في زمن «شد الحزام» ومواجهة الهدر حيث لا يجب أن يكون هناك إنفاق في غير محله، ورغم إعلان نائب رئيس الوزراء وزير المالية أنس الصالح عن عجز ملياري في الميزانية العامة للدولة بفعل انخفاض أسعار النفط، تأبى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن تنصاع لهذه الدعوة الوطنية التي تحتم عليها أن تراقب أوجه مصروفاتها أملاً في معالجة الخلل، إن وجد.أما الباب المفتوح على الهدر في وزارة الأوقاف، فيتجلى في «سخاء» الوزارة في تعيين 3 أئمة ومؤذنين في بعض المساجد، مع ما يؤدي إليه ذلك من هدر مالي قدّرته مصادر مطلعة بمبلغ مليونين و400 ألف دينار سنوياً، إذا كان الفائض في تعيين الأئمة 500 إمام، وهو الرقم الحقيقي، على اعتبار أن راتب الإمام يبلغ 400 دينار شهرياً.وفوق ذلك أكد عدد من الأئمة لـ «الراي» أن الحاجة لا تتعدى أحياناً إماماً ومؤذنين في كثير من المساجد، تجنّباً لأي خلل في عملية المراقبة على أداء الأئمة، مستغربين من تكليف ثلاثة أئمة في بعض المساجد يعملون بنظام «الشفتات» وفي حال خرج أحدهم في إجازة، يستعاض عنه ببديل.وقال مدير إدارة مساجد العاصمة في وزارة الأوقاف بدر العتيبي لـ «الراي» إن «قرار تعيين أكثر من إمام و مؤذن في المساجد سبب إشكالية كبيرة جداً بالنسبة لنا في متابعة المساجد، فالمسجد لا يحتمل أكثر من إمامين ومؤذن، فيما يوجد حالياً ثلاثة أئمة لكنهم للأسف لا يداومون، وفي حالة خروج أحدهم في إجازة فإننا ملزمون بتأمين البديل».وأكد العتيبي أن مشروع تكليف أكثر من إمامين في المسجد «ساهم في تقليل إنتاجية الإمام والمؤذن، وتسبب في كلفة مالية إضافية على الميزانية»، موضحاً «لدينا مساجد فيها شخص واحد إما مؤذن أو إمام، ونرغب في تعزيزه بآخر من خلال السحب من المساجد التي فيها ثلاثة أشخاص، نواجه للأسف بالرفض في النقل لأسباب عدة».وأمل العتيبي بالعودة إلى الوضع السابق بألا تتجاوز القوة العاملة في المسجد إمامين ومؤذناً، «وهو السبيل الأفضل رغم وجود بعض السلبيات، لكنه من دون شك أفضل بكثير من السلبيات التي واجهناها في تطبيق زيادة القوة العاملة في المساجد لأكثر من إمامين، حيث لا يوجد التزام بالدوام الذي بات يتم وفق (شفتات)، وفي أحيان كثيرة لا يحضرون، كما أن الكلفة عالية على الدولة، ومن الممكن الاستفادة من الميزانية في أمور كثيرة تخدم قطاع المساجد وتعزز القوى العاملة فيها».واستطلعت «الراي» آراء عدد من الأئمة في وزارة الأوقاف للوقوف على تجربتهم مع تعدد الأئمة في مسجد واحد.وقال إمام مسجد الفتح الشيخ جاسم عشوي الظفيري «أرى أن تعيين إمامين في مسجد واحد أمر غير مناسب، حيث إنني كنت من الرافضين لهذا المبدأ لأنه لا يصلح أن يكون هناك مديران لإدارة واحدة»، مؤكداً «لقد جربت تكليف إمام آخر معي في المسجد نفسه لشهر واحد وأحسست أنني بعيد جداً عن المسجد وبعد ذلك طلبت من الإدارة إعادة الوضع إلى ما كان عليه».وتدارك «بعض المساجد تكون في حاجة إلى إمامين، خصوصاً المساجد التي يؤمّها دعاة مشهورون وتستعين بهم الوزارة لأن لديهم دروسا ومحاضرات في مساجد عدة، فمثل هذه المساجد تحتاج لإمامين ليسدا الفراغ، ولكن أن يتم التوزيع بشكل عشوائي فهذا أمر أرى أنه يحدث فجوة بين الإمام والمسجد الذي يؤمه، حيث يتكل كل من الأئمة على الآخر».وأشار الظفيري إلى أن كلا الإمامين يحصل على المزايا المالية نفسها، «بذلك يكون هناك هدر في الميزانية، حيث إن المراقبة على هذه المساجد سيشوبها خلل، فلا يمكن أن يكون هناك تقسيم سليم لدور الإمامين في المساجد»، داعياً إلى إعادة دراسة القرار بحيث ينطبق على مساجد محددة فقط ولا يكون شاملاً للمساجد كافة، ملاحظاً تكليف ثلاثة أئمة ومؤذنين في بعض المساجد، ومتسائلاً عن الحاجة إلى مثل هذا العدد في مسجد واحد؟وبدوره، قال إمام مسجد ابن تيمية في منطقة الشامية فواز الكليب «أنا ضد تكليف إمامين في مسجد واحد، ولكن مع أن يتم تعيين مؤذنين في كل مسجد وذلك يكون أشبه بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان هو الإمام وكان لديه مؤذنان».وأكد الكليب أنه «لا يمكن أن يتم وضع مسؤولين في مكان واحد، حيث تفقد بوصلة المراقبة والمتابعة، فالإمام يستطيع أن يكون مسؤولاً عن مؤذنين بحكم المنصب، أما أن يُكلف إمامان ومؤذن واحد ويكونان مسؤولين عنه، فهنا يكون السؤال مَن يحاسب مَن على التقصير وكيف ستتم آلية المراقبة على أداء الأئمة؟».