لم تَظهر معالم واضحة بعد لنتائج المساعي التي نشطت بقوة في اتجاهات عدة في الأيام الأخيرة لاحتواء تداعيات مجمل المشهد السياسي في لبنان عقب التصعيد الذي تولاه فريق زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون.لكن الأسبوع الطالع، وإن كان محكوماً بإجازة عيد الفطر، إلا انه سيكتسب أهمية على صعيد عمل الوسطاء والاتصالات لبلورة مخرج يعيد مجلس الوزراء الى العمل بانتظام الحدّ الأدنى الممكن والمطلوب انطلاقاً من وقائع سياسية اتّسمت بأهمية كبيرة وأظهرت ان كلمة السر التي تَجمع مختلف القوى السياسية هي منع هزّ الحكومة وإعادة تثبيت الخطوط الحمر أمام «التصعيد العوني» حتى من جانب أقوى حلفائه اي «حزب الله» تحديداً.وأبرزت الساعات الـ 48 الأخيرة مزيداً من الوقائع الدافعة في اتجاه تعويم الوضع الحكومي، لم يكن أدلّ عليها من التراجعات التي أعلنها عون مباشرةً او ضمناً في كلمات وتصريحات عدة له، بدءاً بنفيه ان يكون طالب باعتماد الفيديرالية، رامياً كرة المسؤولية في طرْحه هذا على الصحافة، ومن ثم تَراجُعه الضمني عن اشتراطه إجراء انتخابات نيابية قبل انتخاب رئيس الجمهورية الجديد بتلميحه الى ضرورة الاستعاضة عن مجلس النواب غير الشرعي الممدَّد له بإجراء تسوية وطنية يكون له فيها حق ترجيح الانتخاب الرئاسي.وتُجمِع أوساط وزارية متعددة الاتجاهات السياسية، حتى من ضمن قوى «8 آذار»، على ان «حلفاء عون بدأوا منذ أيام بمساعدته على الخروج من الحفرة التي أوقع نفسه فيها بحسابات ظهرت انها شكلت انتكاسة كبيرة له منفرداً. فاذا كان كل من رئيس تيار (المردة) النائب سليمان فرنجية والامين العام لـ (حزب الله) السيد حسن نصرالله لم يتخليا عن دعم الأُطر العامة لمطالب زعيم (التيار الحر) في ما يتعلق بآلية عمل مجلس الوزراء والتعيينات الأمنية، فإن كلاهما رسم له في المقابل الخطوط الحمر التي تمنع انهيار الحكومة، مظهريْن - كلٌّ على طريقته - تحفظّاتهما عن أسلوب التصعيد الذي بالغ فيه الى حدود فاجأت حلفاءه قبل خصومه».وتضيف هذه الاوساط عبر «الراي» ان «عون بدا كأنه استوعب الانتكاسة التي مني بها من خلال تراجعاته حول طرح الفيديرالية، ولكنه لم يُظهِر بعد مرونة كافية حول ما يمكن التوصل إليه في شأن مخارج محتملة لمسألة التعيينات الأمنية، بدليل انه انبرى الى الهجوم بعنف على قائد الجيش العماد جان قهوجي شخصياً على خلفية الصدام الذي وقع بين بعض أنصاره من المتظاهرين وبين الجيش خلال محاولته اقتحام السرايا الحكومية الخميس الماضي، كما افتعل مشكلة ارتدّت عليه سلباً في منع محطة (إم تي في) التلفزيونية من تغطية نشاطاته في الرابية».كما تشير الاوساط الوزارية نفسها الى ان «ما جرى امس في دارة رئيس الحكومة تمام سلام من تدفّق للوفود الشعبية تأييداً لموقفه في وقوفه ضد الاستفزازات والتهجمات التي طاولته على لسان وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء والحملة الكلامية لأنصار عون عليه باتهامه بـ (الداعشية)، رسمت الناحية الأخرى للنتائج السلبية التي ارتدّت على عون باعتبار انها استفزّت الشارع السنّي المعروف باعتداله».وجاءت هذه التزكية لمواقف سلام قبيل ساعات ايضاً من الإفطارات التي أقامها «تيار المستقبل» في مختلف المناطق استعداداً لاطلالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وكلمته فيها التي استندت بشكل خاص على اعادة تثبيت خطاب مشروع الدولة واستعجال انتخاب رئيس الجمهورية والتمسك بثوابت الطائف والاعتدال السنّي والوطني في مواجهة التطرف والتحديات الاقليمية والداخلية من دون الغرق في ردود على عون. علماً ان أنصاراً كانوا استبقوا إطلالته عبر الشاشة امام نحو 17 الف مدعو بحملة دعم له عبر «تويتر» من خلال هاشتاغ «يوم السعد لما تطلّ» عكس عملية استنهاض للشارع السنّي حول الحريري بعد اندفاعة عون وكلام نصر الله الجمعة الماضية، الذي برّر تورطه في سورية بالقول ان طريق القدس تمر بالقلمون والزبداني والسويداء والحسكة.وتشير الأوساط الوزارية الى ان ّمجمل هذه اللوحة يشكّل نظرياً اطاراً إيجابياً من زاوية إبراز تَقاطُع مختلف القوى الداخلية على منْع تَفاقُم الأزمة الحكومية ومحاصرة الاتجاهات التصعيدية للفريق العوني وردّها الى العقلنة بالحدود الدنيا. ولكن ترجمة هذه الاتجاهات لا تزال تحتاج الى مخارج عملية لإعادة انتظام العمل الحكومي وربما يبدأ ذلك من نقطة انفراج محتملة هذا الاسبوع تتمثّل باكتمال التواقيع المطلوبة على مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، الأمر الذي سيُعدّ احد العناوين الأساسية للاتجاه نحو التسوياتّ.

الجنرال فرض «حظراً» على «أم تي في» فردّت «التحية» ... بأعنف منها

انشغل الوسط السياسي والإعلامي في لبنان بقرار زعيم «التيار الوطني الحر» الجنرال ميشال عون «حظر» دخول محطة «أم تي في» إلى مقره في الرابية، غداة انفجار غضبه بوجه مراسلة المحطة جويس عقيقي التي حاولت طرح أسئلة عليه في مؤتمر صحافي كان يعقده يوم «خميس الشغب» السياسي في مجلس الوزراء والشعبي في الشارع، وانتهى بإبلاغ المراسلة أنه سيطلب من أم تي في عدم انتدابها مرة أخرى، متهماً إياها على الهواء بـ «التحرّش» الإعلامي، قبل أن تعرض المحطة بالفيديو تمتمات لعون قالت إنها في معرض السباب الذي كاله للمحطة.وبعد ظهر أول من أمس، وجّه عون كتاباً إلى أم تي في جاء فيه: «يؤسفنا أن نبلغكم أننا وابتداءً من تاريخه، سنمتنع عن استقبال مراسلين أو مصوّرين من محطتكم في دارة الرئيس العماد ميشال عون في الرابية».ولم يتأخّر ردّ المحطة التي جاء في مقدمة نشرتها الإخبارية: «وفي 11 يوليو 2015 من القرن الحادي والعشرين، منع العماد عون الـ أم تي في من دخول الرابية. جنرال الإصلاح والتغيير، لم يغيّر في نفسه وتصرفاته شيئاً. عسكري حيث يجب أن يكون سياسياً، وسياسي متلوّن حيث يجب أن يكون عسكرياً. أكثر من ربع قرن من هذا النسق العوني، نجح العماد عون في خلاله بـ (تمليش) السياسة، أي أن يجعلها لعبة ميليشيات، وهو يسعى بلا نجاح - والحمد لله - إلى أن يسيّس العسكر. الجنرال يرينا، بتصلّبه حيث لا يجب، وبتلوّنه حيث لا يجب، وبانحيازه الدائم إلى تغليب الخاص على العام، وبكرهه الدائم للإعلام، يرينا كل يوم أنه غير أهل لتولي رئاسة الجمهورية، لكنه مستعدّ دائماً لنسف الدولة. وللتذكير، لطالما اعتمد الجنرال نهج (من بعدي، عمرو ما يكون جمهورية)، وهكذا نسف الجمهورية الأولى وجلب على المسيحيين بليّة الطائف، وعينه اليوم على الجمهورية الثانية. غير أن مبدئيته قادته إلى التعاطي مع كل مفاعيل الطائف، فاستفاد منه حتى آخر قطرة، وبنى على ركامه إمبراطورية الصهر، فتى الجمهورية ورئيسها، على حساب كل نضالات التيار ومناضليه. والآن، وبعد أن جفت منابع الطائف، لم يعدم العماد وسيلة، إنه اليوم تقسيمي فيديرالي مسيحي سوري إيراني غازي بترولي كهربائي».وأضافت: «تريدنا أن نكلّمك بلغتك، وها نحن وبخجل نلبي النداء. القليل من الحياء يا جنرال. الـ أم تي في يمكنها أن تحيا من دونك، لكنك لم تكن حياً طوال 15 عشر عاماً، لو لم تحمل الـ أم تي في قضيتك وقضايا شبابك المطارَد من الأجهزة حتى قطع رأسها. ولكن كيف لذاكرتك الانتقائية أن تتذكرنا، وقد تنكّرتَ لخيرة ضباط جيشك ومناضلي تيارك، وأقصيتهم بلا رفّة جفن. وبعد، كيف لمَن لا يتحمل سؤالاً من صحافي أن يتحمّل مسؤولية وطن؟ في النهاية ليتك يا جنرال تحبّ مناضلي تيارك الأصيلين، بقدر ما أحبتهم الـ أم تي في وتحبّهم».