يتّجه الوضع اللبناني الى «عنق الزجاجة» في لحظة إقليمية بالغة الحراجة، ما يجعله للمرة الاولى منذ «الانفجار» الذي تتطاير شظاياه في اكثر من بقعة في المنطقة امام خطر فقدان «المكابح» التي حالت دون انزلاقه الى «نيران» المحيط «اللاهب».وعلى وقع رفع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب العماد ميشال عون «سيف» الشارع بوجه مَن سماهم «سيف داعش» السياسي في لبنان و«الإمارة الحريرية»، فان المشهد في بيروت بدا مشدوداً الى التداعيات المحتملة لارتفاع منسوب الاحتقان الذي اتخذ طابعاً طائفياً بعدما وضع عون معركة «الحياة او الموت» التي يخوضها تحت عنوان «استعادة حقوق المسيحيين»، فيما اختار رئيس الوزراء تمام سلام خط «دفاع هجومي» عنوانه رفض المسّ بصلاحيات رئاسة الحكومة ومنْع شلّ عمل مجلس الوزراء.ورغم ان العماد عون يبدو «وحيداً» في المواجهة التي أطلقها والتي شكّل شرارتها عدم وجود توافق على تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش قبل نحو شهرين من انتهاء خدمة العماد جان قهوجي، فان اوساطاً سياسية مطلعة تتخوّف من ان اعتماد رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» نهج «حرق المراكب» على قاعدة «النصر» او «الشهادة» سياسياً، يمكن ان يشكّل «كرة ثلج» تستدرج أكثر من «لغم» او «قنبلة موقوتة» قد تستفيد منها أطراف عدة كلٌّ لأهدافها.وبحسب هذه الأوساط، فان رسم عون معادلة إما «الشراكة الحقيقية او الفيديرالية» معطوفاً على تصعيد القصف السياسي على تيار «المستقبل» الى حدّ مساواة وسائل إعلامه وقادة في تياره ما وصفوه بـ «الامارات الحريرية» مع «داعش»، يعني في جانبٍ منه ان رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» اقتنع بأنه فقدَ كلّ حظوظه في الوصول الى رئاسة الجمهورية واندفع في سياسة «هروب الى الامام» يمكن ان تنقل البلاد الى منحى يهدّد نظامه، وقد يصبّ في هذا التوقيت الحساس اقليمياً وفي ظل موازين القوى الداخلية في مصلحة مشاريع اقليمية مرسومة للبنان وأبرزها «المؤتمر التأسيسي» الذي سبق ان طرحه «حزب الله»، بما يعني فتح الباب امام مثالثة سنية - شيعية - مسيحية تضرب صيغة المناصفة المسيحية - الاسلامية الحالية.وفي حين يتصدّر رئيس البرلمان نبيه بري من فريق 8 آذار واجهة الفريق المواجِه لعون سواء في الحكومة جنباً الى جنب مع تحالف سلام - «المستقبل» - النائب وليد جنبلاط - الكتائب - المستقلين الداعي الى تسيير عمل الحكومة بالحدّ الأدنى منعاً لبلوغ أزمة نظام، او لجهة اعتبار بري منطق الشارع «مغامرة»، فان أوساطاً سياسية ترى ان موقف «حزب الله» الذي لا يبدو متحمساً لأي تطيير للحكومة في غمرة انهماكه بمعاركه في سورية، وآخرها الزبداني المستعرة منذ ايام، ربما لا يمانع ان يدفع عون الوضع الى نوع من «الفوضى المضبوطة» التي تسرّع جعل لبنان على طاولة اي مساومات اقليمية - دولية وخصوصاً مع مظاهر نضوج الاتفاق النووي مع ايران.وتتجه الانظار في هذا الوقت الى جلسة الخميس التي يعقدها مجلس الوزراء بدعوة من سلام، وسط سباق محموم بين مساريْن: الاول تأكيد اوساط رئيس الحكومة انه لا يقبل بأن يتدخّل أحد في صلاحياته بتحديد جدول اعمال الجلسات ولا بتعطيل آخر مؤسسة عامِلة في البلاد معتبراً ان المقارنة التي أجراها عون «بين فريق لبناني وطني وتنظيم إرهابي لا تدل الا على ان الرجل يتصرف بعصبية، وقد باتت مواقفه، المرتبطة بحسابات شخصية ذات علاقة بترشحه للرئاسة وترشيح صهره لقيادة الجيش، مصدر قلق وخطر على صيغة التعايش»، في ظلّ توجه شبه محسوم لتكرار تجربة الاسبوع الماضي اي الخروج بجلسة منتجة بالحد الأدنى بمعنى تمرير بند او أكثر من التي تحمل طابعاً حياتياً ملحاً.والمسار الثاني هو مواصلة العماد عون عملية الحشد الشعبي التي وضع لها شعارها السياسي تمهيداً لتحديد «ساعة الصفر» لانطلاق تحركات في مناطق عدة لم يكشف عن طبيعتها وإن كانت تقارير تحدثت عن انها ستكون «نوعية ومفاجئة للجميع».وأبلغت مصادر في «التيار الوطني الحر» (يقوده العماد عون) لـ «الراي» ان عملية التعبئة مستمرة والتحضيرات اللوجستية لمنسقي الأقضية ومسؤولي المناطق تتواصل، موضحة ان الضوء الأخضر للتحركات مرتبط بمسار جلسة مجلس الوزراء الخميس و«اذا كان سيتكرر منطق الاستئثار وضرب الميثاقية عبر تجاهُل المكوّن المسيحي وعدم احترام الآلية المتفَق عليها لعمل الحكومة في ظل الشغور في رئاسة الجمهورية»، موضحة «ان لا حلول في الأفق ونحن مستمرون في تحركنا حتى النهاية ولن نتراجع والخميس لناظره قريب، فإما ننجح بوقف سياسة إدارة الظهر لنا ولحقوق المسيحيين عبر العودة الى آلية التوافق التي كانت معتمَدة وإما ينجحون في تكريس منطق الغلبة فيدفعوننا الى»أبغض الحلال».
خارجيات
مصادر في «التيار الحر» لـ «الراي»: ماضون بمعركتنا حتى النهاية والخميس لناظره قريب
عون يرفع مستوى التحدّي في الشارع... وسلام لن يستسلم
01:50 م