على الرغم من السهولة المطلقة التي عبر بها إقرار قانون «البصمة الوراثية» الذي تقدمت به وزارة الداخلية لمجلس الأمة في أعقاب تفجير مسجد الصادق الإرهابي، فإن ما تلا ذلك يبرز كم هو خطير ويحمل معه انعكاسات اجتماعية تطبيق اختبار البصمة الوراثية وأخذ عينات الـD.N.A لكل من المواطن والمقيم.فمع الاعتراض الخارجي الذي قوبل به القانون، متمثلا في انتقاد منظمة هيومن رايتس ووتش له واعتبارها أن القانون يمثل انتهاكا للخصوصية، فتح الأمر بابا واسعا للجدل وانقسامات في وجهات النظر، فيما رفضه عدد من المحامين الذي اعتبروه حساسا جدا ولن يتقبله المجتمع، لتخوف البعض من كشف أسرارهم وخاصة في مسألة وجود علاقة زوجية مشبوهة وما قد يجر ذلك من ويلات ومصائب يكشفها ذلك الاختبار في فضح النسب لتلك العلاقات المشبوهة.المحامية مريم المؤمن رأت أن «إقرار القانون في مجلس الأمة أمر جاء متأخراً جدا ولكن افضل من عدم اقراره»، مشيرة إلى أن «القانون يدفع الكويت الى الامام من خلال اهتمامها باستقرار أمن المواطن، والحد من الجرائم، سواء أمن دولة أو حتى جنح، ولابد من سرعة تفعيل هذا القانون ومعاقبة من يمتنع عن تقديم بصمته لاجهزة الدولة المختصة من دون مسوغ قانوني».ودعت المؤمن لتطبيق البصمة في قضايا اثبات النسب بقانون الاحوال الشخصية، فاذا كانت الدولة تهدف الى استقرارها الامني فان استقرار ابنائها ايضا أمر مهم جدا ويجب النظر بأمره بشكل جدي، حتى لا ينشأ مواطن غاضب على الدولة و قانونها الذي تقاعس عن اثبات نسبه.وفي الختام طالبت المؤمن الحكومة توفير أفضل الاجهزة اللازمة وتفعيلها بأقرب وقت ممكن.من جهتها، أكدت المحامية فاطمة كمال، ان «قانون البصمة الوراثية لا يتعارض مع الدستور لاسيما ان تطبيقه يهدف للكشف عن هوية المجرمين وحل ملابسات الجرائم».وقللت كمال من تأثير القانون على الحياة الشخصية الا اذا تم استخدامه في قضايا تمس النسب والاسرة، مبينة ان «القانون سينشر الأمن والأمان بالوطن دون المساس بالحياة الخاصة للافراد وسيسرع من عملية كشف وضبط الخلايا الارهابية والاجرامية وهو تطبيق متطور لعلم الجريمة.من جانبه قال رئيس مجلس الأمناء بكلية القانون الكويتية العالمية الدكتور بدر الخليفة إن «موضوع البصمة الوراثية بدأ يتخذ نسقاً علمياً بسبب موجة الهجرة إلى بريطانيا بعد أن أصبح تجنيس الكثير من بلدان أخرى وادعاء أشخاص بأنهم ولدوا فـي بريطانيا، وحتى يضعوا حدا للتزوير».وأشار إلى أن «العلم الحديث تولى أبحاثاً مستفيضة ليتوصل إلى أنه تتابع عقد بروتينية على جديلة خاصة داخل العصي الوراثية، وكل إنسان يتفرد بنمط خاص في التركيب الوراثي ضمن كل خلية من خلايا جسده، لا يشاركه فيها أي شخص آخر فـي العالم، أي أن إثبات النسب بالبصمة الوراثية، دليل مادي يعتمد العلم والحس ويقوم على التسجيل الذي لا يقبل العود والإنكار بخلاف غيرها الذي يعتمد على الذمم ويقبل العود والإنكار، وتساهم البصمة الوراثية فـي إثبات أو نفي النسب، باعتبارها تقنية ذات قوة تدليلية قطعية فـي ذلك، فهي موجودة على صيغة واحدة فـي جميع مكونات الجسم سواء الدم أو المني أو الشعر أو فـي أي عضو من أعضاء الجسم وتختلف من شخص لآخر، وتبقى ثابتة مدى الحياة إلى أن تتحلل الجثة بعد الموت، ما يمكن الطب الشرعي من معرفة النسب حتى بعد الوفاة،ومكونات الحمض النووي للأب لإثبات الأبوة، والحمض النووي للأم لإجراء المطابقة مع الحمض النووي للطفل.وأكد أن الإسلام يقر الأخذ بالبصمة الوراثية في حال تنازع أكثر من شخص فـي أبوة مجهول النسب،لافتا إلى أن البصمة الوراثية ليس فيها اختراع، وإنما اكتشاف عظمة الله وتعتبر أداة قوية للتعرف على الأحياء والأموات، إضافة إلى أنها تستخدم لدعاوى النسب فهي أيضا تستخدم للتعرف على الجثث خلال الكوارث، كما أن للبصمة الوراثية تطبيقات واستخدامات عديدة فـي قضايا السرقة والاغتصاب والنسب.من جانبه قال المحامي فلاح العجمي إن«قانون البصمة الوراثية حساس جداً، وفية مشاكل قانونية كثيرة»، مضيفاً أنه على سبيل المثال أكدت محكمة التمييز فـي حكم نهائي أن هذا الابن لهذا الرجل، ولكن أتى تحليل الــD.N.A ليؤكد أن الابن ليس ابن هذا الرجل.
محليات
إقرار مجلس الأمة مشروع البصمة الوراثية أثار توجسّات تتعلق بانعكاساته الأسرية
اختبار الـ D N A... مخاطر اجتماعية
11:53 ص