«أبطال السلاحف» عادوا ليملأوا المسرح، ويمتعوا الجمهور، بعد 24 عاماً من عروضهم الأولى!فعلى خشبة مسرح الحملي في دار المهن الطبية بمنطقة الجابرية، يقود الفنان عبدالرحمن العقل فريقه من «أبطال السلاحف» ليعرضوا مسرحيتهم، التي سبق أن عُرضت قبل نحو ربع قرن، وقد نفخوا فيها روحاً جديدة، وضخوا في عروقها دماء التجديد، وأضافوا إليها تطورات فنية لافتة، لتتعانق الديكورات القديمة مع الإكسسوارات الحديث، معززةً حالة الانسجام المسرحي التي تحققت بين جيلين مسرحيين، على الرغم من التفاوت الزمني بين العرض الأول والعروض الحالية.«الراي» اتخذت مقعدها في صفوف الجمهور، وتابعت العرض العابر للزمن، ورصدت حركة الممثلين ليس على الخشبة فقط، بل خلف الكواليس أيضاً، في حين سجلت حفاوة المتفرجين.«أبطال السلاحف» التي تهدف إلى تلاحم المجتمع، وتحضّ على التشبث بالوحدة الوطنية، تضم في سياقها أيضاً باقة من المواضيع والقضايا الإنسانية والمجتمعية، واستعاد المتفرجون الذين سبق أن شاهدوا المسرحية أثناء عروضها الأولى في أوائل التسعينات ذكرياتهم مع بعض أبطال المسرحية السابقين الذين عادوا من جديد، ليقفوا جنباً إلى جنب الممثلين الجدد الذين أعطوا نفَساً جديداً للعرض وجسدوا تواصل الأجيال الفنية، في حين تنوع الجمهور بين كل الشرائح العمرية، ومن الطريف أن عدداً ممن شاهدوا المسرحية في عروضها الأولى، وكانوا أطفالاً حينذاك، حضروا العروض الحالية وهو يصطحبون معهم أولادهم، كي يستمتعوا بدورهم بجرعة إبداعية مع «أبطال السلاحف»!من أبرز المظاهر التي ميزت أعضاء فريق العمل روح الانسجام والتآلف التي تجلت آثارها في ما بينهم وانعكست على أدائهم الذي انتزع إعجاب الجمهور. الفنان عبدالرحمن العقل عرف كيف يخاطب الطفل في وقتنا الراهن، وهو أمر ليس غريباً عن فنان يُعتبر بالفعل من مؤسسي مسرح الطفل الكويتي، ويمتلك خبرة مسرحية وحنكة فنية مكنته من استقطاب الصغار والكبار الذين استحسنوا أداءه الراقي الجميل الذي تعودوه منه على مدى مسيرته الحافلة.أما الفنانة سماح، وهي عضوة من فريق العائدين، فأخذت مساحة أكثر من السابق، وجسدت دور «شهد» التي تتذوق لوعة فقدان أمها وأخيها اللذين استُشهدا، وأخذت عهداً بأن تكون أحد أفراد حماة أرضها، وتواجه العدو، وتدبِّر الخطط لأجل نصرة أرضها، وكانت عفوية جداً ومرنة، وكأن السنين لم تغيرها على رغم توقفها عن التمثيل سنوات طوالاً، غير أنها عرفت كيف ومتى تعود، وظهر قدر كبير من الانسجام والتفاهم بينها وبين «بو خالد» العقل والفنان محمد الحملي الذي قدَّم دور السلحف ذي «اللون الأزرق»، في جو كومديدي، مظهراً ذكاءه في معرفة ما يريده الجمهور وما يتطلبه الفن، وهو ما تجلى في إقدامه مع بعض الممثلين على كسر القواعد المألوفة، فترجلوا عن الخشبة، ونزلوا - في بعض المشاهد - إلى مقاعد المتفرجين، وتبادلوا معهم بعض الكلمات واللعب، وسمحوا لهم بالتقاط الصور معهم، الأمر الذي حقق الدهشة والمتعة للأطفال والكبار على السواء!بدوره، يقدم الفنان أحمد الفرج في هذا الجزء يقدم دور «فرام»، وهو الشرير الذي يغزو المدينة، وكان أحد أبطال الجزء الأول، لكنه كسر في هذا الجزء مظاهر الشر الشرس، وجسد «فرام» بصورة كوميدية ضاحكة تفاعل معها الجمهور، وكان تابعا فرام هما «ملح» المسرحية، وهما الفنانان عبدالله الشامي ومشعل الفرحان، وقدمت شوق دور «شوق» شقيقة «شهد» التي تساهم في تعزيز الوحدة الوطنية، ولا ترضى أن يمس وطنها أي سوء.شخصيات السلاحف كانت من أبرز الشخصيات التي أحبها الأطفال، وهم أربعة: عبدالرحمن العقل «البرتقالي» وجمال الشطي «الأحمر» ومحمد الحملي «الأزرق» وعبدالعزيز السعدون «البنفسجي»، وقد قرروا مساعدة البشر، ليتحرروا من ظلم الأشرار.الفنان عيسى ذياب جسد دور أحد أفراد المقاومة، وهو يساعد «شهد» (سماح) للوصول إلى حل لأخذ ثأرهم من العدو الغدار، وكان ذياب من أبرز الممثلين في العرض، بإتقانه لدوره وأدائه المميز، وكذلك قدم الفنان عصام الكاظمي شخصية أحد شباب المدينة الأوفياء.الموسيقات والأغاني الوطنية القديمة التي غنتها نوال الكويتية في العام 1991 (حيث كانت إحدى المشاركات في العمل القديم)، تقدمها في العرض الحالي أمل العنبري. أما عن الديكور فقد اعتمد على البساطة وعدم التكلف، بل عبر عن الحالات المقصودة من كل مشهد، وجاء منسجماً مع الأماكن المعنية، مع بعض الإضافات والإكسسوارات الجميلة والمختصرة، التي تخدم المشهد.الجمهور استمتع بجرعة مسرحية مدهشة مع «أبطال السلاحف»، الذين اجتهدوا في إسعاد الحضور، فاستحقوا تصفيقهم وحفاوتهم.يُذكر أن «أبطال السلاحف» من تأليف وإخراج وبطولة عبدالرحمن العقل، بجانب تمثيل سماح وأحمد الفرج وجمال الشطي ومحمد الحملي وعصام الكاظمي وشوق وعيسى ذياب وعبدالعزيز السعدون ودانا ومشعل الفرحان ومنتظر الزاير وبمشاركة أمل العنبري، ومجموعة أخرى من الفنانين.