يمضي المشهد اللبناني في «انفصاله» عن التطورات البالغة الأهمية التي تجري في المنطقة والتي تؤسس لرسم إطارٍ لعملية تقاسُم النفوذ التي ستجري على وهج الاتفاق النووي بين ايران والمجتمع الدولي.ولولا زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف لبيروت اليوم ،حيث سيلتقي كبار المسؤولين اضافة الى الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، لكان لبنان كأنه على «كوكب آخر»، غارق في تحديد «جنس الملائكة» في كيفية انتظام عمل الحكومة التي ورثت صلاحيات رئاسة الجمهورية، ومأخوذ بـ «مصارعة طواحين الهواء» التي يخوضها زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون مع قرارٍ التمديد لقائد الجيش ورئيس الأركان والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع، ومشدود الى طبيعة الردّ الذي لوّح عون بأنه سيقوم به ما لم يضمن مخرجاً يعوّض خسائره الكبيرة ويُبقي على حظوظ صهره العميد شامل روكز بتولّي قيادة المؤسسة العسكرية، من دون إغفال انشغاله بملف النفايات الذي ظهّر عجز السلطة السياسية عن اجتراح حلول لكارثة بيئية - صحية ما زال شبحها يخيّم على بيروت وجبل لبنان.ويحطّ ظريف في بيروت لوضْع مسؤوليها في أجواء الاتفاق النووي وتداعياته المحتملة على واقع المنطقة، وسط توقعات بأن يكون مناخ زيارة رئيس الديبلوماسية الايرانية في سياق الدعوة الى التهدئة لبنانياً وعدم الانزلاق الى الفوضى، وهو السقف الذي سبق ان رسمه «حزب الله» داخلياً في إطار حرْصه على عدم إسقاط حكومة الرئيس تمام سلام ومساعيه المستمرة لجعل حليفه العماد عون يتفادى أي «دعسات ناقصة» تعمّق من الانتكاسة التي تَعرّض لها في ملف التمديد للقادة العسكريين أو تدْفع الامور في البلاد الى مستويات من التصعيد الذي لا أفق له، وذلك عبر استمرار العمل على محاولة تسويق خيار رفْع سنّ التقاعد للضباط ،الذي يعمل عليه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم.وثمة انطباع بدأ يترسّخ لدى بعض الدوائر السياسية في لبنان بأن ما كُتب كُتب في ملف التمديد كما في مسألة رفض رفْع سنّ التقاعد الذي تصدّى له في شكل رئيسي «تيار المستقبل» وصولاً الى وصْف الرئيس فؤاد السنيورة هذا الطرح بأنه «أبعد من جنون» وانه «تدميري للجيش» متحدثاً عن انه «أعطي العماد عون مئة سلم لكنه رفض أن ينزل على أي منها، وتمسك بالبقاء على الشجرة»، وسط معلومات عن ان «المستقبل» لن يسير الا بمخرج وحيد هو ترقية عدد من الضباط بينهم روكز الى رتبة لواء بما يضمن تأجيل تسريحه وهو ما يرفضه عون، فيما يبدو أن «قطبة مخفية» أخرى تتحكّم بهذا الملف وتتعلّق بـ «القلوب المليانة» بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.وكان بارزاً في هذا السياق أن بري قابل تأكيد عون بأنه سيلجأ الى الشارع رداً على ما اعتبره «الانقلاب» (التمديد للقادة العكسريين)، معتبراً «أن من حق العماد عون ديموقراطياً أن يتحرك ويتظاهر ولكن بالقانون ومن دون تعطيل لمجلس الوزراء او المجلس النيابي أو أحوال البلد»، مكرراً رفضه انتخاب زعيم «التيار الحر» رئيساً «اذ كيف أحترم نفسي إذا انتخبت العماد عون رئيساً فيما هو يصفني بعدم الشرعية؟»، ومشدداً على أنه «يتفهم ألم الرئيس سلام وتهديده بالاستقالة، ولكنني لا أوافقه واحد في المليون، وقلت له»أنا هو أنت»، وممنوع التفكير بالاستقالة في هذا الظرف الحرج، لأن كل واحد منا أن يستقيل ويرتاح، وعموماً أنا والرئيس سلام على قلب رجل واحد في كل مشاكل لبنان».واعتُبر كلام رئيس البرلمان بمثابة قطع للطريق على أي «هروب إلى الأمام» قد يقوم به عون في الشارع أو خلال جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس والتي تتقاطع المعطيات عند أنها قد تشهد تشدُّداً من رئيس الحكومة وغالبية الوزراء في رفض منطق التعطيل الذي يتمسك به زعيم «التيار الحر» من باب إصراره على التوافق الاجماعي في اتخاذ القرارات وعلى مشاركة رئيس الوزراء في وضْع جدول الاعمال.وفيما تشير المعلومات إلى أن أي تحرك سيقوم به عون على الأرض لن يحصل قبل انتهاء زيارة ظريف لبيروت التي يغادرها الاربعاء - أي في يوم الـ لا جلسة رقم 27 لانتخاب رئيس للجمهورية - بعد أن يكون التقى بري وسلام ووزير الخارجية جبران باسيل إضافة إلى السيد نصر الله، وأن طلائع الردّ العوني على التمديد الثلاثي قد تبرز الخميس، ثمة مناخ بأن زعيم «التيار الحر» يشعر بأن ثمة مَن يريد تسديد «ضربة قاضية» له انطلاقاً من هذا الملف الذي اعتبر كثيرون أنه أجهز على حظوظ عون الرئاسية وعزز فرص العماد جان قهوجي كمرشح تسوية.ومن هنا، ترى أوساط سياسية أن عون الذي لا يزال يعوّل على المبادرة التي يعمل عليها اللواء ابرهيم، لن يكون في وسعه تجرُّع «التمديد المجاني» وعدم توفير جائزة ترضية له من دون ردّ، «لن يقدّم أو يؤخر» في الوقائع السياسية اللبنانية المربوطة بالتوازنات الاقليمية، إلا أن عون يريد هذا الردّ لتبديد الانطباع بأنه مهزوم ولا قدرة له على المواجهة وللدفاع عن نفسه بوجه ما يبدو وكأنه «معركة وجود» سياسي بالنسبة اليه.وكان بارزاً أمس، ملاقاة صهر عون الوزير باسيل الاستعدادات لمرحلة النزول الى الشارع برفع سقف الخطاب التعبوي لافتاً الى أن «هناك داعش يهدم كنائسنا في الشرق وهناك داعش الذي يهدم مشاركتنا في لبنان، هناك داعش يخطف في الشرق وفي الموصل وفي العراق وفي سورية وغيرها ،وهناك داعش يخطف دورنا في لبنان، وهناك داعش الذي يَصل أناسنا بالـ (نون)، ليُخيّرهم بين أن يحفظهم ذليلين وإما قتلهم ذليلين، وهناك داعش هنا أيضاً يضع الـ (نون) على كل ملف من ملفاتنا التي نعمل عليها في البلد لإقصائها، من الكهرباء، الى النفط».
خارجيات
ظريف في بيروت اليوم لشرْح الاتفاق النووي ومفاعيله المحتملة
لبنان أسير معارك «طواحين الهواء»
لبنانيون يشاركون في المهرجان السنوي لسباق الحمير في مدينة جزين الجنوبية (أ ب)
05:48 م