اعتبر نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري الدكتور هشام مروة انه «ما لم تقم إيران بسحب قواتها من الأراضي السورية والضغط على النظام الحاكم في دمشق للجلوس على طاولة المفاوضات مع المعارضة للوصول إلى حل سياسي مبني على مقررات جنيف، فسيكون الاتفاق النووي مجرد مكافأة لإيران على جرائمها في المنطقة»، موضحاً «أننا نتطلعإلى موقف جدي من الأمم المتحدة والدول التي وقّعت الاتفاق النووي بأن تمارس كل أشكال الضغط الممكن على إيران لجهة ان تلعب دوراً جدياً في صناعة السلام في سورية وحقن دماء السوريين».واستبعد مروة في حديث لــ «الراي» أن «تكون هناك دويلة طائفية في سورية»، مؤكداً ان «سورية الموحدة أرضاً وشعباً والحرة من الاستبداد والفساد، هي حلم السوريين». ولافتاً إلى أن روسيا يمكن أن تقبل بإزاحة الرئيس السوري بشار الأسد «بظروف معينة». وفي ما يأتي نص الحوار:• كيف تقرأ توقيع الاتفاق النووي الإيراني وكيف سيؤثر على الوضع السوري سلباً أم إيجاباً؟- الاتفاق النووي الإيراني جاء في الوقت الذي تعاني فيه إيران صعوبات اقتصادية وسياسية ليقدم لها مساحة لتَجاوُز أزمتها الخانقة. وكان ضرورياً أن يترافق مثل هذا الاتفاق مع ضمانات بأن تلعب إيران دوراً إيجابياً في حلّ النزاعات في المنطقة. وحيث لم يتأكد ذلك فإن إيران ستصبح أكثر قدرة على تقديم الدعم الذي تراه لحليفها (الرئيس) بشار الأسد في سورية، ولحلفائها في العراق واليمن، ما قد ينعكس إمعاناً منها في ارتكاب المزيد من الجرائم ضد الشعب السوري، وهذا ما يجعل المنطقة كلها تنظر بعين القلق إلى الاتفاق من حيث إنه قد تغاضى عن الدور الإيراني في المنطقة الذي يشكل تهديداً للسلم والأمن الإقليميين.إيران ما تزال تدعم إرهاب الأسد، وتدعم إرهاب ميلشيات الحقد الطائفي، وما لم تقم بسحب قواتها من الأراضي السورية والضغط على النظام الحاكم في دمشق للجلوس على طاولة المفاوضات مع المعارضة للوصول إلى حل سياسي مبني على مقررات بيان جنيف 30/6/2012، فهذا الاتفاق سيكون مكافأة لإيران على جرائمها في المنطقة.• ما هو تعليقكم على موقف الأسد وقراءته للاتفاق؟- الأسد يتطلع إلى دعم أكبر من إيران لطغيانه على المستويين العسكري والسياسي، وقد عبّر عن ذلك في في رسالته لـ (الرئيس الإيراني حسن) روحاني. والواقع أن دور إيران في سورية قد ساعدها على الوصول إلى هذا الاتفاق، ودعمها للأسد سيزيده تعنتاً ورفضاً للحل السياسي الذي نتمسك به، وسيصر على الحل العسكري والأمني غير آبه بشلال الدماء النازف في سورية، فهو أفشل مفاوضات جنيف العام 2014 رغم ظروف الأزمة التي كانت تعانيها إيران فكيف به وقد بدأت إيران تتنفس الصعداء وتستعيد بعض ما يدعم وضعها الاقتصادي الصعب؟، نحن نتطلع إلى موقف جدي من الأمم المتحدة والدول التي وقّعت الاتفاق النووي بأن تمارس كل أشكال الضغط الممكنة على إيران لجهة أن تلعب دوراً جدياً في صناعة السلام في سورية وحقن دماء السوريين.• ما بعد الزبداني دولة علوية أم معركة إزاحة الأسد من دمشق؟- ما بعد الزبداني شعب منتصر بإذن الله. ولو تأخر النصر فإنه آت إن شاء الله. وكل هذه الضجة الإعلامية التي يحاول النظام أن يظهرها في حربه على شعب أعزل، لن تزيدنا إلا قناعة بأن أيامه أصبحت معدودة. والجميع الآن يرتبون لما بعد الأسد. والضربات التي يلحقها به الثوار المدافعون عن أهلهم وأعراضهم في الزبداني تؤكد ذلك. ثم إن المرحلة الانتقالية (ما بعد طغيان الأسد) التي توافقت عليها مختلف أطياف المعارضة لا تتضمن وجوداً للأسد بل تتضمن ملاحقته وكافة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم في حق السوريين، وهو الأمر الذي أقرته مختلف القوانين والأنظمة والاتفاقات الدولية.الدويلة العلوية لا يقبلها إخواننا من أبناء الطائفة العلوية الكريمة، وكلنا نتذكر أن الاستعمار أنشأ دويلة علوية في سورية في مطلع القرن الماضي، لكنها سرعان ما زالت بإرادة أبناء سورية في جبال الساحل السوري، فضلاً عن الموقف الإقليمي من نشوء هكذا دويلة وأثره على استقرار المنطقة، لذلك أستبعد أن تكون هناك دويلة طائفية في سورية، فدرْس التاريخ يثبت فشل هذا المشروع. سورية الموحدة أرضاً وشعباً والحرة من الاستبداد والفساد، هي حلم السوريين.• ما تقويمكم لأداء الحكومة الموقتة وهل تنجح بدورها في إدارة المناطق المحررة؟، ولماذا لم تنتقل إلى الداخل بعد؟- إن نجاح الحكومة الموقتة في القيام بدورها المنوط بها رهن بتحقق الدعم الإقليمي والدولي اللازم. والحق يقال إن الحكومة وعلى الرغم من الكثير من الصعوبات إلا أنها حققت اختراقاً مهما لجهة التربية والتعليم والصحة، وبعض المجالات الأخرى. لكن يبقى الأداء دون المتوقع ودون البرنامج الذي قدمته الحكومة المؤقتة. ولو قيض لها الدعم المطلوب لكانت قادرة على القيام بالدور المنوط بها في المناطق المحررة. ومن المهم الإشارة إلى أن التقاعس عن دعم الحكومة كان السبب في أن يتم ملء فراغ السلطة بجماعات متطرفة كما حصل في الرقة بولادة تنظيم «داعش» فيها. الحكومة المؤقتة هي في الحقيقة طوق النجاة للسوريين على الرغم من القصور في الأداء الذي أصابها، ولكنها تسعى لتداركه وإصلاحه كما حال أي حكومة في هذه الظروف الصعبة.• أين أصبحت المفاوضات لحل الأزمة السورية من لقاءات جنيف إلى القاهرة وموسكو ماذا تحقق؟- نؤمن بأنّ الحل السياسي هو المنفذ الوحيد للسوريين ولإنقاذ هذا الوطن الجريح، لكن نظام الأسد وحلفاءه ما زالوا يراهنون حتى الآن على السلاح في قمع إرادة الشعب، وهذا محال بشهادة التاريخ. ثم إن الحديث عن مفاوضات في سورية ولقاءات جنيف شيء، ولقاءات القاهرة وموسكو شيء آخر.في جنيف يحاول المبعوث الدولي السيد دي ميستورا إيجاد حلول لتفعيل بيان جنيف 30/6/2012، وقد أجرى في سبيل ذلك مشاورات مع فصائل كثيرة من المعارضة منها شخصيات وطنية ومنظمات مجتمع مدني، وسيعلن عن تقريره في الثامن والعشرين من هذا الشهر ما لم يستجدّ لديه جديد. وفي لقاءات الائتلاف مع المبعوث الدولي، أوضح الائتلاف رؤيته للتسوية السياسية في سورية، وأعرب عن تمسكه بالحل السياسي المستند إلى بيان جنيف المشار إليه، وقرارات مجلس الأمن الصريحة ( القرار 2118/2013 الفقرة 16 و17) بأن الحلّ السياسي يبدأ بتشكيل هيئة حاكمة انتقالية بصلاحيات كاملة يقع على عاتقها مكافحة الإرهاب والحفاظ على مؤسسات الدولة وإجراء المصالحة الوطنية من خلال قيادة مدعومة بإجماع وطني، وخصوصاً بعد زوال الطغيان الذي يمثل السبب الأساسي لوجود الإرهاب وامتداده.أما مؤتمر القاهرة فكان لقاء لبعض مكونات المعارضة السورية بهدف الوصول إلى رؤية مشتركة لمستقبل سورية تتبناها كل مكونات المعارضة، وقد أفضى مؤتمر القاهرة الثاني إلى رؤية سياسية للحل في سورية تقترب من رؤية الائتلاف الوطني لجهة رحيل رأس النظام عن السلطة، وهو ما نراه تقدماً عن بيان مؤتمر القاهرة الأول على الرغم من أن الائتلاف لم يُدع إلى هذين المؤتمرين، كما لم يحضرهما بصفة رسمية. ومَن حضر من أعضاء الائتلاف إنما حضر مخالفاً لقرار الهيئة العامة بهذه الخصوص.وفي ما خصّ لقاءات موسكو، فقد اعتذر عنها الائتلاف بسبب حضور وفد النظام وعدم وجود بيان واضح حول الموقف من مستقبل الأسد في المرحلة الانتقالية، وأثبت ما جرى في المؤتمر صحة موقف الائتلاف من ان النظام غير جدي في السير بأي حل سياسي، وقد أظهرت التصرفات التي قام بها ممثل النظام هذا الأمر. ولذلك لم يحقق هذا المؤتمر بدورتيْه أي نتائج تذكر، بل يُعد فشلاً ذريعاً.• هل اقتنعت موسكو بإزاحة الاسد؟- موسكو لم تصرح بقناعتها برحيل الأسد عن السلطة، ولكنها أعربت عن ضرورة التوصل إلى حل سياسي يستند إلى بيان جنيف 30/6/2012، وأهمية أن يشكل السوريون الهيئة الحاكمة الانتقالية، وأن تستأنف المفاوضات بين المعارضة والنظام، وأن تضمن هذه الهيئة الحاكمة السلم الأهلي بضمان حقوق وسلامة الأقليات. شخصياً لا أستبعد أن تقبل روسيا بظروف معينة.• ما تعليقكم على الموقف السعودي وهل صحيح الكلام عن حلف مع قطر وتركيا لمواجهة إيران ما بعد النووي؟- الأشقاء السعوديون ملكاً وحكومة وشعباً وقفوا إلى جانب الشعب السوري وثورته بعدما أمعن الأسد في الحل الأمني والعسكري وأفسد جهود الجامعة العربية للحل في سورية. وهذا الموقف مستمر إلى الآن، وقد تعزز في عهد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز والقيادة الجديدة. وجاء التقارب السعودي التركي القطري في مصلحة الثورة السورية، فهذه الدول الثلاث تشكل الداعم الرئيسي للثورة السورية وتَقارُبها ينعكس بشكل إيجابي على مسيرة الثورة وأدائها من خلال الدعم السياسي والإنساني واللوجستي. أما الحديث عن حلف سعودي قطري تركي لمواجهة إيران بعد الاتفاق النووي، فلم ترشح معلومات عن هذا الأمر، لكن التعاون بين هذه الدول الثلاث لدعم السلم والأمن في المنطقة، لا بد في نظري أن يبلور استراتيجية تهدف إلى مواجهة الأخطار الناشئة عن عدم التزام إيران بالدور المطلوب منها في المساهمة في صناعة السلام وذلك من خلال الدعم الذي تقدمه للأسد والمليشيات الطائفية في العراق واليمن. ومن الممكن لهذه الاستراتيجية أن تتطور في كل الأشكال الممكنة لحماية الأمن القومي الخاص بهذه الدول من جهة، والأمن والسلم في المجال الحيوي لها من جهة أخرى.• لماذا نجد تشرذماً في المعارضة السورية بين الداخل والخارج وهل هو العامل الذي يتسبب في إفشال الثورة؟- الثورة لم تفشل على الرغم من وجود التشرذم، ولن تفشل إن شاء الله. ثم إن الأصل ألا يكون الاختلاف سبباً للتشرذم، فالاختلاف ظاهرة صحية، أما التشرذم فهو غير مقبول وهو ظاهرة مرَضية. وأود أن أوضح أمراً على درجة عالية من الأهمية وهو أنه لا يوجد اختلاف بين جهات المعارضة حول الأهداف الأساسية للثورة المتمثلة بإقامة دولة العدالة والقانون والخلاص من الفساد والاستبداد المتمثل بالأسد ورموز نظامه المتورطين في دماء السوريين، لكن لا يخفى على أحد أنّ هناك تفاوتاً في الرؤى من جهة معارِضة لأخرى يعود لما تستند إليه هذه الرؤية من آليات أو خريطة طريق لتنفيذها. كما أود أن أوضح أيضاَ أن النقد ولو كان قاسياً إلا أنه يجب ألا يُفهم على أنه تشرذم، فالانتقاد أيضاً ظاهرة صحية ولازمة لمعرفة الأخطاء وتصحيحها. ولعل عدم قدرة الائتلاف على تقديم الدعم المطلوب للفصائل على الأرض، وتَوجُّه الداعمين إلى تقديم الدعم مباشرة إلى الفصائل هو ما أدى إلى انصراف هذه الفصائل عنه وعدم التفافها حوله والتزامها بقيادته. والجهات الداعمة، قد تكون أرادت أن تختصر الطريق بالتواصل مع الفصائل والجهات المدعومة مباشرة، فأورث ذلك فرقة وتشرذماً، في حين إن وحدة الفصائل المعارضة يمرّ من طريق وحدة جهات دعم المعارضة عبر واجهة سياسية رسمية (الائتلاف أو الحكومة المؤقتة). لكن هذا يستلزم وجود آليات دعم تتمتع بالمعيارية والشفافية. أما بالنسبة لمصطلح الداخل والخارج، فهو مصطلح ابتدعه نظام العلاقات العامة لبشار الأسد من أجل شق الصف وتشتيت الحراك الشعبي في سورية. وبعد وجود المناطق المحررة أصبح الحديث عن خارج وداخل لا محل له في الواقع. هناك معارضة، هي المعارضة السورية، موجودة في سورية وخارج سورية لتمثيل الثورة وإنجاز ما يلزم من الخارج.• ماذا عن زهران علوش وجيش الإسلام الذي يعتقل ناشطين يساريين بحجة قتال «داعش»، وثمة مَن يسأل: متى يوضع حد لهذا الفلتان في المناطق المحاصرة؟- أود الإشارة إلى أن السيد زهران علوش قد أنكر تماماً علاقة فصيله المقاتل باعتقال ناشطين يساريين، لذلك على مَن يملك أي أدلة على تورط جيش الإسلام باحتجاز يساريين أن يقدم ما لديه من البيانات للجهات المعنية بذلك، وهي لن تقصر في المتابعة والوصول إلى الحقيقة ومحاسبة المتورطين. السيد زهران يقود فصيلاً مهماً في سورية، ولعله من أكبر الفصائل في الغوطة الشرقية، وقد أعلن تأييده لخيار الشعب المتمثل بنتائج الاقتراع الذي يجري لتحديد شكل الحياة السياسية في سورية، وهذا ما أكده في لقائه مع إحدى الصحف الأميركية أخيراً، موضحاً أن فصيله يرفض التطرف والإرهاب وأنه يخوض معركته ضد النظام و«داعش». ونحن نؤكد أن خطف أو احتجاز أي سوري مرفوض، فحرية السوريين أمر لا يمكن المساومة عليه.• ما المقصود بالمعارضة المعتدلة التي تشرف على تدريبها أميركا؟ وماذا أنجزت ميدانياً؟- لا يخفى أنّ مصطلح المعارضة المعتدلة يطلق على طيف واسع جداً من المعارضة السورية بحيث يشمل الفصائل المقاتلة - الإسلامية وغير الإسلامية - التي لا تؤمن بفكر تنظيم الدولة (داعش) بل وتسعى جاهدة لمحاربته. حتى الآن، مَن بقي في برنامج التدريب لا يزيد على 600 شخص، ونحو ألف من المتدربين انسحبوا من البرنامج لأنه طُلب منهم توقيع تعهد بألا يقاتلوا سوى داعش (كما تناقلت وكالات الأنباء). ونحن نتطلع من الولايات المتحدة إلى تنسيق كامل مع وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، من أجل تعزيز بناء الجيش الوطنيّ، القادر على مواجهة الإرهاب المزدوج لقوات الأسد وتنظيم الدولة. كما نحذر من استمرار تغييب الوسيط السياسي الفعّال، بين القوات المقاتلة على الأرض والدول الداعمة والمشرفة على تدريب هؤلاء المقاتلين، لأنّ ذلك من شأنه أن ينعكس سلباً على مسيرة الثورة والتطلعات التي خرجت من أجل تحقيقها.