالها ان «انتصار» الاتفاق النووي يشكّل فرصة جديدة لكل دول المنطقة وان طهران «تمدّ يد التعاون لكلّ جيراننا ومستعدون للقيام بعمل مشترك لمكافحة التطرف والارهاب والطائفية»، والثانية لبنانية شدد فيها على دعم الحوار القائم بين «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) وبين «حزب الله» اللذين يشكلان رأسيْ الحربة في فريقيْ «14 و 8 آذار»، وعلى حفْظ الاستقرار في لبنان، مع تمسُّكه بان الانتخابات الرئاسية «شأن داخلي ونحن لا نتدخّل في شؤون لبنان الذي نعتقد انه يجب ألا يكون ساحة لعب وتلاعب من دول اخرى، ونتوقّع من الدول الاخرى ان تكون عنصراً مسهلاً وليس معرقلاً في هذا السياق».وقد استقطبت زيارة ظريف للبنان التي استمرّت أقل من 24 ساعة وتوجّه بعدها الى دمشق اهتماماً كبيراً نظراً الى توقيتها بعد توقيع الاتفاق النووي وفي غمرة الكلام عن مبادرة ايرانية في ما خص الأزمة السورية. الا ان الكلام الذي أطلقه رئيس الديبلوماسية الايرانية من بيروت التي قصدها من ضمن جولته الاقليمية قدّم ما يشبه «خريطة طريق» لسلوك طهران في المرحلة المقبلة ولا سيما في ما خص لبنان تقوم على مرتكزيْن: الاول تثبيت الاستقرار واعتبار الحكومة ورئيسها تمام سلام ضماناً لهذا الاستقرار، مشيداً بـ «الدور الكبير الذي لعبه شخص دولة رئيس مجلس الوزراء في لبنان لتوفير الامن ومكافحة التطرف والارهاب ولايجاد التعاون بين مختلف الأفرقاء اللبنانيين»، ومشدداً على ان «ليس اليوم للمنافسة والتنافس في لبنان، وإن كان لا بد من التنافس فلا بد أن يكون التنافس لإعمار لبنان».واذا كان هذا البُعد من كلام ظريف، الذي التقى في بيروت كلاً من الرئيس سلام ورئيس البرلمان نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل ووزير الدفاع سمير مقبل والامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، عكس رغبة بلاده في الحفاظ على الستاتيكو الراهن في لبنان بانتظار اتضاح الخيط الايض من الاسود في ما خص ملفات المنطقة المشتعلة ولا سيما سورية واليمن، فان البارز في ما اعلنه هو ربْط اي مستوى اضافي من الانفراج او الاستقرار في لبنان بمصير علاقات طهران مع الدول الاخرى في المنطقة، وهو ما غمز من قناته بعد لقاء سلام مساء الثلاثاء اذ اشار الى ان ايران تتعاون في ما خص لبنان «مع دول أخرى للوصول إلى مزيد من الاستقرار في هذا البلد»، قبل ان يعلن في المؤتمر الصحافي الختامي في اشارة ضمنية الى السعودية ان طهران «تمد يد التعاون الى جميع جيراننا في المنطقة ونتمنى ان يجني الجميع وخصوصاً لبنان الثمار الطيبة لمثل هذا التعاون».وقد انطلق ظريف من أنه «بمعالجة القضية النووية توافرت الأرضية الصالحة للتعاون بين الدول التي لا بد أن تتبنى الحوار لتحقيق الأهداف المشتركة وتطوير مبادئ الاستقرار والسلام والوقوف امام عدوين هما الصهاينة والتطرف والارهاب»، ولافتاً الى «أن ايران حاولت ان تحذو حذو لبنان الذي هو مثال للمقاومة والذي انتصر شعبه على العدو الصهيوني، والشعب الايراني صمد ووفر الارضية للانتصار (الاتفاق النووي) الذي جعل نتنياهو قلقاً ويائساً».وفيما لفت كلام ظريف تكراراً عن دعم «مقاومة شعب لبنان» وتأكيد استمرار هذا الدعم، نقلت تقارير عن وزير الخارجية الايراني قوله خلال لقاء رئيس الحكومة «ان الاتفاق هو نصر للمنطقة بكاملها، وهو أظهر انه بالحوار يمكن ان نتوصل إلى معالجة كل المسائل الإقليمية والدولية المستعصية»، معتبراً «أن الجميع خرجوا من المفاوضات رابحين ولم يكن هناك خاسر»، وآملاً في«أن تحل جميع المشاكل اللبنانية عبر الحوار، بما في ذلك الوصول إلى اتفاق على موضوع رئاسة الجمهورية».ولعلّ المفارقة الأبرز التي رافقت زيارة ظريف، تمثّلت في المواقف التي أطلقها نظيره اللبناني جبران باسيل بعد استقباله اياه في مقر الخارجية، والتي اثارت استياء في اوساط فريق «14 آذار» التي اعتبرت ان باسيل بدا وكأنه «فاتح على حسابه» او انه وزير خارجية «التيار الوطني الحر» ولا سيما حين اعلن «ان لبنان وايران في خندق واحد بمواجهة الارهاب وهو خندق يتسع للجميع».
خارجيات
أوساط «14آذار» عن باسيل: كأنه وزير خارجية «التيار الوطني الحر»
ظريف من بيروت: دعم استقرار لبنان ومدّ اليد لجيراننا في المنطقة
رئيس الوزراء اللبناني مستقبلاً وزير الخارجية الإيراني في بيروت مساء أول من أمس (رويترز)
05:21 م