بدموع الفرح والتأثر، لاقت الفنانة الكبيرة سميرة توفيق اللفتة التكريمية التي خصّتها بها بلدية الحازمية، المنطقة التي ترعرت فيها ولم تغادرها وأوصت بأن تُدفن فيها.حفل تكريم «سمراء البادية»، كان من المقرّر أن يقام في مبنى البلدية في صالة مخصّصة تتّسع لكل الضيوف، ولكن سميرة توفيق أصرت على أن يكون التكريم في منزلها بالحازمية مراعاةً لوضعها الصحي الذي لم يمنعها من استضافة حشد من الفاعليات السياسية والعسكرية، و«جيش» من الصحافيين والمصوّرين والأصدقاء وأفراد العائلة إضافة إلى الجيران، وكلّهم شاركوا في تقديم التحية لـ «حجر الأساس» في هذه المنطقة التي تحوّلت لاحقاً «عاصمة» لكبار الفنانين الذين سكنوا فيها والتي تستعد لإطلاق اسم سميرة توفيق على أحد شوارعها كما أعلن رئيس بلديتها جان الأسمر.وكانت سميرة توفيق، قد اعتذرت عن الكثير من عروض التكريم التي تلقتها في الفترة الأخيرة، ولكنها قبلت بتكريم بلدية الحازمية لها. وهي لم تستطع أن تمنع نفسها من البكاء عندما تبلّغت قرار تسمية شارع في المنطقة باسمها، إذ تذكّرت كلام والدها الذي كان قال لها «عشتم في الحازمية وستبقون فيها وتموتون فيها»، ولذلك أوصت، كما قالت، بأن يتم دفنها في البلدة التي تحمل لها في نفسها حنيناً وذكريات، والتي عرفت وهي تعيش فيها نجاحاً ونجومية وشهرة واسعة توّجتها ملكة على عرش الأغنية البدوية.وفي كلمتها خلال التكريم، قالت توفيق: «عندما شيدت بيتي في الحازمية، لم يكن يوجد سوى مبنى تلفزيون لبنان. وطوال 50 عاماً كانت معي دائماً. سافرتُ كثيراً وقصدتُ دولاً كثيرة وكُرمت كثيراً، ولكن الحازمية كانت في قلبي دائماً. وأنا لم أدخل الاستوديو منذ 10 سنوات، ولكنني سأفعل ذلك قريباً كي أضع صوتي على نشيد خاص بالحازمية».وفي دردشة خاصة مع «الراي»، قالت سميرة توفيق: «الحمد لله أنا صبرتُ، ولم أقبل سوى أن أُكرّم في الحازمية، ومع الناس الطيبين ومع أعضاء المجلس البلدي ورئيسها، وهؤلاء هم عائلتي واهلي».وعما إذا كانت تشعر بالأسف والحزن لأنه لم يتم تكريمها من الدولة اللبنانية والدول العربية، أجابت: «بل كُرّمت كثيراً، وهذا الأمر يشعرني بالفخر. أنا أشكر الله لأنني كُرمت من الدول العربية ولديّ الكثير من الأوسمة منها. لا يوجد بلد عربي واحد إلا وكرّمني، ولكن التكريم من الوطن له طعم مختلف».وعن سبب تعلقها بالحازمية قالت: «سبحان الله. هي منطقة جميلة، ولو أنني لففت نصف الكرة الأرضية، لا بد وأن أعود إليها. الحازمية لا تعرف التفرقة والتعصّب، بل هي لكل الناس من مختلف الأديان والفئات والكل يعيش فيها بمحبة وألفة ومودة، وكان للبلدية دور كبير في زرع بذور المحبة بين قاطنيها».وعن شعورها تجاه تهافت أهل الصحافة والإعلام للمشاركة في حفل تكريمها، ردّت «هذا رضا من رب العالمين. ومَن يحبه الله يحبب الناس به. وقد بكيتُ اليوم بعدما تذكّرتُ وصية والدي الذي قال لي: (ستعيشون في الحازمية كما ستموتون وتُدفنون فيها). وأنا أشكر رئيس البلدية وأعضاءها على تكريمهم لي وأتمنى لو أنني أستطيع أن أردّ لهم الجميل الذي أعتبره ديناً في رقبتي، ولكنني لا أعتقد أنني سأستطيع مكافأتهم بمثل ما كافأوني».أما عما إذا كانت تفكر في العودة إلى الغناء أجابت: «إن شاء الله». وعن أسباب غيابها طوال السنوات الأخيرة ردّت: «اشتقتُ للفن وللجمهور. لكن الظروف كانت أقوى مني، لم يكن بإمكاني أن أغني ولبنان والدول العربية تعاني الحرب. لا يمكنني أن أحيي حفلاً والناس مشرَّدون على الطرق. ولذلك فضّلت أن أنتظر، وأتمنى أن تزول الغيمة السوداء وعندها يمكن أن أغني».وعن موقفها من الوضع الفني الحالي قالت: «الفن جميل، وأتمنى التوفيق للجميع».أما عن التغييرات التي طرأت على الساحة الفنية منذ ابتعادها عنها وحتى اليوم، فأجابت: «الساحة الفنية تشبه الحديقة التي تضم أنواعاً مختلفة من الزهور، وأنا أتمنى التوفيق للجميع. يوجد مطربون كبار على الساحة، وكل فنان له لونه وخطه ورهجته».وعن الفنانة التي تشعر بأنها تستحق أن تكمل مسيرتها، قالت: «لا يمكنني أن أعرف. رب العالمين وحده هو الذي يعرف، ولكنني أطلب من أي فنانة تكمل مشواري أن تحفظ الأمانة».