عندما تجتمع الخبرة الأكاديمية مع الفطرة في التمثيل والفكر الاخراجي السليم، تكون النتيجة قطعاً عملاً مسرحياً يرتقي للتقديم فوق خشبات المسارح العالمية، ويستحق الاستمرار في تقديم عروضه وزرع البهجة في النفوس طوال العام، لا أن يكون حكراً على موسم معين ومن ثمّ يتوقّف!هذا هو واقع وحال العمل المسرحي الغنائي الاستعراضي «نور الظلام» قصّة وسيناريو محمد الكندري وإخراج يوسف البغلي، والذي يتواصل عرضه حاليا على خشبة مسرح تنمية المجتمع بمنطقة القصور.ويتشارك بطولة العمل المقتبس من أسطورة عالمية نخبة من النجوم، هم هند البلوشي، عبدالمحسن القفاص، يوسف البغلي، عبدالله عباس، علي الحسيني، شيخة العسلاوي، شيماء، فيصل الصراف، أحمد السعدون، ريم الكويتية، الطفل ضاري الرشدان، الطفلة رهف العنزي وفرقة Galaxy الاستعراضية.ورغم أن المسرح غير مجهّز تقنياً بكل العناصر التي تسهم في إنجاح ما يعرض فيه، من حيث نظام الصوت والإضاءة، إلاّ أنه وبجهود شركة الانتاج «HM MAGIC WORLD»، تم تجهيز الصالة قدرالمستطاع، لتكون أهلاً لاستقبال الجمهور، ولتكون أيضاً صرحاً يقدم فوق خشبته عمل مسرحي يرقى بالمشاهدة والمنافسة، وهو الأمر الذي نجح فيه فريق المسرحية كاملاً متغلبين على كل المعوقات.المعادلة في «نور الظلام» اكتملت، بوجود نصّ مسرحي قدّمه محمد الكندري بصورة جميلة وسلسة، وتولاّه المخرج يوسف البغلي، فغاص في فكره واضعاً رؤيته الاخراجية، خصوصاً بعد أن كانت هند البلوشي قد صاغت النصّ الغنائي الخاص بالمسرحية بكل عناية.«نور الظلام» من المسرحيات الغنائية الاستعراضية التي اتخذت المنهج الأكاديمي سبيلاً لها، في تقديم عروضها بعيداً عن الاسفاف والاستهزاء بعقول الأطفال، وفي نفس الوقت قدمت الابهار البصري الذي يعتمد عليه مسرح الطفل، ممزوجاً بفكر ومضمون وطرح لعدد من المفاهيم المهمة، من خلال قصّة بسيطة سلسلة مترابطة الأحداث تصاعدت بشكل تدريجي حتى وصلت إلى ذروتها، بفضل الأداء التمثيلي المتقن من جميع الممثلين دون استثناء. تكاملت جميع العناصر لإنجاح المسرحية، فكانت الموسيقات والأغاني من أهم تلك الركائز باعتبار أنّ العمل موسيقي غنائي، فنجح مشاري العوضي في تلحين الكلمات المعبّرة والصائبة التي صاغتها هند البلوشي، وما ساهم في وصولها إلى المتلقي بسلاسة كان الصوت الجميل الذي امتاز به كل الممثلين، وهي نقطة إيجابية تحسب لمصلحة المخرج البغلي، رغم أنها تعتبر تجربته الاخراجية الأولى في المسرح التجاري - مسرحيات المواسم- بعيداً عن المهرجانات الأكاديمية، وكذلك هي تجربته الانتاجية الأولى التي يخوضها كشريك مع الشركة المنتجة.كذلك لا ننسى الإضاءة التي صممها ونفذها عبدالله النصار، والتي خدمت الفكرة العامة وساهمت في بناء اللوحة البصرية التي أمتعت الحضور، كما أنها لم تكن مقحمة في المشاهد مع إختلاف إضاءاتها، بل تنوّعت بحسب الحالة النفسية التي مرّ بها كل ممثل، معبّرة عن الغضب والحزن والحب وغيرها.وحتى تكتمل هذه اللوحة البصرية المسرحية، كان لابد من وجود أزياء تتماشى مع أجوائه، وهنا كانت للمصممة منيرة الحساوي - خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية- بصمة مميزة، حينما اختارت وبعناية زيّ كل شخصية من الشخصيات، فأصابت دون ابتذال أو تكلّف، كما أن انتقاءها لألوان أزيائها لم يتضارب مع ألوان الاضاءة، بل منحها جمالية أكثر.وجاء المكياج الذي تولاه عبدالعزيز الرجيب متقناً، وساهم إلى حد كبير في إدخال المتلقي المسرحي إلى زمان ومكان القصّة. أما الديكور الذي صممه محمد الربيعان فقد كان رغم بساطته موحياً ومعبّراً عن المكان المقصود منه، وبالتالي امتزج مع بقية العناصر في اكتمال المشهد البصري للمسرحية،والجميل في الديكور كذلك أنه لم يكن ضخماً، حيث ساعدت بساطته في سهولة تنقّل الممثلين بكل أريحية.وختام العناصر المهمة في المسرحية كان الاستعراض المسرحي، الذي صممه كلاً من دعيج الخميس ومشاري إياد، فكان فعالاً مثمراً بسيطاً خدم فكرة مسرحية «نور الظلام» كثيراً، وأضفى نفحة من الإثارة والتشويق لدى الأطفال، وكذلك مجاميع الفتيات اللاتي شكلّن لوحة جميلة في أكثر من مشهد.
فنون - مسرح
المسرحية تقدّم فكراً ومضامين سامية بأسلوب أكاديمي راقٍ
«نور الظلام»... أضاءت مسرحاً غنائياً استعراضياً بامتياز!
11:50 ص