... من خلف ظهر «الحرب السياسية» بين طرفيْ الصراع (8 و 14 آذار) انعقدت مساء امس جلسة جديدة من الحوار الاضطراري بين «رأسي حربة» المعسكريْن، اي «تيار المستقبل» و«حزب الله» في منزل رئيس البرلمان نبيه بري وبرعايته، وحضرت على الطاولة وتحتها كل القنابل الموقوتة، من الأزمة الحكومية المستجدة الى الفراغ المتمادي في رئاسة الجمهورية، ومن انتكاسة الخطة الامنية في البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت الى تداعيات العمليات العسكرية لـ«حزب الله» في القلمون السورية وجرود عرسال اللبنانية.وبدت جلسة الحوار وكأنها «خارج النص»، فهذه الاستراحة من الكلام المباح بين الطرفين شكّلت «جوْجلة عامة» للملفات السياسية والأمنية، بالبيانات ومكبّرات الصوت، الامر الذي يجعل هذا الحوار بمواعيده المتباعدة مدار اختبار دائم وشكوك، رغم حرص الجانبين على الحفاظ على ديمومته واستمراره وعدم المجازفة باسقاطه.وحضرت بقوة امس في جلسة الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» الازمة الحكومية التي دخلت اسبوعها الثاني، والناجمة عن اشتراط «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون، مدعوماً من الحزب عدم مناقشة اي بند على جدول اعمال مجلس الوزراء قبل حسم عملية تعيين العميد شامل روكز، صهر عون، قائداً جديداً للجيش خلفاً للعماد جان قهوجي الذي تنتهي خدمته في سبتمبر المقبل، وهو الامر الذي دفع رئيس الحكومة تمام سلام الى تعليق عمل المجلس لاسبوعين متتاليين افساحاً امام مساعي احتواء تصعيد العماد عون ومنع المواجهة بين مكونات الحكومة.وعشية توجُّهه الى القاهرة غداً في زيارة رسمية يلتقي خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كثّف الرئيس سلام اتصالاته الداخلية في محاولة لتفادي خيار عقد جلسة وزارية منتجة «بمن حضر» او على قاعدة السير «قسرياً» بقرارات بالتصويت على عكس الآلية التي تم التوافق عليها بعد تولي الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية قبل أكثر من عام.ورغم تكرار الرئيس بري انه سيلعب دور «واقي الصدمات» بمعنى انه سيتولى تغطية انعقاد اي جلسة وزارية ينسحب منها او لا يحضرها وزراء عون و«حزب الله»، فان بلوغ هذا الحدّ لن تقتصر تداعياته على واقع الحكومة الذي وإن سار «بقوة الأمر الواقع» فانه سيكون امام «حقل ألغام» زرعها العماد عون خارجها ولا سيما في الشارع الذي صار بحكم «الجاهز» لتحركات لم يُكشف عن طبيعتها ومداها ولكن عون أوحى بأنها ستكون في كل لبنان، وهو ما سيعني نقل الأزمة الحكومية الى مستوى أكثر تعقيداً نتيجة دخول الشارع عليه.وفيما برز امس استقبال سلام كلاً من وزير «حزب الله» لشؤون مجلس النواب محمد فنيش ووزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) حيث شكّل الملف الوزاري محوراً رئيسياً في النقاش، بدا واضحاً ان رئيس الحكومة يريد تمديد فترة الاتصالات حتى الاسبوع المقبل على طريقة «اللهم أشهد اني بلغت» اي عدم الدعوة الى جلسة هذا الخميس، وسط قوة ضغط يشكّلها الأطراف الآخرون في الحكومة تحضّه على عدم الاستسلام لمنطق التعطيل واستخدام صلاحياته المنصوص عليها في الدستور سواء للدعوة الى جلسة او تحديد جدول الاعمال، مع تشديد على عدم منطقية بحث قضية تعيين قائد جديد للجيش قبل 3 أشهر من موعد انتهاء خدمة العماد قهوجي.