بدا ان لبنان دخل امس مرحلة أشدّ تعقيداً من التأزم السياسي في ضوء ما أفضت اليه الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء بعد انقطاع لثلاثة أسابيع والتي تزامنت ايضاً مع عودة المخاوف من الاحتقانات ذات الطابع المذهبي بسبب الصدام المسلح الذي حصل ليل الثلاثاء - الأربعاء في بلدة السعديات على ساحل الشوف بين أنصار تيار «المستقبل» و»سرايا المقاومة «التابعة لحزب الله.واتخذت الاجواء التي رافقت مجريات جلسة مجلس الوزراء طابعاً مشدوداً ومتوتراً في ظل ارتسام واقعٍ مختلف عن سائر الحقبات السابقة بدا في ظله فريق العماد ميشال عون للمرة الاولى في مواجهة اكثرية متعددة الاتجاهات لم تقتصر على قوى 14 آذار والوزراء المستقلين، وحدهم بل ايضا مع وزراء تكتل رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب وليد جنبلاط .وبدا المشهد السياسي مفتوحاً على المزيد من السلبية في ظل ما أفرزته الجلسة الحكومية التي شهدت سجالات حادة نقلت الأزمة من اصرار عون على مطلبه بتعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش تحت طائلة منع مجلس الوزراء من مناقشة اي بند آخر، الى الصراع حول آلية العمل التي اعتُمدت بعد نشوء الأزمة الرئاسية والتي قامت على اتخاذ القرارات بالإجماع باعتبار ان مجلس الوزراء يحمل صفة الحلول مكان رئيس الجمهورية بالوكالة.ففي الجلسة التي رفعها سلام غاضباً، أتيح المجال امام مناقشة اسباب الأزمة الحكومية انطلاقاً من ملف التعيينات الامنية التي أصر وزير الدفاع سمير مقبل على ان لا شيء جديداً في هذا الشأن وان تعيين قائد للجيش لا يستحق قبل سبتمبر «وعندما نصل اليها نصلي عليها». وبعدها حاول رئيس الحكومة الانتقال الى جدول الاعمال ولا سيما بند دعم الصادرات اللبنانية الى الدول العربية، وعندها انفجر النقاش اذ رفض وزراء عون و»حزب الله» و»الطاشناق» بحث اي بند قبل بت التعيينات مؤكدين عدم جواز القفز فوق الآلية التوافقية واللجوء الى التصويت، فيما تمسك فريق عون بأحقية الاعتراض على جدول الاعمال ورفضه كله انطلاقاً من الصلاحيات المنوطة برئيس الجمهورية في هذا الإطار، وهو ما أثار غضب سلام الذي اعلن رفضه «سابقة» توجيه وزير التربية الياس بو صعب كتاب اعتراض على الجدول، معلناً انه لم يسجل في تاريخ لبنان ان اعترض رئيس جمهورية على كل جدول الاعمال، ومؤكداً التمسك بصلاحيات رئيس الحكومة في وضع الجدول وإطلاع رئيس الجمهورية عليه «وهذه صلاحية لا أقبل ان يتدخل بها أحد».وبعد هذا النقاش، أصر سلام على طرح قضية دعم الصادرات الزراعية والصناعية، وإزاء تمسك عون وحلفائه بالرفض، غادر رئيس الحكومة قائلاً للمعترضين: سجّلوا اعتراضكم ولن أقبل بسياسة التعطيل، فاعتُبر القرار وكأنه صدر.وإزاء مسار الجلسة، عقد تكتل عون اجتماعاً استثنائياً بعد الظهر رفع فيه سقف الاعتراض، ولا سيما بعدما اعتُبر انقطاع البث خلال إدلاء بو صعب بتصريح امام الصحافيين في السرايا الحكومية بعد الجلسة «قمعاً لم نشهده في عهد رستم غزالة» كما قال وزير التربية. رغم ان اكتفاء سلام ببحث ملف دعم الصادرات وعدم الذهاب بعيداً في استفزاز عون وُضع في سياق عدم الرغبة في حرق المراكب بين مكونات الحكومة.والأكثر اثارة للانتباه في مجريات جلسة امس كان عدم تمرير خطوة فتح دورة استثنائية لمجلس النواب التي كان دفع باتجاهها بري ورئيس الحكومة مدعومين من تيار المستقبل والنائب جنبلاط،. ذلك انه بعد توزيع مرسوم هذه الدورة داخل الجلسة لم يحصل على تواقيع النصف زائد واحد نتيجة عزوف الكتل المسيحية كلها عن التوقيع باستثناء الوزير نبيل دو فريج (من كتلة المستقبل).وترافق هذا التوتر مع أصداء حادث السعديات، الذي أرخى ظلالا كثيفة من الحذر المشوب بالقلق جراء الطابع المذهبي الذي رافق الاشتباك المسلح بين عرب السعديات السنّة وأنصار «حزب الله»، وهو الامر الذي أعاد الى الضوء اهمية الحوار الجاري بين «المستقبل «والحزب والذي انعقدت جولته الرابعة عشرة مساء امس في مقر بري الذي أقام إفطاراً لاعضاء الفريقين المتحاورين بحضوره.وزاد في اجواء التشنّج في لبنان ان أهالي المخطوفين العسكريين لدى تنظيميْ «جبهة النصرة» و «داعش» عمدوا منذ ساعات الصباح الى استباق انعقاد مجلس الوزراء بقطع طريقين اساسيين يشكلان شريانين حيويين لحركة السير عند بلدة الدامور الساحلية مما تسبب بقطع اوتوستراد الجنوب - بيروت وفي منطقة الصيفي في وسط بيروت مما شل الحركة في قلب العاصمة، وذلك احتجاجاً على تباطؤ عملية التفاوض لإطلاق المخطوفين بل وجمود المفاوضات منذ فترة.
خارجيات
أحداث «السعديات» طغت على إفطار «المستقبل» - «حزب الله» بحضور بري
لبنان دخل مرحلة أشدّ تأزماً بعد جلسة «التوتر والغضب» لحكومة سلام
03:35 م