«حزب الله» أطلق عملية جرود عرسال... «لا شيء» يجري في هذه الجرود بل على تخومها... «حزب الله» يتقدّم في بقعة هو أساساً موجود فيها وتمتدّ من جرود يونين - نحلة لتصل الى سورية وذلك في إطار «معركة إعلامية» يخوضها لتعويض خسائر بشرية كبيرة مُني بها في هجمات شنّها مسلحون على مواقع متقدمة له عند السلسلة الشرقية لجبال لبنان المتاخمة لمنطقة القلمون السورية.هذه «التناقضات» تطبع المشهد عند الحدود الشرقية للبنان مع سورية التي تشهد منذ يوم الأربعاء تطورات عسكرية، يتم التعاطي معها، وبمعزل عن الجغرافيا الوعرة لهذه المنطقة التي تشكّل امتداداً لمعركة القلمون الغربي، على انها «رسالة سياسية» من «حزب الله» الى الحكومة اللبنانية التي يطالبها باتخاذ قرار بتكليف الجيش بـ «تحرير» عرسال وجرودها التي تمتدّ على مساحة نحو 400 كيلومتر من «الإرهابيين التكفيريين»، وهو ما ترفضه قوى 14 آذار محذرة من محاولات لجرّ المؤسسة العسكرية الى معركة مكلفة وفق «أجندة» حزب الله والنظام السوري اللذين يهدفان الى تأمين «خط التماس» اللبناني مع «الشريط العلوي» الذي قد يبقى «الملاذ الأخير» للنظام وحماية خط دمشق بيروت.وما عزّز الانطباع بان تحريك جبهة جرود عرسال «سياسي» في توقيته، انه جاء عشية جلسة مجلس الوزراء التي خرجت أمس بصيغة على طريقة «نصف تسوية»، واضعة بلدة عرسال في عهدة الجيش اللبناني وتاركة تقييم الواقع واي خطوات يمكن اتخاذها في الجرود لتقدير المؤسسة العسكرية، وذلك في بيان تحفّظ عنه وزراء العماد ميشال عون اذ اعلن وزير الخارجية جبران باسيل «اننا تحفظنا عن صيغة البيان اذ نريد قراراً والاسبوع المقبل سنرى اذا طُبق».وجاء في مقررات الجلسة الوزارية ان «مجلس الوزراء يؤكد ثقته الكاملة بالجيش وبقيادته، وتكليفه إجراء التقييم الأمثل للوضع الميداني واتخاذ القرارات والإجراءات المناسبة لمعالجة أي وضع داخل البلدة ومحيطها»، مؤكدة «ان لا قيود من اي نوع أمام الخطوات التي قد يتخذها الجيش لتحرير جرود عرسال وإبعاد خطر المسلحين الإرهابيين عنها»، ومشددة على ان «المجلس قرر تكليف الجيش اللبناني اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لإعادة سيطرته وانتشاره داخل بلدة عرسال وحمايتها من الإعتداءات والمخاطر التي تتهددها من المسلحين الإرهابيين وضبط الأمن فيها».واكتسب قرار تكليف الجيش اهميته لانه جاء بناء على معلومات افادت ان الجيش قصف تجمعات للارهابيين في جرود راس بعلبك في وقت احتدمت فيه المعركة بين حزب الله وهؤلاء المسلحين في جرود عرسال.وفيما كانت الحكومة تحاول «الالتفاف» على «لغم عرسال»، الذي ينذر انفجاره بتداعيات مذهبية خطيرة، كانت الوقائع على الأرض تسجل الآتي:* عرض قناة «المنار» الناطقة باسم «حزب الله» مشاهد خاصة عما قالت انه تقدم مقاتلي الحزب في جرود عرسال. وظهرت في الصور التي بثها الاعلام الحربي في الحزب المعارك التي اشار الى انها بدأت صباح امس وسيطر خلالها مقاتلوه على وادي ومعبر الدرب وعلى حاجز الرهوة التابع لـ «جبهة النصرة». كما ظهر بعض عناصر «حزب الله» وهم يعملون على انزال راية «النصرة» عن المعبر قبل ان يرفعوا علم «حزب الله»، فيما أشار المعلق على المشاهد الى ان مقاتلي الحزب «يقومون بتمشيط المنطقة من المسلحين الذين تقهقروا بفعل الضربات والخسائر الفادحة التي ادت الى اندحارهم عن التلال الاستراتيجية في الجرود».* اعلان «جبهة النصرة» عبر حساب مراسل القلمون على «تويتر» عن «إصابة مدفع 57 ملم تابع لحزب الله بصاروخ موجه نوع كورنيت في الرهوة بجرد عرسال».* اشارة تقارير في وسائل إعلام غير محسوبة على «حزب الله» الى انه في مايو الماضي سيطر الحزب والجيش السوري على التلال المواجهة لجرود عرسال ولم يتقدّم في الساعات الماضية الا لبضع كيلومترات في اتجاه نقاط كانت تحتوي مراكز صغيرة للمسلحين السوريين من «النصرة» و«جيش الفتح» وكانوا أخلوها في الأيام الماضية وتركوا فيها عدداً قليلاً من المسلحين.وفي موازاة ذلك، تفاعلت قضية الفيديو الذي تم بثه وانتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتظهر فيه مجموعة من سبعة ملثمين يزعمون أنهم من أهالي عرسال ويعلنون تشكيل «كتيبة الفاروق عمر» رداً على «التجييش الطائفي وتسليح العشائر الشيعية وسط الصمت اللبناني»، وفق بيان المتحدث باسم المجموعة التي بدا انها تقف في منطقة جردية.وجاء هذا التطور بعد ايام من الاعلان عن تشكيل «لواء القلعة» المؤلف من مكوّنات عشائرية شيعية في البقاع في «استنساخ» لتجربة الحشد الشعبي في العراق وملاقاةً لكلام الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله عن انه بحال لم تتخذ الدولة اللبنانية قرار تحرير جرود عرسال من «الارهابيين» فان اهالي بعلبك - الهرمل «لن يسمحوا ببقاء اي تكفيري في هذه الجرود».الا ان رئيس بلدية عرسال علي الحجيري وضع إطلاق «كتيبة الفارق عمر» في نفس سياق كلام من اسماه «احد ابواق حزب البعث في لبنان اديب الحجيري»، الذي كان طالب «الجيش بدخول عرسال وتحرير جرودها من العصابات التكفيرية». وقال: «تزامن تصريح اديب وبيانه، مع فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمجموعة اشخاص ملثمين، يعلنون تشكيل لواء الفاروق عمر. ونقول ان عرسال واهلها ملتزمون بالجيش اللبناني والشرعية اللبنانية، وغير معنيين بتشكيل ميليشيات وما شابه ذلك، وهذه«المصادفة»الغريبة في التوقيت تلفت إلى ان من افتعل هذا الفيديو وعمل على نشره، هي نفس الجهة التي تقف خلف أديب الحجيري وامثاله».