شدد الأمين العام لحركة الوفاق الإسلامية في العراق الشيخ جمال الوكيل على أهمية تضافر جهود الدول العربية والإسلامية لمواجهة الخطر الداعشي، لافتا إلى ان «أي تنسيق يحدث خلال هذه الفترة بين الكويت والعراق سيعزز الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية بينهما».وقال الوكيل في حوار لـ «الراي»، خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى مصر، «تم وضع خارطة للقضاء على الفكر الداعشي وتعريف المسلمين بحقيقته وخطره على الأمة الإسلامية، إلا ان الوضع السياسي بات يتحكم أكثر في علماء السنة»، مبينا ان «الشعوب أصبحت لديها القدرة على التمييز بين الطرح الاسلامي المعتدل والفكر الذي يحارب الإسلام باسم الإسلام».وقارن الوكيل بين الوضع السياسي العراقي في فترة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وبين فترة حيدر العبادي، وقال إن «المالكي ارتكب خطأ كبيرا بضمه عناصر بعثية لقيادة الجيش العراقي وإلغائه لدور المرجعية الدينية ما ترتب على ذلك خسائر كبيرة بعكس فترة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، الذي أعاد دور المرجعية وابعاده للقيادات البعثية من قيادة الجيش ما ترتب عليه تحسن في الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية». وأشار إلى اعتناق الكثير للفكر الداعشي على حساب فكر القاعدة ما أدى إلى اندثار الأخيرة في العراق لمصلحة الفكر الأكثر تشددا، مبينا ان «القاعدة» أصبحت ضرورة وجودها منتفية منذ أن استلمت «داعش» زمام المبادرة في إدارة العمل العسكري الإرهابي.وأرجع تأخر قوات الجيش والحشد في دخول مدينة الفلوجة إلى عدم تراص القوات في الفترة الماضية بشكل منتظم ونقص الأسلحة التي يتطلب اعدادها بعض الوقت إضافة إلى اندساس الداعشيين في صفوف المواطنين، منوها ان القوات المشتركة تريد تحرير الفلوجة بأقل الخسائر.وأشاد بجهود صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وكيفية معالجته للقضية الإرهابية التي استهدفت مسجد الإمام الصادق في رمضان الفائت. وقال، إن سموه يمثل مدرسة كبيرة في منهج التعامل بين الرئيس والمرؤوس ولو ان رؤساء دول المنطقة يقتضون بهذه المدرسة في التعامل مع المواطنين اعتقد ان السعادة ستسود العلاقة بين المواطنين ورؤسائهم، فكلمات صاحب السمو المقتضبة خلال تلك الأزمة بقوله «هذولا عيالي» حركت وجدان العالم وفتحت معلما جديدا لمدرسة الرؤساء في العالم، موضحا ان «هذه الكلمات نقشت بقوة الروح في قلب كل شيعي في العالم، حيث أصبحوا ينظرون إلى أمير الكويت بأنه الأب الحقيقي»...وفي ما يلي نص الحوار:• ذكرتم في مناسبة سابقة «أن ما تشهده المنطقة حاليا ما هو إلا نتاج أفكار بعيدة كل البعد عن جوهر وروح الإسلام»... أي فكر تقصد؟- أقصد الفكر التكفيري، فهذا الفكر هو المسؤول الأول عما تشهده المنطقة، فهو يولد نتائج سلبية لأنه بعيد عن جوهر وروح الإسلام الوسطي، فالإسلام في عهد النبي عليه الصلاة والسلام كان يتصف بدين العفو والتسامح، نحن بحاجة إلى مراجعة مهمة لسيرة النبي وسيرة الأئمة حتى يتم نشر الصورة الحقيقة عن هذا الدين الحنيف.• كيف تقيم العلاقة السياسية الكويتية - العراقية في الفترة الراهنة ؟- في الواقع نحن وضعنا أسس هذه العلاقة عندما كنا في صف المعارضة العراقية، حيث كنا نقوم بزيارات رسمية الى الكويت، وخلال هذه الفترة تم إرساء هذه العلاقة من خلال التعاون والاعتراف بحدود الكويت وسيادتها، اليوم أصبحنا نتحدث في مرحلة نؤكد فيها على أن أمن الكويت هو أمن العراق والعكس صحيح، لذلك كلما نرى تنسيقا بين البلدين ستكون الانعكاسات جيدة على جميع الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية وسوف يستفيد البلدان.• هل يمكن ان تصفون لنا موقف المرجعية الدينية إزاء الحدث الإرهابي الذي هز الكويت خلال رمضان الفائت ؟- المرجعية الدينية مهتمة اهتماما كبيرا عبر التاريخ بكل شؤون المسلمين حول العالم ومنها الكويت، وموقف المرجعية تجاه أحداث الكويت بارز جدا، فالمرجع الديني الأعلي الراحل السيد محسن الحكيم، حرم على القوات العسكرية في زمن عبدالكريم قاسم احتلال الكويت، والمرجع الأعلى الراحل اية الله العظمي السيد محمد الشيرازي، أصدر فتواه الشهيرة عندما احتل النظام البعثي الكويت، بأنه لا يوجد حكومة شرعية في الكويت إلا حكومة العائلة الحاكمة، ورفض ان يعطي شرعية لأي حكومة منبثقة من النظام البعثي حتى ولو كانت كويتية، فهذا الموقف كان مهما ثبت من خلاله شرعية العائلة الحاكمة المنبثقة من الشعب الكويتي، وكذلك موقف المرجع الأعلى الراحل السيد الخوئي الذي حرم شراء أي بضائع مسروقة من الكويت، أما المرجع الأعلى السيد علي السيسيتاني فقد أثنى ثناء كبيرا على موقف صاحب السمو أمير البلاد في رعايته واهتمامه لمواطنيه خلال الاحداث الإرهابية التي عاشتها الكويت، وهنا أحب أن أشير إلى أن سمو أمير البلاد يمثل مدرسة كبيرة في منهج التعامل بين الرئيس والمرؤوس ولو ان رؤساء دول المنطقة يقتضون بهذه المدرسة في التعامل مع المواطنين اعتقد ان السعادة ستسود العلاقة بين المواطنين ورؤسائهم، فكلمات صاحب السمو المقتضبة عندما قال «هذولا عيالي» حركت وجدان العالم وفتحت معلما جديدا لمدرسة الرؤساء في العالم، هذه الكلمات نقشت بقوة الروح في قلب كل شيعي في العالم، حيث أصبحوا ينظرون إلى أمير الكويت بأنه الأب الحقيقي.• لم يعد خفياً على أحد تمدد الدولة الإسلامية «داعش» في أكثر من دولة دون ان يوازي هذا التمدد دور واضح للعلماء سواء كانوا سنة أم شيعة لتعريف الجميع بحقيقة «داعش» وخطرها على الأمة الإسلامية، لماذا ؟- في الحقية تم البدء في هذا المشوار وتم وضع خارطة طريق لهذا الموضوع خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى مصر، ولكن اليوم الوضع السياسي بات يتحكم أكثر في علماء السنة، هناك دول كانت غير مهتمة بطرح الفكر الحر الإسلامي خلال السنوات الفائتة.• اختلاف الاراء حول بعض المواضيع المتعلقة بفروع الدين بين السنة والشيعة كان موجودا، ولكن هذه الاختلافات زادت حدتها بعد ظهور قنوات فضائية للطرفين، الأمر الذي أدى إلى تعميق المشكلة أكثر فأكثر، ترى ما الحل لتخفيف حالة الاحتقان في تلك المرحلة ؟- اليوم الشعوب أصبحت تمتلك وعيا كبيرا مقارنة بالسنوات السابقة ورهاننا الأكبر على هذا الأمر، فالناس باتت تميز بين الطرح الاسلامي المعتدل والفكر الذي يحارب الإسلام باسم الإسلام، وأنا أعتقد كلما اقتربنا من فكر آل البيت سنستطيع فرز الفكر المتطرف وتعريته، ومن هنا علينا العمل على وضع ضوابط جديدة للمناهج الدراسية في هذه الدول تهدف إلى نشر فكر التسامح والمحبة، الإسلام آخى بين الجميع منذ نشأته، وجميعنا يعرف قصة الأوس والخزرج، وكيف جمعهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على كلمة التوحيد بعد أن كانوا عشائر متحاربة.• هل لك ان تعطينا نبذة عن الوضع السياسي السائد في العراق حاليا، وهل هناك فرق بين الوضع الحالي والوضع السابق، وتحديداً خلال فترة رئيس الوزراء السابق نور المالكي ؟- في عهد المالكي كان قرار المرجعية مغيبا لذلك مر بأزمات، فحكومة المالكي كانت هي التي تصنع الأزمات بدل ان تجد حلولا لها في سبيل ان يبقى المالكي لولاية ثانية وثالثة، الآن المواطن العراقي بدأ يعود إلى قرار المرجعية العليا المتمثلة في السيد علي السيستاني، وعودة المواطنين إلى هذا الأمر جعل الحكومة تتقيد أكثر في توجيهات المرجعية الدينية التي أثبتت في الفترة الماضية انها تعمل من أجل مصلحة الإنسان العراقي سواء كان ينتمي للسنة أو الشيعة أو الطوائف الأخرى، وهذا الأمر جعل الجميع يثق في قرارات المرجعية.• هل من فرق بين منهج العبادي والمالكي في إدارة الدولة ؟- رئيس الوزراء الحالي منهجه يختلف عن منهج المالكي، فالمالكي أخطأ في تقريب مئات الضباط البعثيين إلى الجيش والاعتماد عليهم في إدارة المؤسسة العسكرية وهذا ما أدى إلى وقوع الخيانة التي حصلت في الموصل وجريمة سبايكر، أما العبادي فقام بإخراج هؤلاء الخونة الذي أتى بهم المالكي، ما أثر تأثيرا كبيرا في تخفيف قوة الارهاب والتفجيرات داخل المدن وحقق انتصارات كبيرة في جبهات القتال.من جانب آخر الدكتور العبادي يمتاز برفض الفساد بعكس سياسة المالكي التي كان يروج من خلالها للفساد، وأحب أن أشير هنا إلى ان العبادي رجل عاش في المؤسسات الغربية ويحاول ان ينقل تجربته في تلك المؤسسات الغربية إلى الحكومة العراقية، وهنا أؤكد على ان الوضع الأمني والاقتصادي والسياسي بدأ يتحسن، والعراق سيحارب الارهاب داخل حدوده وخارجها.• لا يخفى على أحد مدى الإمكانيات المادية والعسكرية التي تمتلكها «داعش» حاليا، ولكن السؤال الأهم الذي يدور في خلد الجميع كيف تكون «داعش» وأصبح قوى مؤثرة ؟- «داعش» اسس على مبدأ محاربة وسحق القيم الاسلامية، ففي البداية أسس في سورية لمحاربة الحكومة السورية.وسبق وأن أشرت من قبل إلى الخطأ الذي ارتكبه المالكي بتقريبه خلال ولايته عناصر من البعثيين للمؤسسة العسكرية العراقية، فهؤلاء البعثيين نسقوا مع «داعش» الذين كانوا متواجدين في سورية لاسقاط النظام السياسي في العراق، و أرينا كيف احتل «داعش» الموصل وبعض المدن العراقية بسبب خيانة هؤلاء البعثثين للمؤسسة العسكرية والشعب العراقي.• هل يجمع المنتمين الى «داعش» هوية معينة ؟- «داعش» يؤمن بمبدأ تكفير من يخالفه، وهويته القتل تحت ستار الدين الإسلامي.• الجميع يسأل عن «القاعدة» وما سبب اختفائه في الفترة الحالية على الأقل في العراق، وهل هناك فرق بين فكر «القاعدة» وفكر «داعش»؟- كليهما ينتمي للفكر المتطرف، فالقاعدة بدأ على شكل مجاميع عسكرية، ثم تحول إلى مجاميع عسكرية أشد عنفا و هو «داعش»، لذلك «القاعدة» أصبح ضرورة وجوده منتفية منذ أن استلم «داعش» زمام المبادرة في إدارة العمل العسكري الإرهابي.• سمعنا قبل فترة تصريحات تفيد بأن الجيش العراقي وقوة الحشد الشعبي ستتمكن من دخول الفلوجة قبل العيد، وهذا لم يتم حتى الآن، ترى ما السبب؟- الكل يعلم ان الفلوجة كان يجتمع فيها أفراد من المنتمين للقاعدة قبل سقوط الموصل وهي ارض منبسطة وليست جبلية مثل تكريت، وربما يعود سبب التأخير إلى وجود بعض المشاكل التي واجهت الجيش والحشد الشعبي وتم معالجتها ما أدت إلى حدوث تأخير بسيط، فهم كانوا يحتاجون إلى أسلحة وأنت تعرف ان فترة الإعداد والتجهيز لمثل هذه الأمور عادة تأخذ بعض الوقت، أضف إلى ذلك ان القوات لم تكن متراصة خلال الفترة الماضية كما هي عليه الآن، حيث كان كثير من الضباط يتقاضون رواتب دون عمل وكان يطلق عليهم اسم «الفضائيين»، كذلك علينا معرف أن هؤلاء المنتمين الى «داعش» يتحصنون في مساكن المواطنين والقوات تريد تحرير الفلوجة بأقل الخسائر.• خلال المعارك التي جرت قبل فترة بين قوات الجيش والحشد الشعبي من ناحية و«داعش» من ناحية أخرى تم رصد تجاوزات من قبل أفراد الحشد الشعبي بحق أهل السنة تمثلت في حرق منازلهم وحرق المنتمين الى «داعش» أحياء والتمثيل بجثث بعضهم حتى بعد مقتلهم، لماذا ؟- أولا علينا ان نعرف ان «الحشد» تأسس على مبدأ القيم والكل يلاحظ ان معظم أتباع أهل البيت يتسمون بالحلم ويتقيضوا بالشريعة التي تحرم التمثيل بالعدو حتى ولو كان كلبا عقورا، هذه الأفعال تتم في حالة المعركة فقط، فالحشد يحاصر المنتمين الى «داعش» لمنع هروبهم إلى مواقع أخرى يمكن ان تضر مستقبلا بقوات الجيش العراقي وأفراد الحشد الشعبي، أما بخصوص عمليات التمثيل أؤكد أنه لا يوجد أي نوع تمثيل بالعدو بعد قتله.• كيف تتصورون مستقبل المنطقة بعد توقيع إيران الاتفاق النووي مع الدول الغربية ؟- الاتفاق بدأ يرسم سياسة جديدة للمنطقة، أبرزها أن أميركا بدأت تتعامل مع الأمر الواقع، فهي كانت تحاول ان تصنع مواجهة عسكرية مع الشيعة، إلا أن المجتمع الدولي أصبح لديه اليوم قناعة بأن الشيعة يؤمن جانبهم بعكس المدارس التكفيرية، هذا الأمر جعل أميركا تتنازل وترضى بأي صيغة توافقية حول البرنامج النووي الإيراني، هذا الاتفاق يدلل على ان سياسة المنطقة ستتغير وأن دور اسرائيل سيضعف، فأميركا تفكر ان تتعامل مع المنطقة بصورة مباشرة دون وساطة إسرائيلية، خصوصا وان هناك مصالح مشتركة بين هذه الدول وأميركا، وأعتقد ان هيمنة الخط التكفيري على المنطقة انتهت.