كشفت مصادر قريبة من مركز القرار العسكري - السياسي في سورية لـ «الراي» أن «نحو 6 آلاف مقاتل وصلوا كطلائع للقوى التي ستتمركز في أمكنة عدة داخل مناطق نفوذ النظام، وستليها قوات أخرى تصل تباعاً، كجزء من دعم خط الممانعة، من حلفاء سورية وإيران، لمجابهة الخرق الذي حصل بدعم من تركيا ودول أخرى في المنطقة للخطوط الحمر في شمال سورية، ولمجابهة أصدقاء إسرائيل في جنوب سورية ايضاً».وعلمت «الراي» أن هؤلاء المقاتلين الستة آلاف توزعوا على مناطق مختلفة وبدأوا بالتعرّف على جغرافيا البلاد، ليشكّلوا لاحقاً حلقة من حلقات القوة، لبناء جدار دفاعي بوجه المسلّحين، وتم نشرهم في مدينة «البعث» في درعا وريف حماة وحول اللاذقية، في انتظار وصول دفعات اخرى متتالية مجهّزة ومدرَّبة، مهمتها الحفاظ على المدن التي يريد النظام إبقاءها تحت سيطرته.وفي المعلومات الخاصة، ان هذه القوات لن تكون رأس حربة للهجوم على اي مناطق اخرى او تحاول استرداد مناطق ومدن سقطت بيد «جبهة النصرة»، او تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) او فصائل المعارضة السلفية او «المعتدلة» الاخرى.ونفت المصادر القريبة من مركز القرار في دمشق، ما يشاع عن دعم جيش النظام لـ «داعش»، مشيرة الى انه «ادعاء سخيف وركيك لا يستحق التعليق، فتنظيم (داعش) ليس عدواً للنظام السوري فحسب، بل هو عدو للجميع، ومكافحته مسؤولية العالم كله، خصوصاً دول المنطقة».وأضافت: «سورية لن تحارب (داعش) نيابة عن العالم، بل على العالم ان يضمّ جهوده الى جهود سورية لوقف تمدُّد هذا التنظيم والقضاء عليه، وإلا فنحن نستطيع مع حلفائنا الدفاع عن العاصمة ومدن اخرى نبقى فيها ونعمل على تحصينها الى ما لا نهاية، وتالياً ليبقَ (داعش) يتمدد خارج سورية ونحو مدن شرق اوسطية وإفريقية وإسلامية أخرى».وفُهم من مصادر مراقبة في سورية، ان واقعاً جديداً بدأ يبرز ويعبّر عن نفسه متمثّلاً بصراع إيراني - تركي، مردّه الى سماح تركيا لـ «جبهة النصرة» وحلفائها من المعارضة باستخدام الاراضي التركية لاندفاعة أعداد كبيرة الى الشمال السوري واحتلال إدلب وجسر الشغور، وأن مشكلة النظام السوري مع تركيا هي نفسها التي يواجهها في درعا والجولان والقنيطرة، حيث تقدّم تركيا وإسرائيل الدعم اللوجستي والطبي والاستخباراتي للقوى على الارض. ولهذا فإن النظام السوري وحلفاءه قرروا - بحسب هذه المصادر- إعادة النظر بانتشار القوات السورية في مناطق بعيدة عن نقاط الدعم اللوجستي والعسكري والجوي، انطلاقاً من الحرص على الحفاظ على القوى البشرية، خصوصاً أن أعداد مقاتلي «داعش» و«النصرة» والمعارضة السورية المسلّحة تفوق أعداد قوات النظـــــام وحلــفائها.وكشفت المصادر نفسها عن ان «دراسة معمّقة للوضع الجيو - سياسي والعسكري، تشير الى ان الحرب السورية طويلة الامد، ومن الصعب ان تفضي الى غالب ومغلوب، وتالياً تَقرّر اعتماد مبدأ (اقتصاد القوى) على مستوى العديد والعتاد، وتَقرّر الاستغناء عن مناطق جغرافية مثل تدمر وإدلب وجسر الشغور والقرى المحيطة بها، لأنها كانت تأخذ اهتماماً كبيراً من القيادة للحفاظ عليها والصمود فيها، علماً ان هذا الجهد غير ذي منفعة استراتيجية، فالأهمّ هو الحفاظ على دمشق وصمود (الرئيس) بشار الاسد في العاصمة وحولها، لأنه امر كافٍ للاعتراف بدور النظام كجزء من المعادلة السورية».واشارت هذه المصادر لـ «الراي» الى انه «بناء على هذه الخلاصات، اقتنع قادة دمشق بأن تُترك المناطق الشاسعة والارياف والمدن البعيدة لـ (داعش) و(النصرة) والمعارضة السورية المسلحة، الى حين اقتناع المجتمع الدولي بضرورة محاربتهما (التنظيم والجبهة)».وهكذا، قررت دمشق ومعها ايران و«حزب الله» اللبناني، ان من الافضل تجميع القوات المنتشرة على مساحات شاسعة، وحصْر تمرْكزها في مناطق محددة لتشكّل خط دفاع صلباً، ولحماية طرق الإمداد والمدن، خصوصاً اللاذقية، التي يتم الاعتماد عليها في عمليات الإمداد بالذخائر والمؤن الآتية من البحر والجو، ودمشق حماة وحمص ونقاط اخرى مثل بلدتيْ نبّل والزهراء، ودعمها بطائرات عمودية ونقاط تشغيلية اخرى تبقي المسلّحين في وضع مناوراتي، ما يعني ان ما يريده حلفاء النظام السوري هو الحفاظ على رأس الحربة للجيش السوري الذي أُنهك في جبهات عدة مترامية على الجغرافيا السورية الواسعة، واستقطاب قوات قتالية مدرّبة من الدول التي تتمتع إيران بنفوذ فيها مثل افغانستان وباكستان والعراق وغيرها، لتثبيت قواعد جديدة داخل سورية.وأكدت المصادر ان «(حزب الله) كان يملك كتيبتيْن في ادلب، انسحبتا عندما قررت القيادة سحب القوات، والتحقتا بجبهات في مناطق ساخنة اخرى»، مشيرة الى ان «ما يشاع عن إنهاك (حزب الله) في المعركة الدائرة في سورية بعيد عن الواقع، لان الحزب زجّ بقوات جديدة في معركة القلمون من دون ان يحرك اي ضابط من اولئك المنتشرين في دمشق ومناطق اخرى، وأن الزج بأعداد غير مدروسة يســــاعد على زيادة عدد الاصابات، فهناك قوى بحسْب الحاجة وضباط ذوو خبرة في الأمكنة المناسبة، والخطط العسكرية هي التي تتبدل وتتأقلم مع اي واقع جديد على الارض، خصوصاً اننا نجابه حرباً قد تستمر سنوات عدة».