ارتأى الكاتب والمفكر السوري المعارض لؤي صافي، أن آفاق الحل السياسي ما زالت غائبة مع إصرار حلفاء الأسد على بقائه في السلطة، وإصرار المعارضة على أن لا حل سياسياً ممكناً مع بقاء الأسد وقيادته الأمنية المسؤولة عن قتل السوريين وتدمير البلاد وتكريس الاستبداد، مشدداً على أن حوارات موسكو والقاهرة لم تأتِ بجديد، بل وُظفت من قبل هيئة التنسيق والقوى المتحالفة معها لتقديم حلول سياسية فات أوانها.وشدد صافي على أن هناك خطاباً طائفياً وُلد مع تصاعُد العنف واستهداف قوى الجيش والأمن العسكرية التي تتحكم فيها الطائفة العلوية للمدن والقرى السنية.«الراي» التقت لؤي صافي في حوار موسع حول أزمة سورية الحالية وآفاق الحلّ ووضْع المعارضة وما يُحكى عن مخطط تقسيم سورية وحول وضْع الأقليات ومصير الرئيس السوري بشار الأسد وغيرها من الامور التي تشغل العالمين العربي والدولي في ظل شيوع الحركات المتطرفة ومصالح وحسابات الداخل والخارج، وفي ما يلي تفاصيل الحوار:? هل ترون في الأفق القريب ما يؤشر لإمكانية حل في الأزمة السورية؟- دخلت الأزمة مرحلة جديدة خلال الشهر الماضي، نتيجة تقدم المعارضة العسكرية في الشمال والجنوب، وانهيار قوات النظام الكامل في محافظتيْ إدلب ودرعا. الإنهاك يبدو اليوم واضحاً داخل قوات النظام، والتراجع في معنويات مقاتليه كبير. تَقدُّم «داعش» (الدولة الإسلامية في العراق والشام) في شرق سورية وسيطرتها على مدينة تدمر وريف حمص الشرقي أعطى مؤشراً إضافياً إلى عجز النظام عن تَملُّك الأرض، رغم الدعم الكبير بالمقاتلين والعتاد الآتي من إيران والجماعات الطائفية التابعة لها في العراق ولبنان.آفاق الحل السياسي ما زالت غائبة مع إصرار حلفاء الأسد على بقائه في السلطة، وإصرار المعارضة على أن لا حل سياسياً ممكناً مع بقاء الأسد وقيادته الأمنية المسؤولة عن قتل السوريين وتدمير البلاد وتكريس الاستبداد. خسائر النظام الفادحة قد تقنع داعمي الأسد بالضغط في اتجاه إبعاده عن السلطة والبحث عن حل سياسي يحافظ على المصالح الإيرانية والروسية في سورية، ولكن هذا لن يكون سهلاً لأن انهيار النظام بصورة كاملة مع خروج الأسد وأسرته من الساحة السياسية هو الاحتمال الأرجح.تنحي الأسد أو انهيار نظامه لن يؤدي بطبيعة الحال إلى نهاية الصراع في سورية، بل ستجد القوى الوطنية نفسها وجهاً لوجه مع «داعش» الذي سيعمل على تصعيد المواجهات مع القوى المقاتلة الوطنية. ورغم ذلك، فإن انهيار النظام سيشكل خطوة كبيرة وحاسمة في إنهاء المعاناة المستمرة في سورية منذ أكثر من أربع سنوات.? ما مصير رأس النظام؟ ولا سيما ان بعض المعارضة يحاور هنا وهناك في القاهرة وفي موسكو وفي تركيا وكأننا امام معارضات لا تلتقي على وجهة واحدة مما يؤخر في عملية إنهاء النظام؟- حوارات موسكو والقاهرة لم تأتِ بجديد، بل وُظفت من قبل هيئة التنسيق والقوى المتحالفة معها لتقديم حلول سياسية فات أوانها، وبالتحديد إعادة طرح صيغة معدَّلة من بيان جنيف تتجاهل كل التطورات السياسية والميدانية منذ مفاوضات جنيف التي أظهرت رفض النظام للحل السياسي، واستمراره في التصعيد العسكري باستهداف المراكز السكانية للغالبية السنية الرافضة لسياساته، وسعيه إلى توظيف المعارضة في حربه ضد الثورة تحت شعار محاربة الإرهاب. المعارضة تبدو مفككة نتيجة إصرار الدول الداعمة على تمثيل كل طيف سياسي وديني وطائفي في مؤسسات المعارضة. وهذا طبعاً أدى إلى ترهل مؤسسات المعارضة، ودفْع القوى الممثَّلة فيها إلى التنافس المحموم على قيادة الثورة.? ماذا أنتجت هذه الحوارات حتى الآن ولا سيما حوار القاهرة الأخير؟- الحوارات المحورية التي وضعت الأوراق الأساسية جرت في إسطنبول منتصف العام 2011 وأدت لإعلان المجلس الوطني السوري، ثم في اجتماع المعارضة الموسع في إسطنبول في منتصف 2012 الذي وُلدت منه وثيقتا العهد الوطني والخطة الانتقالية، ثم في خريف العام نفسه في القاهرة حين أعيدت صياغة الوثيقتان المذكورتان وتم تقديمها تحت عنوان وثيقتي القاهرة.حوار القاهرة الذي عُقد أخيرا أعاد إنتاج وثيقة الخطة الانتقالية تحت عنوان خريطة الطريق، ودعا إلى التفاوض من جديد مع نظام الأسد لتشكيل هيئة حكم انتقالي، متجاهلاً فشل جهود الائتلاف الوطني السوري للوصول إلى الصيغة نفسها في مطلع العام 2014 نتيجة تعنت النظام، كما تجاهل التطورات الميدانية ودور القوى الثورية على الأرض.? يوجد مَن هو في معارضة الداخل، والبعض يسمي نفسه معارضة معتدلة، وينتقد هنا وهناك؟ مَن يقود هذه المعارضة وما علاقتها بالائتلاف ولماذا نجد شعارات دينية تغلب على تسميات الفصائل المسلحة أو الناطقين باسمها وأن كانوا بعيدين عن «النصرة» و«داعش»؟- معارضة الداخل ممثلة بالحزب الاشتراكي الناصري الذي يقوده حسن عبد العظيم، وتيار بناء الدولة الذي يقوده لؤي حسين، وحزب الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير التي يقودها قدري جميل، والحزب القومي السوري الذي يقوده علي حيدر. سعت هذه الأحزاب إلى إصلاحات شكلية تسمح لها بالمشاركة في الحكم من دون تنحية بشار الأسد ومساعديه. بل شارك قدري جميل وعلي حيدر في حكومة النظام بحقائب وزارية رسمية خلال العامين الماضييْن، وأثناء حرب النظام على الشعب السوري. هذه الأحزاب المعارضة التي أطلق عليها النظام وحلفاؤه صفة الاعتدال كانت خلال الأعوام الأربعة الماضية أقرب في طروحاتها إلى النظام، ولذلك أتت حلولها جزئية لا تتعامل مع أصل المشكلة، والمتمثلة بالسياسات الطائفية والاستبداد العسكري والعنف الأمني.أما تسمية الكتائب بأسماء إسلامية فيتعلق بالطبيعة المحافظة للغالبية في سورية، وسعي الثائرين على نظام طائفي إلى تأكيد الهوية الإسلامية التي عمل نظام البعث في سورية على طمسها ومحاربتها بشتى الطرق. المبالغة في إظهار الهوية الدينية ناجم عن تطرف النظام في محاربة هذه الهوية، وهو ناجم أيضاً عن مظاهر عبادة الزعامة السياسية التي أدخلتها القيادات العسكرية والأمنية ذات الطبيعة الطائفية لتكريس سلطة الأسد ورفعه فوق النقد السياسي.? أليس خطاب المعارضة السورية في الداخل طائفياً ومؤثراً على الشارع السوري الشعبي أكثر من خطاب المعارضة في الخارج ومنها خطاب الائتلاف؟- هناك خطاب طائفي وُلد مع تصاعُد العنف واستهداف قوى الجيش والأمن العسكرية التي تتحكم فيها الطائفة العلوية للمدن والقرى السنية. وتَزايدت نقمة الغالبية السنية على السياسات الطائفية للنظام واستعانته بقوى طائفية شيعية أُحضرت للدفاع عن نظام استباح شعبه بحجة الدفاع عن المراقد الدينية. الشعب السوري من أقلّ الشعوب نزوعاً للطائفية، وحرصه على الحفاظ على التنوع الديني والطائفي وحمايته للأقليات عبر تاريخ طويل يشهد له بالانفتاح على التعدد الديني. الغالبية السنية كانت عبر التاريخ حاضنة للأقليات، واستمر التعايش بينها وبين الأقليات المسيحية والدرزية والعلوية منذ دخول الإسلام إلى أرض الشام. بل إن التواجد اليهودي استمر في مدينة دمشق لآلاف السنين ولم يغادر اليهود السوريون دمشق إلا بعد هيمنة حزب البعث على مؤسسات الدولة واستيلاء حافظ الأسد على الحكم.? لماذا لم تنتقل الحكومة الموقتة إلى الداخل السوري حتى الآن رغم تحرير بعض المناطق؟ــ الحكومة الموقتة أعلنت عن رغبتها في الانتقال إلى الداخل السوري منذ بداية العام الماضي، ولكن توجد عقبات تتعلق بالموقف العدائي لقوى عسكرية منتشرة في المناطق المحررة، ولا سيما «داعش» و«النصرة»، ونجاح هذه القوى خلال العامين الماضيين بخطف ناشطين محسوبين على الائتلاف ومهاجمة مراكز مرتبطة بالائتلاف والحكومة. لكن الحكومة تمكنت أخيراً من تأسيس مكاتب محلية تابعة لوزاراتها العاملة، ولا سيما وزارات التعليم والصحة والإدارة المحلية، وهي تقدم خدمات للمناطق المحررة.طبعاً الوضع الحالي غير كافٍ وغير مقبول، والمطلوب من الائتلاف وقيادته العمل على إيجاد آليات للتواصل مع القوى العاملة على الأرض، وتطوير بنية إدارية وسياسية تسهّل انتقالاً أكبر لمكاتب الحكومة الموقتة للداخل.? ما امكانية النجاح في تشكيل جيش سوري موحد في ظل انتشار فصائل مقاتلة بمسميات عدة تمسك بالشارع السوري وبالأمن؟- جرت مساعٍ عديدة لإنشاء جيش وطني ولكنها اصطدمت في الماضي باعتراضات من بعض الدول المؤثرة في الحالة السورية. التفاهم التركي - الأميركي في مطلع العام الحالي حول تدريب وتسليح قوات المعارضة العسكرية اصطدم بعائق إصرار الولايات المتحدة على أولوية الصراع مع «داعش»، وإصرار المعارضة على مواجهة النظام و«داعش» معاً في آن. وهناك مساعٍ تجري حالياً لتوحيد القوى العسكرية ذات الانتماء الوطني عبر غرف عمليات مشتركة، وهو ما أدى أخيراً إلى تشكيل جيش الفتح في الشمال وغرفة العمليات المشتركة في الجنوب، الأمر الذي ساهم في الانتصارات التي حققتها المعارضة المسلحة في الفترة الأخيرة.? هل تقرأ في الموقفين الدولي والعربي إمكانية للخروج من عنق الزجاجة بالنسبة إلى المعارضة السورية؟- التناقضات في المواقف الدولية والإقليمية لعبت دوراً رئيسياً في إطالة الصراع العسكري في سورية، كما ولدت تناقضات داخل صفوف المعارضة السورية. التقارب الأخير بين مواقف تركيا وعدد من دول مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما السعودية وقطر، ساهم في الضغط باتجاه تقديم دعم عسكري أكبر لمقاتلي المعارضة، وخفف من حدة التناقضات داخل صفوفها.توالي هزائم النظام العسكري سيولد بالتأكيد حراكاً سياسياً مختلفاً، وسيمهد الطريق نحو اتخاذ الخطوات الحاسمة للبحث عن مخارج تنهي الصراع الدموي في البلاد.? ما المطلوب لتحقيق هذه الأهداف ولا سيما لجهة مستقبل سورية من دون الأسد؟- المطلوب هو دفع القوى الداعمة للنظام، وبالتحديد روسيا وإيران، إلى القبول بعملية انتقالية تخرج بشار الأسد ومساعديه كلياً من العملية السياسية، وتسمح بتشكيل هيئة انتقالية تمثل السوريين وتقود الخطوات السياسية لاختيار مجلس تأسيسي منتخب يعمل على وضع دستور جديد للبلاد، وتكليف حكومة انتقالية تعمل على تحقيق العدالة الانتقالية، والإعداد لانتخابات شعبية لإعادة البلاد إلى الحياة الديموقراطية التي سلبها حزب البعث منذ توليه السلطة العام 1963.? هناك ملاحظات على أداء رئيس الائتلاف خالد خوجة فهل الائتلاف ورئيسه قادران على قيادة المرحلة في ظل تجييش المعارضة الداخلية؟- الائتلاف يعاني خللاً في بنيته التنظيمية بسبب نظامه الأساسي الذي يكرّس حالة الاستقطاب السياسي داخله، وبسبب حداثة تجربة الناشطين السوريين بالعمل السياسي والإداري، وأخيراً بسبب تسلط بعض مراكز القوى التي تعمل كوسيط لإيصال الدعم المالي، وتوظفه للتأثير في القرار.إزاحة علم الثورة كان خطأ كبيراً. ورئيس الائتلاف اعتذر للسوريين عن هذا الخطأ. عدم مشاركة رئيس الائتلاف في مؤتمر القاهرة كان نتيجة عدم توجيه دعوة رسمية من وزارة الخارجية المصرية الراعية للمؤتمر، ونتيجة قرار الهيئة العامة للائتلاف بعدم المشاركة، والذي نتج بدوره عن انتقائية في منْح تأشيرات دخول للمعارضين السوريين.? هل ستؤثر نتائج الانتخابات التركية على المعارضة ولا سيما أن خصوم أردوغان أعلنوا أنهم إذا شاركوا في الحكومة سيفتحون حواراً مع الأسد؟ــ لن تؤثر نتائج الانتخابات على موقف الحكومة التركية من الصراع داخل سورية، ولا على نشاطات المعارضة، ولكنها قد تحدّ من قدرة الحكومة التركية على تقديم تسهيلات للسوريين المقيمين في تركيا أو من قدرتها على استقبال أعداد إضافية من اللاجئين.تراجُع عدد نواب حزب «العدالة والتنمية» واضطراره لتشكيل حكومة انتقالية لن يؤثرا في تقديري على السياسة الخارجية التركية. فالحزب سيصر على الاحتفاظ بحقيبة الخارجية في الحكومة المقبلة، كما سيسعى إلى الاحتفاظ بالعدد الأكبر من الحقائب السيادية، كحقيبة الدفاع والداخلية والمالية. تَقدُّم الحزب الكبير في نسبة ناخبيه على الآخرين يعطيه القدرة على المساومة على هذه الحقائب السيادية، ولا سيما أنه قادر على تشكيل حكومة أقلية لقيادة البلاد على المدى القصير والدعوة إلى انتخابات مبكرة خلال سنة أو سنتين.كذلك فإن قدرة الحكومة التركية التي سيترأسها حزب «العدالة والتنمية» على التعاون مع رئيس الجمهورية سيقلل من قدرة الأحزاب الأخرى على التأثير في السياسة الخارجية والأمنية. فرئيس الجمهورية يتمتع بصلاحيات تشريعية وتنفيذية مهمة، ولا سيما في ما يتعلق بالقضايا الأمنية وملء مناصب حساسة في أجهزة الدولة.? كيف تنظر إلى التدخل الإيراني ودوره في سورية وكيفية التخلص من «داعش» وأخواته في الداخل، كيف يمكن التصدي لمشاريع المتطرفين في سورية وهل التقسيم وارد فعلياً أم هو مجرد تهويل؟- التقسيم وارد من الناحية النظرية، وهو وارد ضمن نقاشات دوائر تطوير السياسات في عواصم غربية، ولكنه صعب التحقيق عملياً بسبب التداخل السكاني، وعدم امتلاك النظام القدرة العسكرية على فرض هذا التقسيم. سعي النظام لإثارة النعرات الطائفية والقومية والدينية يتوقف على قدرة المعارضة على التعاطي مع هذه المحاولات بذكاء وفعالية وعدم استجابتها للاستفزازات الطائفية المتكررة من النظام.لعل «داعش» هو أفضل سلاح يمكن أن يستخدمه النظام أو دعاة التقسيم الطائفي، بسبب عنف التنظيم وسعيه لفرض رؤيته العقدية على الشعب السوري. المطلوب طبعاً استمرار قوى الثورة والمعارضة في رفض خط «داعش»، وتأكيد وحدة الشعب والأرض، والالتزام بمبادئ الثورة في إقامة دولة المواطنة والقانون.انتصار المعارضة الوطنية على النظام سيشكل الخطوة الحاسمة في إنهاء التطرف في البلاد. يجب ألا ننسى أن التطرف في سورية صنيعة الأوضاع الاستثنائية التي تمر فيها البلاد والعنف الوحشي والمفرط الذي اعتمده النظام للتعامل مع المعارضين لحكم الأسد. وغياب الدعم الدولي والإقليمي الواضح دفع كثيرين للانضمام إلى صفوف حركات متشددة أظهرت قدرات قتالية عالية في مواجهة النظام، كما تتمتع بتمويل وتنظيم كبيرين. ولعل عبد الباسط ساروت، حارس مرمى نادي الكرامة قبل الثورة، والذي بدأ رحلته في مقاومة استبداد النظام بالتظاهر السلمي وإلقاء الأناشيد الحماسية خلال التظاهرات، هو مثال معبّر عن أثر همجية النظام في التحاق الشباب السوري ببعض الجماعات المتشددة. فبعد حصار دام لسنتين في حمص القديمة، قام النظام خلالها بقتل أشقائه وأقربائه وأهل مدينته عبر القصف الوحشي والقنص والحصار القاتل، حمل الساروت السلاح. ثم مع تخلي العالم عن حمص وترْكها فريسة سهلة للنظام والجماعات الطائفية التي استقدمها من العراق ولبنان، انضم إلى وحدات سبق أن أعلنت ولاءها لداعش وذلك للحصول على السلاح ومتابعة القتال دفاعاً عن أرضه وشعبه وكرامته.لم يكن الساروت متطرفاً قبل الثورة وفي بداياتها، ولكن استمرار الحصار وغياب الحماية الدولية والإقليمية له ولأهله دفعه نحو التطرف. هذه حقيقة معروفة لكل من درس الحركات السياسية والثورية. انتشار العنف والظلم والإهمال والفساد في كل دول العالم يدفع الشباب لاتخاذ مواقف متطرفة.?ماذا عن مصير الأقليات في ظل ما يُرتكب من مجازر بحقها لا سيما ما جرى أخيراً في أدلب بحق نحو 40 درزياً قتلوا على يد «النصرة»؟ وما مصير الدروز بعد التقدم في حوران وانتصارات الجبهة الشمالية؟ وإلى ماذا تؤشر هذه الواقعة؟- المجزرة التي قامت بها مجموعة من جبهة النصرة في قرية لوزة الدرزية في محافظة إدلب جريمة بشعة، والمجموعة التي نفذت الجريمة بقيادة المدعو عبد الله التونسي مطلوبة اليوم من «جيش الفتح» بعدما توارت عن الأنظار. هؤلاء يجب ان يُعاقبوا على جريمتهم في حق المدنيين العزل.هناك جهود حثيثة للحيلولة دون قيام نزاعات طائفية وقطع الطريق على المكر الأسدي، الذي يسعى منذ بداية الثورة إلى تأجيج الصراع الطائفي، ويكرس أجواء التطرف داخل البلاد. الأمر لن يكون سهلاً ولا سيما أن إسراف النظام في القتل وتوظيف التنوع الديني والطائفي في معركته يؤجج العداوات والأحقاد. ولكن الغالبية داخل قوى المعارضة أظهرت القدرة على ضبط النفس وعدم مواجهة العدوان على المدنيين بعدوان مماثل. وأيّ مقارنة بين استهداف النظام للمدنيين وسقوط مدنيين على أيدي قوى محسوبة على المعارضة تُظهِر أن استهداف مدنيين جرى في حالات محدودة من وحدات غير منضبطة بين القوى الثورية، وقامت المعارضة بإدانته ورفضه، في حين أن استهداف المدنيين عدوان ممنهج من النظام وبمباركة منه. بشار الأسد في حديثه إلى مشايخ دمشق العام الماضي وصف الحاضنة التي تأوي الثوار ضد نظامه بالإرهابيين، وادعى ببجاحة ومن دون خجل بأن ملايين السوريين هم إرهابيون. لذلك نرى جنوده وطياريه لا يفرّقون بين مقاتل ومدني، بل يستهدفون المدنيين للانتقام لجنود النظام الذي يقعون في المعارك العسكرية.? هل صحيح ما يشاع إعلامياً عن صفقة لنفي الأسد إلى موسكو؟ ولماذا تبدو المعارضة غير موحدة من موضوع مصير الرئيس السوري؟ وما حقيقة المواقف العربية والدولية وتأثيرها على المعارضات ومواقفها في الداخل والخارج من هذا الموضوع؟- هذه إشاعة تداولتها وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الصحف، ولكن لم يؤكدها أي مصدر رسمي. هناك إجماع لدى المعارضة السورية بمختلف مشاربها على أن الأسد لن يكون جزءاً من سورية المستقبل. القوى العاملة على الأرض والائتلاف الوطني يصرون على إسقاطه أو تنحيته قبل الشروع بالعملية الانتقالية. من الناحية العملية يبدو واضحاً بعد اربع سنوات ونيف على انطلاقة الثورة السورية أن الأسد سيعمل كل ما يستطيع، وبالمكر والخداع الذي مارسه على مدار الأعوام الماضية، للبقاء في الحكم وإفشال أي جهد يهدف إلى إنهاء حكم الفرد والبدء بالتحول الديموقراطي. لذلك فإن إسقاطه أو تنحيته هو الخيار الوحيد للخلاص من حكم الفرد الذي جلب الكوارث للبلاد. الدول الإقليمية تؤثر في الواقع السوري لأن الثورة تحتاج إلى الدعم للتعويض عن الشلل الاقتصادي الكامل في البلاد بسبب القتال المستمر والدمار الكبير. ونجاح الثوار في الحصول على غنائم عسكرية من قوات النظام خفف كثيراً الحاجة إلى السلاح والذخيرة. بالتأكيد تَوافُق الدول وتَعاوُنها يصبّ في مصلحة الثورة، وتَنازُعها ينعكس على قدرة الكتائب على العمل المشترك. الدول الغربية مترددة في مساعدة الثوار عسكرياً، ولكن دول الخليج وتركيا أظهرت استعداداً متزايداً لدعم الثورة لإنهاء الصراع، ولاسيما بعد اتساع دائرته وبروز خطر تنظيم «داعش». الكتائب المقاتلة السورية أثبتت جدارتها وقدرتها على دحر هذا التنظيم، كما فعلت في محافظة إدلب وحلب ودرعا وريف دمشق، بالتوازي مع مواجهة قوات النظام.
متفرقات
أوضح أن «جيش الفتح» يلاحق مرتكبي جريمة «قلب لوزة» منتقداً التنافس المحموم على قيادة الثورة
لؤي صافي لـ «الراي»: المطلوب دفع روسيا وإيران إلى القبول بإخراج الأسد من العملية السياسية
03:34 م