إن العرب في جاهليتهم لم يكونوا على خبرة بإقامة الدول، ومن كان يمتلك خبرة فخبرته محدودة جداً، وتصلح لإدارة دويلة صغيرة، ولما بُعث الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كانت قيادته للأمة قيادة خاصة، فهو النبي المعصوم وهو المجتهد فيما يصلح عموم شؤون الحياة، وهو القائد العسكري الذي يقود الحملات لتبليغ الرسالة ونشر الإسلام، وتولى هو بنفسه تحديد معالم العلاقات الخارجية مع الأمم الأخرى، وهذا كله يعني أن الأمة تحتاج بعد وفاة نبيها إلى تخطي التحديات والاجتهاد في كيفية توزيع السلطات التي كانت بيده - صلى الله عليه وسلم -، وكيفية توفير نظم وقوانين كافية لضبط حركة الناس وخصوصاً فيما يخص الحقوق والواجبات.قدمنا المقال بمقدمة تبعث في نفوس المسلمين خاصة والعالم كافة الفخر والاعتزاز بقائد أقام الدولة، وأدار شؤونها الداخلية والخارجية بحكمة وحنكة نتاجها النجاح والفلاح، لو اتخذنا منهاجه وسلوكه وطبقناه في سائر أمور حياتنا لنهضنا نهضة سياسية وتربوية واقتصادية وثقافية وصناعية تتسابق عليها الأمم، أيضا كانت مقدمتنا بمثابة مبرر للتخبط الذي نعيشه اليوم في كل الجوانب، وعزاؤنا الوحيد أنه مازال هناك فرصة ومتسع من الوقت لاتباع منهج وطريق الرسول في كيفية إدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية، ولا يخفى على أحد منا بأن كل إخفاقتنا تعود لتفريطنا بالطريق الواضح والوسيلة المحددة التي توصلنا لغايتنا.فنحن نعيش اليوم تحديات خارجية لا يعلم عقباها إلا الله، هنا نُذكر القارئ بالاستطلاع الشعبي الذي أعده مجلس الأمة لتحديد أولويات المواطنين، فكان نتاج ومخرجات الاستطلاع الفاشل، الذي لم يكن يرتكز على أسس علمية، فضلاً عن أنه لم يغطِ جميع الفئات والشرائح الكويتية، إن المشكلة الإسكانية هي الأولوية، من منا يهنأ بسكنه وهو فاقد الأمن والأمان والاستقرار؟!. فالانكسارات التي أصابت الأمة الكويتية كانت جذورها وأسبابها من صنع المواطنين أنفسهم، إن علاج الأخطار الخارجية وصدها سوف يتوقف على مدى قدرة الشعب الكويتي على بناء ذاتيته والتخلص من مشكلاته، بمعرفة تحديد أولوياته، فالأجواء مليئة بالجراثيم والفيروسات الداعشية والفارسية والصهيونية وغيرها، ولكنها لا تغزو إلا من فقد روح المقاومة، ووفر الشروط الموضوعية التي تمنحها النصر عليه.نحتاج اليوم إلى الصبر والعمل في إطار الطوق والوسع، مهما اختلفنا بالتخصصات والانتماءات، فعلينا أن نتحمل مسؤوليتنا في فهم الواقع وملابساته، وفهم الظروف الدولية على نحو جيد بالإضافة إلى امتلاك رؤية بعيدة المدى للأسس والآليات التي يجب استخدامها في تمكين المنهج القويم السليم في إدارة شؤون الدولة وتخطي التحديات الخارجية في النفوس والأوضاع العامة، لنحافظ على ما تبقى من أمن وأمان واستقرار داخل البلاد.twitter: @mona_alwohaibm.alwohaib@gmail.com
مقالات
رأي قلمي
فلنجدّد المحاولة ونتخطّى التحدّيات...!
01:48 ص