ثمانون دقيقة فقط غنت ابنة الـ 69 عاماً في بيبلوس.... دخلت إلى المسرح ببطء وهدوء وسكينة كاملة، انحنت للتصفيق الحاد والحار من جمهور 80 في المئة منه سيدات و90 في المئة منهن فوق الأربعين أو الخمسين بما يعني وفق سيدة سألتها «الراي» عن السبب فاختصرت: «إنه الحنين إلى صبا كان، وحب مر عبر أغنيات بصوت من اعتبرت ومن دون منازع خليفة إديث بياف الأمثل».مهرجانات بيبلوس لم تجد صعوبة في إقناع المطربة الكبيرة والمخضرمة، لأنها سرعان ما تذكرت وقوفها على منبر بيبلوس السابق، أضحكت الحاضرين عندما قالت لهم «اشتقت إليكم بعد غياب عدة سنوات»، بينما هي تعرف والحضور أيضاً أنها غنت فعلياً قبل أربعة عقود ويزيد عاماً واحداً.لكن المفاجأة كانت أن الصوت لم يتغير أبداً: قوته، جماله، قدرته على التحليق عالياً جداً، ثم التحليق على ارتفاع منخفض حتى الهمس لزوم الأغنيات العاطفية (قصة حب، ووداعاً).لم تكن ميراي محتاجة لأكثر من 11 عازفاً و 4 من الكورال (شاب و3 صبايا) ومع ذلك بدا المناخ وكأن الصوت يأكل كل ما حوله خصوصاً الموسيقى، كان الصوت أعلى وأجمل بل هو يأخذ كل الجمالات ناحيته وحده، خطير هذا الصوت الذي ما زال هادراً، خاصاً وقريباً من كل قلب لا حركة على المسرح، لكن المطربة الكبيرة بدت تغني وكأنها لا تغني، واثقة، لا ورقة أمامها تدلها على تراتبية الأغاني فهي تدخل في الحالة منذ اللحظة التي تبدأ موسيقى المقدمة بالعزف.وأطلت ميراي ماتيو بثوب أسود مطرز بخيوط ذهبية نافرة، وابتسامة فيها من البراءة والحب الكثير، لوجه طفولي مستدير، وقصّة شعر قصيرة ومدوّرة كانت تعرف باسمها أينما حلّت، وإذا بها موضة شبابية عند الشباب من الجنسين.«أنا أحبكم. شكراً لأنكم جئتم من أجلي. بلدكم جميل وأنا الآن أغني في أروع ديكور طبيعي»... هكذا خاطبت الحضور وراحت تشكر الجميع على التصفيق والحب الخالص الذي شعرت به.ميراي ماتيو هامة فنية غنائية إنسانية رائعة أمتعت الحضور من الصميم وأعادت تحريك الحنين القديم في حناياهم من جديد.