عشية الجلسة المحدَّدة لمجلس الوزراء اللبناني اليوم، بدت حكومة الرئيس تمام سلام أمام مسار محكوم إما باستقالة ممنوعة او اعتكاف ضمني مرجّح، الأمر الذي ينقل الوضع اللبناني الى مرحلة انتظارٍ جديدة على حافة ما ستحمله التطورات الإقليمية المتّصلة خصوصاً بالمشهد السوري واتضاح طرف الخيْط في سلوك ايران ما بعد النووي في ساحات نفوذها.وفيما لا يزال لبنان يعيش كابوس النفايات التي تملأ شوارع بيروت وبعض ضواحيها والجبل وسط عجز عن اجتراح حلول تنقذ البلاد من تداعيات هذه الكارثة غير المسبوقة، شخصتْ الأنظار على جلسة مجلس الوزراء المقرَّرة اليوم والمؤجلة من الثلاثاء الماضي، باعتبار انها ستشكّل مؤشراً الى ما سيكون عليه الواقع السياسي اللبناني برمّته في ضوء المواقف التي كان لوّح من خلالها سلام بالاستقالة رفضاً لإصرار زعيم «التيار الوطني الحر» ميشال عون مدعوماً من «حزب الله» على منطق مشاركة رئيس الحكومة في وضع جدول أعمال الجلسات واعتماد آلية لاتخاذ القرارات تقوم على التوافق الإجماعي، وهو ما اعتبره سلام مساساً فاضحاً بصلاحيات رئاسة الحكومة وتعطيلاً حُكمياً لعجلة آخر مؤسسة دستورية عامِلة في البلاد. وفي حين استمرّ الاستنفار الرسمي لابتكار مخارج من أزمة النفايات وتأمين مواقع لطمْرها موقتاً، وسْط تَحوُّل الاعتراض الشعبي في المناطق المقترحة لاستقبال نفايات بيروت كرة متدحرجة تطيح يومياً بلوائح النقاط المطروحة في هذا السياق، بدت جلسة الحكومة اليوم محاصَرة بالتعقيدات نفسها التي كانت حدت برئيسها الى التهديد بورقة الاستقالة والتي تقاطعت المعطيات عند أنه تم التراجع عنها تحت وطأة التمنّيات العربية والإقليمية والدولية بعدم وقوع لبنان في الفوضى المؤسساتية الكاملة في لحظة خارجية غير مواتية مطلقاً، والتوقّعات بأن الفراغ في رئاسة الجمهورية قد يطول لأشهر إضافية.واعتُبرت الرسالة السعودية التي حملها السفير علي عواض عسيري الى سلام وأكد فيها أن «الحكومة هي صمام الأمان، وتعريضها للضغط في هذه المرحلة الدقيقة قد ينطوي على عواقب ليست في مصلحة لبنان»، إشارة معبّرة عن محاذير سقوط آخر سقوف الشرعية في البلاد، في حين ساد ترقُّب لما سينتج من الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لإيران حيث أجرى محادثات مع الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، ولا سيما أن تقارير ذكرت أن رئيس الديبلوماسية الفرنسية حمل معه سلّة أفكار الى طهران تتعلق بالوضع في لبنان والملف الرئاسي، وإنْ من دون توقّعات بأن تنجح باريس في تحقيق أي اختراق على هذا الصعيد.وتبعاً لذلك، ارتسم سيناريوان حيال مصير الجلسة الوزارية اليوم:* الاول ان يتم في اللحظة الأخيرة إرجاء الجلسة كما حصل الثلاثاء الماضي، إفساحاً في المجال امام المزيد من الاتصالات وتفادياً لأي تفجير للحكومة، على ان لا يدعو سلام الى اي جلسات جديدة قبل حصول توافق على نقاط الخلاف.* والثاني ان تُعقد الجلسة وتحصل مداولات مكرَّرة تكرّس تمتْرس الفرقاء وراء مواقفهم، فيعمد سلام الى رفع الجلسة ريثما يتم التفاهم في المداولات الجارية خارج مجلس الوزراء وتأجيل عقد اي جلسة جديدة.وفي كلا السيناريويْن تكون الحكومة اللبنانية دخلت في شبه اعتكاف ضمني لرئيسها في انتظار حصيلة مشاورات الداخل والخارج، وربما بما يمرر تلقائياً استحقاق التمديد لرئيس الأركان في الجيش في 7 أغسطس المقبل، والذي سيعني استطراداً التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي في سبتمبر المقبل، وهو الملف الذي يشكّل لبّ المعركة التي يخوضها عون الذي يريد تعيين صهره العميد شامل روكز على رأس المؤسسة العسكرية.
خارجيات
عشية الجلسة المحدَّدة لمجلس الوزراء اللبناني اليوم
حكومة سلام محكومة باستقالة ممنوعة أو اعتكاف مرجّح... كأهون الشرور
05:21 م