فيما كانت بعض البنوك الكويتية تفاوض شركات متعثرة على شروط تسوية مديونياتها، بما يتضمنه ذلك من إعفاءات وتخفيض لأصل الدين واستدخال أصول، فوجئت تلك البنوك بأن عملاءها يسعون للحصول على تمويلات «نظيفة» من بنوك أخرى لا تأخذ في الاعتبار وضعهم السيئ.وأشارت مصادر مصرفيّة إلى أن أحد البنوك اكتشف عبر الصدفة البحتة أن شركة مدرجة ظلت حتى الأمس القريب تتذلّل على بابه لتخفيض مديونيتها، فيما تلعب على حبل آخر مع أحد البنوك المنافسة للحصول على تمويل جديد، مستندة إلى تحسّن مركزها المالي نتيجة الإعفاء الذي حصلت عليه.ويثير الأمر غضباً لدى البوك الدائنة الأصليّة، لأن ما تسمّيه «اللعب على الحبال» يعني أنها تتحمّل وحدها وزر تعثّر الشركة المدينة، فيما يحصد بنك آخر ثمرة تعافيها، وكأن شيئاً لم يكن.وعلى الرغم من أن الحالات المكتشفة لا تزال على نطاق ضيق ولا تستدعي اي مخاوف حول متانة النظام المصرفي المحلي، لكنها قد تكون بداية لتوجه البنوك إجراء تدقيقات أوسع تشمل جميع محافظها التمويلية للشركات للتأكد من سلامتها، واتخاذ ما يلزم من اجراءات مالية وقانونية بحق العملاء المتعثرين الذين حاولوا تضليلهم.ولفتت المصادر إلى ان الشركات التي تحايلت على البنوك استغلت عدم وجود قاعدة بيانات مشتركة بين المصارف على غرار قاعدة «الساي نت» التي تظهر الحالة الائتمانية للافراد، وما اذا كان وضعهم يسمح بالحصول على تمويلات جديدة ام لا، مشيرة إلى ان البنوك تعتمد في التدقيق على المركز المالي للشركات التي تسعى للاقتراض على ميزانياتها، وهذا اعتبار قد لا يكون كافياً في بعض الحالات لإعطاء البنوك صورة كاملة عن حقيقة وضع العميل وعلاقاته.وبينت المصادر ان البنوك المحلية في وضع جيد للتصدي لأي مشاكل أكثر من أي وقت مضى وتحديدا من اندلاع الزمة المالية العالمية في 2008، لكن بعض الشركات المتعثرة لا تزال حية ترزق، وميزانيات بعضها لا يوضح حقيقة التعثر الذي يواجه المركز المالي للشركة، فحقوق ملكيتها تظهر في الميزانية على انها محترمة وتتجاوز قيمة ديونها، لكنها غير قابلة للتسييل، كما ان الميزانية لا تظهر ما اذا كان العميل منضبطاً في السداد اما لا. وهنا النافذة الخلفية التي يستطيع العميل المتعثر ان يهرب منها إلى بنوك اخرى.وفي هذا الخصوص لفتت المصادر إلى انه لكي تتفادى البنوك ازمة لعب بعض الشركات على حبلين مصرفيين في آن واحد، يتعين ان تتوافق البنوك والجهات الرقابية على آلية للتنسيق المركزي لمخاطر الشركات عبر اقرار شبكة معلوماتية توضح الحالة المالية الحقيقية لكل شركة مدينة، لاسيما تلك المتعثرة، وفي هذه الحالة يستطيع كل بنك تقدير مخاطر المركز المالي الحقيقي لكل شركة.ولفتت المصادر إلى ان الآلية الوحيدة التي تتبعها البنوك حاليا في استقصاء المعلومات عن عملائها من الشركات هي سؤال بنك الكويت المركزي عن الوضع المالي لشركة ما، بحكم ما لديه عن معلومات مجمعة من المصارف، لكن «المركزي» يرد دائما باجابات مختصرة عن إجمالي تسهيلات الشركة وتفصيلها ما اذا كانت نقدية أو عبارة عن كفالات.وبالطبع لا يمكن لـ«المركزي» تقديم اجابات إضافية عن حجم مخصصات العميل خصوصا في الحالات المتعثرة الكبرى وما اذا كان اقر تسويات سابقة اسقط فيها جزء من مديونته، بحكم التزامه بعدم افشاء سرية المعلومات، اما وجود مركزية لمخاطر العملاء من الشركات بين البنوك فيعني وجود هكيل معلن لقروض الشركات لجميع البنوك وهو العنصر المكمل لتقديرها المخاطر.ونوهت المصادر إلى ان مركزية المخاطر المستهدفة ليست جديدة على الاسواق وانها مطبقة بالفعل واظهرت نجاحا ملموسا في اسواق مثل مصر التي فعلتها، إذ حمت البنوك من الانكشاف على شركات متعثرة تسعى للحصول على تمويلات من جهات مختلفة في الوقت نفسه دون اظهار ذلك.اما عن المخاوف من ان تؤدي مركزية المخاطر إلى انتهاك سرية العملاء من الشركات، فأوضحت المصادر ان هذه الانظمة لا توفر المعلومات مباشرة ولا تجعلها واضحة بشكل عام، لكن البنوك تزود بها بحسب الحالة ووفقا لرقم سري لا يوضح اسماء الجهات الدائنة بل فقط يظهر الوضع الحقيقي لمركز العميل المالي.
اقتصاد
تفاوض لتسوية مديونياتها مع بنك... وتحصل على قرض من آخر
شركات متعثّرة «تلعب على الحبلين» مع المصارف
02:45 م